ابو كسم:عقوبات اوروبية محتملة تحت عنوان الارهاب وحقوق الانسان
الحوارنيوز – خاص
لم يستبعد الحقوقي الاكاديمي الدكتور انطونيو أبو كسم عقوبات أوروبية عدة بحق أشخاص وقيادات لبنانية، “منها إدراج أشخاص على قائمة الإرهاب أو على قائمة منتهكي حقوق الإنسان”.
كلام أبو كسم جاء في إطار حوار معه بعد زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل الى لبنان وقد عبّر الأخير عن قلقه للوضع المتدهور في البلد. وترافقت تصريحاته مع أجواء تشير إلى أن لجنة “بروليكس” الأوروبية المعنية بنظام العقوبات ستبدأ البحث في فرض عقوبات على عدد من المسؤولين اللبنانيين، الذين يعطلون تشكيل الحكومة.
“الحوارنيوز” استطلعت ابو كسم حيال نتائج زيارة بوريل وملف العقوبات من الناحية القانونية.
وتحدث ابو كسم عن الاحتمالات في المرحلة المقبلة.
قال أبو كسم إن لبنان ينتظر المجهول، والذي بدأت ملامحه بالظهور… الانهيار الاقتصادي والنقدي، تعطل مرافق الدولة، انقطاع الطاقة، انقطاع الدواء والمواد الأولية. أما الخوف وفقاً له، فيتمثل بتأثير الأزمة في مرافق الأمن، “ما سيؤدي إلى توترات أمنية ومواجهات مسلحة مجهولة الأفق”.
واعتبر “أن الدول الأوروبية الصديقة للبنان تسعى إلى فرملة التدهور لعدم الوصول إلى الانهيار الشامل، عبر توجه صريح لدعم الجيش اللبناني، وعبر الدفع الزجري لتشكيل حكومة، وهي لوّحت بسيف العقوبات على شخصيات سياسية تتحمل مسؤولية التعطيل”.
عن طبيعة العقوبات الأوروبية على لبنان ومدى فاعليتها، ذكر أبو كسم “أن العقوبات الأوروبية بهذه الحالة تفرض على أشخاص مسؤولين، وفي إمكانها أن تستند إلى تشريعات أوروبية عدة، منها إدراج أشخاص على قائمة الإرهاب أو على قائمة منتهكي حقوق الإنسان.
فما يرتكبه المسؤولون السياسيون بالفعل أو بالامتناع، يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان البديهية، بدءاً من انتهاك المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وانتهاك المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وانتهاك المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلى انتهاك نداء روما لمنظمة الفاو للعام 1996”.
وشدد على أن “لا مانع من توصيف تجويع وإفقار وسلب أموال الشعب اللبناني كجرائم ضد الإنسانية تستوجب العقاب، حيث يمثل التجويع المتعمد للمدنيين وسيلة من وسائل الحروب الأهلية”.
ورأى أنه “وفقاً لتشريعات الاتحاد الأوروبي، لائحة (1998-2020) وقرار (1999-2020) مجلس الاتحاد الأوروبي بشأن التدابير التقييدية ضد الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان تاريخ 7/12/2020، في إمكان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات -نظام العقوبات EUGHRSR- تستهدف الأفراد والمؤسسات والھیئات، بما في ذلك الجھات الحكومیة وغیر الحكومیة، والمسؤولين عن الانتھاكات الجسیمة لحقوق الإنسان أو المتورطین فیھا أو المرتبطین بھا في كل أنحاء العالم، مشيراً الى أن “ھذه الإجراءات التقییدیة تنص على حظر سفر الأفراد وتجمید الأصول، إضافة إلى منع الأشخاص والھیئات في الاتحاد الأوروبي من توفير الأموال لأولئك المدرجین على القائمة”. واعتبر أيضاً أن “العقوبات تُقرر على أفعال مثل الإبادة الجماعیة والجرائم ضد الإنسانیة وغیرھا من الانتھاكات الجسیمة أو التجاوزات لحقوق الإنسان، مثل التعذیب والاعتقالات التعسفیة والاحتجاز وغيرها من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة للكرامة، حیث تكون ھذه الانتھاكات واسعة النطاق أو منھجیة”.
وخلص أبو كسم الى إعتبار أن “بوسع مجلس الاتحاد الأوروبي، بناءً على اقتراح دولة عضو أو الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجیة والسیاسة الأمنیة، إدراج أشخاص في قائمة العقوبات”، مشيراً الى أنه “حتى تاريخه، أدرج الاتحاد الأوروبي أكثر من 200 فرد وهيئة تحت نظام العقوبات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في الدول التالية: روسيا، الصين، كوريا الشمالية، ليبيا، إريتريا، جنوب السودان وإيران”.
