استقلال خارج الحدود: اللبنانيون في باريس يرفعون صوت الوطن (مريانا أمين)

مريانا أمين – الحوارنيوز- باريس
في كلّ عام، يحمل عيد استقلال لبنان معه نبضاً لا يشبه سواه. هو نبض يوقظ ذاكرة وطن يعاند الألم ويصون الأمل مهما تكسّرت على عتباته الأزمات. ولأنّ الانتماء لا تحدّه المسافات، يتحوّل هذا اليوم إلى عيدٍ مضاعفٍ عند اللبنانيين في الاغتراب الذين يجدون فيه فرصة لملامسة الوطن من بعيد، ولجمع حنينهم على طاولة واحدة.
وفي باريس، حيث الجالية اللبنانية إحدى أكثر الجاليات حضوراً وتفاعلاً، يصبح الاحتفال بالاستقلال موعداً ينتظره الجميع ليؤكدوا أن لبنان يعيش في القلب مهما غاب عن العين، وأنّ الاستقلال الحقيقي سيبقى حلماً قريب المنال مهما طال الانتظار.

بمناسبة الذكرى الثانية والثمانين لاستقلال لبنان، وجّه سفير لبنان في فرنسا، ربيع شاعر والسيدة ستيفاني شاعر دعوة رسمية لأبناء الجالية اللبنانية للمشاركة في الاحتفال الذي أقيم بحضور وزير الداخلية والبلديات في لبنان اللواء أحمد الحجار، في دلالة واضحة على أهمية التواصل الدائم بين الدولة اللبنانية وجالياتها حول العالم، وعلى الدور المتنامي للانتشار اللبناني في دعم وطنهم الأم.
أقيمت الفعالية يوم الخميس 20 تشرين الثاني 2025 في قاعة الاحتفالات التابعة لبلدية الدائرة الخامسة عشرة في باريس، من الساعة 19:00 حتى 23:00. وقد شُدّد عند المدخل على ضرورة إبراز إثبات هوية لبنانية لضمان أمن وسلامة الحضور، نظراً للطابع الرسمي للمناسبة والطاقة البشرية الكبيرة المتوقعة.
تميّز اللقاء بأجواء دافئة عبّرت عن عمق الرابط الذي يجمع أبناء الجالية اللبنانية بوطنهم، رغم المسافات. فقد شكّل الاحتفال فرصة لاستعادة شيء من ذاكرة لبنان الجميل، وللقاء وجوه لطالما جمعها الحنين نفسه. العلم المرفرف، النشيد الوطني، واللحظات الودية بين المشاركين أعادت إلى المغتربين شيئاً من روح الوطن ودفئه، فبدا المكان وكأنه مساحة صغيرة تستعيد فيها الجالية جزءاً من لبنان الذي حملوه معهم إلى باريس.
ومع اختتام الفعالية، بدا واضحاً أنّ شوق اللبنانيين لوطنهم هو المحرّك الأساسي لهذه اللقاءات. فعلى الرغم من البعد الجغرافي، يظلّ ارتباطهم بلبنان راسخاً، يعكس تمسّكهم بهويتهم وإيمانهم بمستقبل أفضل لوطنهم الأم. وقد جسّد حضورهم، وتفاعلهم، والتزامهم بروحية المناسبة، قناعة راسخة بأنّ الاستقلال ليس حدثاً تاريخياً فحسب، بل قيمة وطنية متجدّدة تتجاوز الزمن. هكذا، غادر المشاركون القاعة محمّلين بروح وطنية واحدة وأمل صادق بلبنان آمن، مستقر، وعاد، وطن يليق بأبنائه أينما كانوا.


