د. نظير جاهل – الحوارنيوز خاص
مع استحالة التوافق الحكومي كمؤشر على انهيار الصيغة الكيانية يتعطل نظام الاقفال السلطوي، الذي صوّر تحلل وجودنا أمرا عاديا لا علاقة له بالخيارات السلطوية الإقليمية واللبنانية التأسيسية التي أدت إلى الامعان بتخريب دورة حياتنا وتشويه أطرها الاجتماعية الاقتصادية باسم ضرورات الاعمار والمقاومة.
فعندما تبتلع شركة عقارية المدينة باسم الاعمار وتحولها الى مورد لها وترهن البلاد بالدين العام،
وعندما يبتلع جهاز عسكري مشيخي طائفة باسم المقاومة ويحوّلها إلى جماعة ولائية معزولة كبطانة له،
ماذا ينتج عن التوافق بينهما وكيف يمكن أن يتقاربا لينتجا دولة؟
لم ينتج الا الانهيار والوهم.
“المدينة -الشركة” و”الطائفة- الجهاز”
فما حصل فعلياً بعد انهيار مشروع المارونية السياسية التي أمّنت مزاجا لكيانية رجراجة انفتحت على زمن الحرب الاهلية وأستُهلِكت في زمنها، ليس استعادة الصيغة الطائفية التي سادت قبلها. بل انهيار مبدأ الاجتماع الذي قامت عليه هذه الكيانية دون حلول اي مبدأ بديل.
لقد استبدل شكل الطائفة الشيعية بالجهاز الحزب والحقت العلاقات المدينية التي طبعت المزاج السني تاريخيا بشركة عقارية وتحولت إلى هامش لها.
والواقع هو أن لا خيار “الإعمار- الشركة” الذي شل الجماعة المدينية كان الخيار الوحيد الممكن لإعادة الاعمار.
ولا خيار الجهاز الذي حول الطائفة إلى محيط ولائي له كان بديلا للجماعة الطائفية التقليدية المنفتحة على الكيان التي تعنونت بالمرجعية الشيعية التقليدية التي شكلت حاملا لمشروع السيد موسى الصدر لبناء وطن… كما أنه لم يكن الشكل الوحيد الممكن للمقاومة.
زمن النهايات
وإذا كنا الآن في زمن نهاية الخيارات الإقليمية وزمن انهيار سوريا المدماة الرازحة تحت السيطرة الدولية المباشرة نشهد انهيار الكيان، فالمسؤولية واضحة والحل المطلوب واضح وهو تحرير المدينة من الشركة واحتضان الطائفة للمقاومة فعليا وليس بوصفها بطانة لها. احتضانها كأساس لإعادة بناء الوطن. وأن وحدها الدورة السوية بين المدينة والطائفة تستعيد الدولة. وإذا كان هذا الكلام يبقى كلاما وهمياً لا حامل له في الواقع فلأن الواقع الذي نعيشه هو أشد وهماً من الكلام بما هو واقع ممسوخ أقرب الى مادة لزجة للوصايات الدولية!
*اكاديمي وباحث لبناني
زر الذهاب إلى الأعلى