أما بخصوص إقرار عقوبات على أشخاص بسبب الفساد، فكشف أن “لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، قد أقرت اقتراحاً الأسبوع الماضي يقضي بإضافة الفساد كفعل معاقب عليه في نظام عقوبات EUGHRSR، أسوةً بنظام العقوبات الأميركي US Global Magnitsky Act والبريطاني UK Global Anti-corruption Sanctions Regulations 2021”.
لائحة سوداء
تطرق أبو كسم في حديثه الى مقاربة عملية للعقوبات عرض فيها انعكاسات وضع الاتحاد الأوروبي لائحة سوداء بأسماء مسؤولين لبنانيين، معتبراً أن “عواقب إدراج شخصيات على أية لائحة سوداء تختلف بحسب طبيعة الجرم. ولكن بالإجمال، هي تؤدي إلى منع دخول هؤلاء إقليم الاتحاد الأوروبي، وتجميد حساباتهم المصرفية المودعة في دول الاتحاد، وهذا لا ينطبق على سويسرا أو بريطانيا كونهما ليستا في الاتحاد الأوروبي”. وقال: “حسب ما اختبرنا في أيام الحرب الأهلية، إن لدى الشخصيات اللبنانية مناعة قوية، حيث لم يلاحق أحد منهم لارتكابه جريمة أو لتورطه بملف فساد. فهذه العقوبات لن تؤثر إلا معنوياً، وهذا لن يؤدي إلى تبديل وجهة نظر المحازبين، الذين سيلتفون أكثر حول الزعيم المعاقب”.
وعما إذا كانت هذه العقوبات فاعلة أوضح أنه “استناداً إلى تجربة العقوبات الأميركية التي فرضت على شخصيات لبنانية بتهم الفساد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أن الشخصيات التي عوقبت، هي التي تتولى المفاوضات لتشكيل الحكومة العتيدة التي مفترض بها أن تنقذ لبنان”.
وشدد على أن “مجلس الاتحاد الأوروبي وحده مخول تعدیل قائمة العقوبات، بناء على اقتراح دولة عضو أو الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجیة والسیاسة الأمنیة”. وفي ما إذا كان يعتقد أن اللائحة قد تضم شخصيات نافذة من 14 آذار (مارس) قال: “هذا التمييز بين 8 و14 آذار (مارس) لم يعد جائزاً. لقد عدنا إلى المربع الأول إبان استشهاد الرئيس رفيق الحريري، فلقد عاد الحلف الرباعي من جديد مع الشعار الشهير “إلى اللقاء سوريا” الذي أطلقته عنوةً إحدى الشخصيات من ساحة الشهداء في 14 آذار (مارس) 2005. وبالتالي ليس الانتماء السياسي معياراً للعقوبات الأوروبية، بل أخلاقيات ممارسة الحكم من قبل شخصيات نافذة”.
إنذار للطبقة السياسية
اعتبر أبو كسم أن “العقوبات الأوروبية إن حصلت، ستشكل إنذاراً للطبقة السياسية، وهو أنه في الإمكان استبدالها عبر إجراءات وطنية وأخرى دولية. فالإجراءات الوطنية الاستثنائية، تكون عبر قيادة عسكرية انتقالية، لكن الواضح أن قائد الجيش يرفض إقحام المؤسسة العسكرية في السياسية انطلاقاً من مبدأ عدم عسكرة النظام وأن الجيش هو لحماية الديموقراطية وليس نظاماً بديلاً مناقضاً لها، وذلك بالرغم من ثقة المجتمع الدولي والرأي العام المحلي بالجيش اللبناني وأدائه”.
ولفت الى أنه “في حال نأى الجيش بنفسه عن هذه المهمة، فإن باب التدويل سيكون مشرّعاً عبر السعي لإنتاج نظام حكم جديد في لبنان، وإذا استحال الأمر بسبب التناقضات الكبيرة وتضارب المصالح، أهون الشرور هو البحث عن سلطة وصاية تضبط انتظام عمل المؤسسات الدستورية عبر ديموقراطية موجهة ومقنعة ومفروضة شبيهة بسلطة الوصاية ما بعد الطائف بمباركة عربية، إقليمية ودولية”، مشيراً الى أن “إنقاذ لبنان اقتصادياً ممكن شرط توطين الفلسطينيين بعد اندماجهم بالمجتمع اللبناني وكذلك منح الجنسية لعدد وفير من المهاجرين السوريين تحت عنوان تقاسم الأعباء ما بين الدول التي تستضيف مهجرين ومهاجرين سوريين”.