د.أحمد عياش
صديقي ،
اذا الاقدار حكمت، لا تعاند، لا تشاكس، ابتسم وامضِ في سبيلك طالما انك كنت و ما زلت تحاول، تصارع، تقاوم.
هذا قدرك، ان تبقى بين اشجارك شجرة ، بين صخورك حجرا، بين تلالك قبضة تراب، بين سهولك زهرة ربيع ،في عزّ تعبك عقرب صيف وفي اقهر اوجاعك افعى ،تجيد لعبة الاختفاء في برد الشتاء.
إذا شئتَ أمراً وشاءت الاقدار مسائل أخرى، لا تقهر نفسك بأسئلة لماذا وكيف وياليت ، لا تغرق في مستنقع التحليل والتأويل والإتهام في كل الاتجاهات بما فيه الاتجاه نحو نفسك فالحياة لا تختصر بمعادلة وبفرصة وحيدة مهما كانت غالية، والعمر لا ينقسم لمسارين ولا لأكثر.
الأهم من مصارعة الاقدار الا يتحول الصراع لداخل نفسك.
لتشاء الاقدار ما تريده ولترضى انت بما يتوفر لك.
لا تُخضع حالك لتعديلات طارئة في افكارك ولا تُخضع شكلك لتبدلات تجميلية ولست مرغماً ان تنحف وان تذبل وان تغيّر في تقاسيم او “طعجات” جسمك لتعبر في فتحات او ثغرات اية تسوية ضرورية لعلك تنجح في القفز من مربع الوضوح والتردد، حيثما انت الان الى مربع الحيرة والغموض والوعد والوهم حيثما تظن انك ستكون .
هذا انت لن تتغيّر ،ليس لديك ما تخفيه ،ليس لديك ما تعلنه تمويهاً، غير نادم على موقف ،مسؤول عما تقوله وراضٍ عما تكتبه.
لست خبيثاً لتصمت ولست نذلا لتساير وانت لا ترغب ولو للحظة ان تساوم وقد تخطيت من العمر ما يكفي من اختبارات ومن تحولات لتعجن نفسك بنفسك من طين ومن روح الاله ،لتكون ما انت عليه الان.
صديقي،
اجمل ما فيك ما انت عليه الان.
الوهم سمّ ما اقنع المرء حاله فيه حتى مات باكراً.
من اجل من ومن اجل ماذا ستتغير؟
من يرقص من حولك لا يجرب القفز من الارض الى السماء انما يحاول ان يتدارك نفسه.
ابق صلبا فالسقوط لا يُعليك والإنحناء لا يجعل ضميرك مستقيما .
ابق منتصب القامة مهما ثقلت عليك الاوهام ومهما تراءى لك خلف الهدف المفقود صورا رائعة لطالما كانت الوعود صرحا من خيال ما إن تدُسها حتى تهوى..
اذا الاقدار شاءت ،دعها بحالها، بما شاءته وامض الى حيث انت ايضا تشاء وتريد…
لا ينقسم العمر الى خطوط اعمار متوازية والزمن لا يحبذ الحركة والانتقال والتقهقر في اتجاه عكس سير الأنام .
لا يصحح المرء ما فات بعد فوات الأوان، فلكل مرحلة شروطها ولكل مرحلة ضروراتها ،والنفس المطمئنة ولو ندمت على مرحلة ما، الا انها تفضل اكمال الطريق بما لديها على ان تعود لتتفقد حاجاتها في دروب ما عاد فيها احد.
صديقي لا تنصاع لشروط الاقدار لتعبر ، اما الاقدار تقبل بك كما انت او فلترفضك.
لترفضك ، المهم ان تبق انت،
ابق حيّاً.
زر الذهاب إلى الأعلى