هشام أبو عرم – الحوارنيوز خاص
لا شك أن الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية قد سبقت تحركات الشارع بأشهر عديدة وكانت هذه الازمة سببا مباشرا، الى حد ما، لهذه التحركات وليس نتيجة لها…
ومن المعروف أنه منذ أشهر عديدة سابقة لأزمة فقدان النقد على صناديق المصارف التي شهدت تقنينا واضحا للمبالغ المسحوبة نقدا بالدولار الاميركي وبعمليات المقاصة بين حسابات الزبائن بالليرة اللبنانية والدولار الاميركي وللعمليات التجارية او تغطية لشكات محررة بالدولار الأميركي، وقد وصلت الامور الى حدها الخطير في المصارف الى مستوى تحديد سقوف اسبوعية للسحوبات ليس بالدولار فقط انما بالليرة اللبنانية ايضا.
هذا الواقع انما هو نتاج سياسات مالية انتهجتها الطبقة السياسية الحاكمة وحكوماتها المتعاقبة التي لم تفكر الا بمصالحها الخاصة متحالفة مع الرأسمال بوجهيه: المصارف والمصرف المركزي والهدف الربح "بلا تعب او مخاطرة.."
اذا، مشكلة النقد وفقدان السيولة نابعة من عمليات المصارف مع مصرف لبنان صاحب الهندسات المالية المربحة بالنسبة لهذه المصارف..
هذه الازمة بفقدان اوراق النقد الاميركي و قلتها بالعملة اللبنانية وانعدام ثقة الناس بدولتهم هي نتيجة طبيعية لعقم النموذج الاقتصادي والنقدي في لبنان وليس نتيجة لما هو حاصل في الشارع المطالب بمحاسبة الفاسدين من الحكام و استعادة الاموال المنهوبة من قبل كل من تسلم سأنا عاما دون أن ننسى أموال أصحاب المصارف واعضاء مجالس اداراتها و كبار مدراءها التنفيذيين .
لقد أدى هلع المودعين و خاصة الصغار منهم بموجة الى الإندفاع نحو صناديق المصارف لسحب بعض اموالهم مما سبب ضغطا كبيرا على هذه المصارف وادت الى بعض المواجهات و المشاكل مع موظفي تلك المصارف مما دفع بما يسمى "اتحاد موظفي المصارف" باتخاذ قرار الاضراب و اقفال المصارف.
المفاجأة كبيرة حيث وضعت هذه النقابات الصفراء الغائبة تاريخيا عن ساحات العمل النقابي المكتفية فقط بالحوار مع جمعية المصارف لتوقيع عقد بينهما كل سنتين دون تحقيق اية مكاسب تذكر لصالح الموظفين من ناحية وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والمالي والتقاعدي .
ان قرار الاضراب تحت حجة الوضع الامني للموظفين مشبوه، خاصة وانه في اسوأ الحالات الامنية والحروب لم تقفل المصارف صناديقها وكان النقد في جميع فئاته مؤمنا بالكميات المطلوبة من المودعين.
ان أمن الموظف وأمانه لا يكون بتفيذ الاضراب المشبوه واقفال المصارف، وإن كان لا بد من بعض التدابير الإحترازية والحكمة والمصارحة مع المودعين، انما يكون بتأمين الأمن الوظيفي اولا واخيرا وحمايته اذا ما اراد الانتساب للنقابة دون خوفه من التهديد بالطرد من الوظيفة كما هو حاصل في بعض المصارف وحمايته من الصرف التعسفي بتعويض حده الاقصى 12 راتبا شهريا و يترك دون ضمان اجتماعي و صحي. ان امن الموظف يكون بتأمين تقاعده وربطه بحماية صحية واجتماعية لا برميه في المجهول.
ان اضرابكم ايها السادة في هذا الاتحاد الذين لا يعرف اسماءكم معظم موظفي المصارف لا يكون في مواجهة المودعين وتحميلهم اقضية موظفيكم انما الاجدى كان لو اعلنتم الاضراب بوجه جمعية المصارف والضغط عليها وعلى مجلس ادارتها لاسترجاع اموالها المهرّبة الى الخارج لتأمين الاموال اللازمة للمودعين وتأمين حسن سير العمل المصرفي بما يضمن امن المواطن والموظفين.
الشبهة تدور حولكم، قمتم بما لم تستطع جمعية المصارف القيام به بالتنسيق معها وانقاذا لها من واقع اوقعت به نفسها والمواطن والوطن.