افتعال حادثة وليم نون: فعلا إنه توقيت مشبوه وغبي (حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز
لما لا؟
منذ أن اتخذت القوات اللبنانية جريمة انفجار المرفأ رهينة بين يديها، من خلال وليم نون، ووظفتها سياسيا في خدمة مشروع التحريض السياسي والمذهبي، قررت على ما يبدو أن تواصل الضغط والترهيب على القضاة والقضاء لمنعهم من اعتماد المعايير المهنية في التحقيق، فأقدمت على ممارسة سلوك احتجاجي عنفي يشكل عنصرا من عناصر التأثير النفسي على القضاة من أجل الاستثمار السياسي وضمان أحكام سياسية لا تتصل إلى الحقيقة بصلة.
كيف ذلك؟
في التوقيت، يصدف أن يصعّد وليم نون ومجموعته تحركاته عشية كل اجتماع لمجلس القضاء الأعلى للبحث في اخراج ملف التحقيقات من المرفأ من الشرنقة التي ادخلها بها قاضي التحقيق العدلي طارق بيطار.
لقد تبين لغالبية أعضاء المجلس العدلي أن بيطار أخد الملف إلى الحيز السياسي وقرر نتيجة ضغوطات من تحت ( وليم نون ومجموعته) ومن فوق (مجموع السفراء الأجانب) أن يوقف وزراء ونواب وقادة امنيين وموظفين فورا وقبل التمعن بالتحقيق لمجرد شبهة الإهمال… فيما هو أغفل توقيف وزراء ونواب وقادة أمنيين وموظفين على صلة أشد وأوثق بالملف موضوع التحقيق.
فعلا توقيت مشبوه…
لأنه ممنوع تصحيح المسار القضائي للملف والبدء من حيث يجب أن تأخذ التحقيقات مسارها الطبيعي والمهني:
– من سهل وادخل سفينة نيترات الامونيوم ولمصلحة من؟
– من هو المسؤول الأول أمنيا عن ملف المتفجرات والذخائر المتفجرة في لبنان؟
– من هم القضاة الذين استجابوا لضغوط سياسية، من أجل منع ترحيل السفينة أو التصرف بموجوداتها؟
فعلا التوقيت مشبوه..
لأن إطلاق سراح بعض الموقوفين تعسفا بالملف جريمة؟
ولأن سلوك التحقيقات مسلكاً مهنياً جريمة؟
لقد حدث أن وقع في تولوز ( المدينة الفرنسية) انفجار مماثل في ٢١ أيلول العام ٢٠٠١ ( بعد أقل من اسبوعين من هجمات ١١ ايلول عام ٢٠١١ في نيويورك) وأدى إلى اضرار متفاوتة بثلثي مباني المدينة والى إصابة نحو ٢٦٠٠ مواطن وسقوط ٣١ ضحية.
وخلافا لعنتريات البيطار، أخذ التحقيق مجراه الطبيعي واستمر قرابة ٧ سنوات حيث بدأت المحاكمة بتاريخ ٢٣ شباط ٢٠٠٩.
والأهم من ذلك، ونظرا لأهمية هذا الحدث الذي اعتبر الأكبر في تاريخ محاكمات فرنسا، فقد أسندت مهمة إدارة الجلسات إلى مجلس من خمسة قضاة مقابل ثلاثة في محاكمات سابقة، ومثل النيابة العامة قاضيان بدل قاض واحد…
والأكثر أهمية، أن المدير المسؤول عن مخزن نيترات الأمونيوم مثُل امام المحكمة بتهمة القتل غير العمد والتسبب بأضرار مادية ومخالفة لقانون العمل…
لم تستطع المحكمة تكوين ادلة للإدانة جنائيا، بل ادانت مدير المصنع سيرج بيشلان ” بالقتل الخطأ وايقاع إصابات وتدمير ممتلكات”. وغرمت الشركة ب 2.6 مليار دولار.
أروي هذه الواقعة لعل نون ومن يديره وبعض المتعاطفين معه، لاعتبارات شعبوية “غبية” تزيد الموقف تحريضاً، ولا تساعد في التحقيق بشيء، كموقف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، يدركون أن التحقيقات يجب أن تترك وتعزل عن مثل هذه المؤثرات السلبية.
والتوظيف السياسي “الغبي” من خلال اتهام بعض الوزراء والنواب والقادة الأمنيين بالقتل العمد في ملف المرفأ دون اي تحقيق فعلي!.
في العودة الى ملف نون،
لقد انتصر مدعي عام بيروت القاضي زاهر حمادة للقضاء وهيبته، للدولة ولمشروع الدولة الذي يتهاوى امام مجموعة امتهنت الهيمنة على مقدراتها والتعامل بعقل ميليشيوي، وها هي في حركتها المنظمة والمنسقة سلفا، المتصلة بتوقيف نون تؤكد ذلك.
لقد حاولت الضغط على مجلس القضاء الأعلى بطريقة الترهيب والتهديد بالقتل والتفجير….
وحشدت المناصرين لمنع التحقيق مع مطلق التهديدات….
وكثفت الاتصالات السياسية من أجل إطلاق سراحه قبل اتمام التحقيق.
والنتيجة أن القاضي حمادة أصر على اتمام الاجراءات، فهي ليست المرة الأولى التي يتعرض لها القضاة إلى مثل هذه التهديدات. وكان أن حدث تعد سافر قبل يومين في بلدة شمالية حيث هدد بعض الشبان وحقروا عناصر من قوى الأمن الداخلي… ما يؤشر إلى تحلل مطلق للدولة وهيبتها… فإلى أين تريدون أخذ البلاد؟
تخيلوا أن أنصار كل موقوف سيسلكون مذهب نون والقوات فماذا سيحصل في البلاد؟
ماذا لو أراد أهالي من قُتلوا عمدا في الطيونة، المطالبة بتصحيح مسار العدالة في قضية المرفأ؟
أو ماذا لو تعامل بعض المغالين من ابناء الأوزاعي أو السلطان ابراهيم أو الجناح مع الحشد القواتي في محلة الجناح تضامنا مع نون، كمثل ما تعاملت عناصر قواتية مع اناس عزل في الطيونة؟
ماذا لو تظاهر أهالي ضحايا التفجيرات الارهابية التي حدثت في غير مكان في لبنان، للضغط على القضاة كمثل ما يفعل نون ومجموعته؟
ارحموا عقول الناس واتقوا الله ولا تخافوا قاضيا ينتصر لهيبة الدولة، كزاهر حمادة، بل احذروا كل قاض فقد بصيرته ورهنها لمصالح خارجية.