اسرائيل تحتفظ بحق الردّ “في الوقت والمكان المناسبيّن “(جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز- خاص
هذا ما قاله وزير الأمن الاسرائيلي يوآف غالانت ، عند زيارته الحدود اللبنانية الفلسطينية ، غداة الاعلان عن عملية “مجّيدو ” ، في ١٣ آذار الجاري . هدّدَ الوزير مَنْ يقف وراء عملية التسللّ والتفجير ، و وعدَ بالرّد في الوقت والمكان المناسبيّن .
لا يساور الكيان المحتل الشكُ بأنَّ العملية هي من صناعة وتنفيذ حزب الله ، وافصح جنرالات الكيان علنا عن ذلك ،مستندين الى مؤشرات فنيّة وعسكرية وقدرات تقنيّة ،لا يمتلكها الاّ مقاتلو حزب الله . ( للاستزاده عن الموضوع ،انظر تقرير مفصّل، بعنوان ، لماذا لم ترّد اسرائيل ولم تتهم حزب الله ؟ ، صحيفة رأي اليوم الالكترونية ،بتاريخ ٢٠٢٣/٣/٣٠ ) .
ارتأتْ اسرائيل أنْ تتحاشى رسمياً توجيه الاتهام لحزب الله ، وانّ تتبنى الغموض وعدم الافصاح عن سير العملية ونتائجها ، كذلك كان مسار حزب الله ،حيث هو الآخر تعّمد سلوك الغموض البنّاء ، ولم يفصح عن تبنيه العملية .
لطالما توقّف و استفهّم كثيرون عن بيانات سوريّة و ايرانيّة تندّد بعدوان وبهجمات اسرائيلية ومتكررّة على اراضيهما ومنشئاتهما ، وتنتهي بعبارة “ونحتفظ بحق الرّدْ في الوقت وفي المكان المناسبيّن “، اليوم نرى الكيان المحتل ، والمعروف بتهّورهِ وتمرّده على كل القوانين والشرائع الدولية ،والمُدجّج بأحدث الاسلحة والمدعوم امريكياً و غربياً،من دون خطوط حمراء ،يلجأ الى “تكتيك الرّدْ في الوقت و المكان المناسبيّن”.
ماذا يعني ذلك؟
بكل تأكيد ،لا ينقص الكيان السلاح ، ولا القدرة العسكرية على الرّد ،و لا ينقصه الدعم الامريكي و الغربي ، ولكن حساباته السياسية ووضعه الداخلي لا يؤهلانه الآن، للرّد العسكري.
لجوء اسرائيل الى الاستعانة بعبارة ” الرّدْ في الوقت وفي المكان المناسبيّن ” يوضح ايضاً المدى الذي بلغتهُ تهرأ قوة الردع التي كان يتباهى بها ازاء لبنان .
لم يردّ الكيان على عملية “مجيّدو ” لخشيته التصعيد او الذهاب الى حرب ، وهذا يدّلُ ايضاً على انّ خيار الحرب لدى الكيان لم يعدْ متاحاً او سهلاً ، ولم يعدْ قراراً مرهوناً بأرادته .
حرمان اسرائيل من خيار الحرب يصّبُ في مصلحة أمن واستقرار المنطقة، وخاصة في مصلحة الدول والشعوب العربية، لأنَّ اسرائيل تنمو وتتوسّع من خلال الحروب، والسلام عدو لاسرائيل . وقوة الردع التي يمتلكها حزب الله ازاء اسرائيل تساهم ،بشكل او بآخر في منع وقوع الحرب، تساهم في لجم اسرائيل من الذهاب الى خيار الحرب ، وعندما تسود المنطقة معادلة توازن القوى وتوازن قوة الردع تنعمُ بالسلام وتتفادى الحرب.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل