رأي

اسرائيل في الحرب الرابعة:مفاوضات بوجوه متناقضة.. ولا وقف للنار !(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

  شهر على بدء الإجتياح البري الإسرائيلي لجنوب لبنان ،مترافقاً مع ارتكاب المجازر ضد المدنيين ،كنموذج متكرر لمجزرة “غزة” ،ومجازر “قانا وبعلبك” وتدمير المدن والقرى كنموذج لم تقم به اسرائيل في اجتياحاتها وحروبها  على لبنان، فكانت تحتل القرى ولا تدمرها ولا تجرف مقابرها ،أما في حربها “الرابعة” على لبنان وأسمتها “حرب القيامة” ووصفتها بانها حرب حضارية ووجودية، فهي تعلن تمايزها واختلافها عن حروبها وإجتياحاتها السابقة على لبنان التي انحصرت أهدافها بحفظ الأمن للمستوطنات وابعاد خطر الصواريخ.

لأن اهداف هذه الحرب تختلف عن سابقاتها ،فلا بد للبنانيين، سواء أهل المقاومة او بقية اللبنانيين والحكومة الرسمية التي تفاوض بإسم لبنان، ان يتعاطوا مع الأمر على أساس اهداف إسرائيل  وليس وفق رغباتهم، وكأن الأمر يتعلق بتنفيذ القرار 1701  وانتخاب رئيس للجمهورية ،بل على أساس المشروع الإسرائيلي الهادف ،لإخلاء الجنوب من سكانه “الشيعة” –كما تقول إسرائيل وإعلامها- الذين تعتقد اسرائيل انهم عنصر التوتر والتهديد لها  منذ احتلال فلسطين عندما قاموا بإمداد ثورة 1936 بالسلاح، ثم اتّبعوا ثقافة الأحزاب اليسارية للانقلاب على الاقطاع السياسي المحلي المهادن وأحتضنوا المقاومة الفلسطينية حتى اجتياح 1982، ثم اسّسوا مقاومة شعبية محلية ذات “فكر ديني”  استطاعت تحرير الجنوب مع بقية الاحزاب بدون اتفاقية سلام، ثم تطوّرت وشاركت بمنع اسرائيل من تنفيذ مخططاتها داخل فلسطين بدعم المقاومة الفلسطينية المسلّحة، ولعبت دوراً إقليمياً  ضد المشروع الأميركي-الاسرائيلي المسمى “الربيع العربي” ما حشد العرب ضدها ويخوضون معركة تصفيتها!

رفضت اسرائيل وقف النار عام 1982 إلا بعد القضاء على المقاومة الفلسطينية في لبنان، واحتلت العاصمة، وهكذا كان فتم نفي المقاومة الفلسطينية الى الدول العربية، وأستقرت في اتفاقيات “اوسلو” مع السلطة الفلسطينية. وتعمل اسرائيل وحلفاؤها في “الحرب الرابعة” ،للقضاء على المقاومة في لبنان وإبادة أهلها وتدمير قراها ونفيهم الى خارج لبنان او تشتيتهم ،مهما طال وقت الحرب وبكل الوسائل المتوحشة بهدف تأمين حل مستدام للأمن الاسرائيلي وفق ثلاثة حلول”:

–  الأول: إخلاء منطقة جنوب الليطاني من المقاومة المسلحة واقامة شريط عازل خال من السكان والبيوت وحركة المدنيين ، بعمق ثلاثة كيلومترات على طول الحدود .  

– الثاني: إخلاء الجنوب من السكان الشيعة واقامة مستوطنات إسرائيلية في قراهم(والإبقاء على بقية الطوائف)  ضمن مشروع إسرائيل القديم عند تأسيسها. وقد بدأت بعض الشركات الإسرائيلية بنشر اعلانات ،لتسويق بيع منازل في الجنوب.

– الثالث:إخلاء منطقة الجنوب وتوطين الفلسطينيين والنازحين السوريين بعد تجربة السلطة الفلسطينية في الضفة والمعارضة السورية في الجولان بديلا عن جيش” لحد” في التجربة اللبنانية.

المشكلة التي نعيشها في مفاوضات وقف النار ،أن إسرائيل تفاوض على أساس مشروعها “التوراتي”، ولبنان يفاوض على أساس القرار 1701 ، وينتظر عودة “هوكشتاين” ويظن ان وقف النار قريب وفي أيام معدودة!

على المقاومة ومحور المقاومة ان يخوضوا المعركة على أساس منع الاهداف الإسرائيلية الاستراتيجية غير التكتيكية المرحلية، وأن يستعدوا لمواجهة طويلة دون سقوف زمنية  ودون قيود او أخلاقيات.

إن العدو يخوض معركته ،بناءً للمفاهيم الدينية في التوراة والتلمود، حيث يقاتل لتفسير آيات التوراة “ميدانياً” التي تأمره  ( وَإِنْ لَمْ تَطْرُدُوا سُكَّانَ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ يَكُونُ الَّذِينَ تَسْتَبْقُونَ مِنْهُمْ أَشْوَاكًا فِي أَعْيُنِكُمْ، ومناخس فِي جَوَانِبِكُمْ، وَيُضَايِقُونَكُمْ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا، فَيَكُونُ أَنِّي أَفْعَلُ بِكُمْ كَمَا هَمَمْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِهِمْ) وعلينا ان نقاتلهم وفق المفهوم القرآني( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ…)

  إن باب النجاة الوحيد لتحقيق وقف النار ،لن يكون ،إلا بصمود المقاومة وإنزال الضربات النوعية والخسائر الكبرى بالعدو. ولكي تصمد المقاومة وتمنع المشروع الإسرائيلي على محور المقاومة  وفي مقدمته إيران ، المشاركة دون تأخير وبلا تردد، بدعم المقاومة التي لم تقصّر معها ودفاعا عن نفسها ،لأن من يتردّد ويتأخر سيلقى المصير الذي لاقته المقاومة في غزة او ستلاقيه المقاومة في لبنان إذا تُركت وحيدة ويتيمة مع كل شجاعتها وبسالتها وإخلاصها وصدقها وقد قدّمت قائدها ورمزها وآلاف الشهداء والجرحى .

إننا متفائلون بالنصر،باتكالنا على الله  سبحانه  وشجاعة المقاومين وصبر أهلنا النازحين ،فكما حرّرنا الجنوب عام 2000 بعد 18 عاما من الاحتلال ،فإننا قادرون على افشال المشروع الأميركي_الإسرائيلي_ العربي ،لكن سيكون ثمن ذلك الكثير من الشهداء والجرحى والأحباب والنازحين وتدمير البيوت والقرى والمدن والأحزان والآلام والعذابات والكثير من الوقت…لكننا لن نسامح من يستطيع رد القتل عنّا ولم يبادر ،ونشكوه الى الله يوم القيامة …

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى