كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
درجت العادة في لبنان أن تنشط المنظومة الحاكمة والقوى السياسية قبل الانتخابات، في افتتاح وتدشين المشاريع وتقديم المزيد من الخدمات للشعب، لاستقطاب المزيد من الأصوات ،لدرجة صار الناس في لبنان يترقبون المواسم الانتخابية للفوز ب”جوائز الترضية” التي تعوّض عن السنوات السابقة من الإهمال والخذلان.
في الموسم الانتخابي الحالي لا تبدو هنالك مشاريع ولا خدمات ولا جوائز ترضية و”لا من يحزنون”.أكثر من ذلك تتلقى غالبية اللبنانيين في هذه المرحلة “ضربات تحت الحزام”،وكأن القوى السياسية قررت خوض الانتخابات هذه السنة تحت “سيف القصاص”..مقاصصة الناس ومحاصصة البرلمان.
صحيح أن الدولة اللبنانية في هذه المرحلة مفلسة ،فلا “خيل عندها تهديها ولا مال”،ولا تجد المنظومة الحاكمة ما ترشي به الناخبين ،ولكن على الأقل كان باستطاعة هذه المنظومة أن “تفرمل” الانهيار المعيشي الذي يرزح تحته الناس ،ويتلقون يوميا مزيدا من الصفعات في قوتهم وفي حياتهم “غير الكريمة”،حتى أن عامة الشعب اللبناني باتت تعيش تحت رحمة الأقدار.
..فمن القرارات “الخنفشارية” لمصرف لبنان وتالياً إجراءات جمعية المصارف،إلى صلف شركات النفط والمحروقات ،إلى احتكار تجار المواد الغذائية وممارسات أصحاب السوبرماركت،إلى تضاؤل ساعات التغذية الكهربائية رسميا و”مولداتنيا”، إلى، إلى، إلخ..كلها ظواهر تبدو غريبة ومستغربة على أعتاب انتخابات نيابية،من دون أن تكون للحكومة وسلطاتها أي قدرة على لجم هذه الظواهر أو فرملة هذا التدهور المشين.
وعلى الرغم من هذا الواقع المرير تبدو القوى السياسية وبينها المنظومة الحاكمة ،بغالبيتها ،ذاهبة الى الانتخابات بحماس شديد ،وعلى نية وعود قد لا يتحقق منها شيء.فعندما كانت الدولة والبلد بخير ،لم يتحقق من البرامج الانتخابية (هذا إذا كانت هناك برامج) سوى النذر القليل ،فكيف والحال على ما هو عليه اليوم من العجز والإفلاس والإنهيار؟
سوف تبدأ الحملات الانتخابية رسميا صباح الأربعاء المقبل بعد إقفال باب الترشيحات عند منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء، وسيكون أمام البلد شهران كاملان من التعبئة الشعبية للانتخابات،فما الذي سيقدمه المرشحون للناخبين لإغرائهم على التصويت؟
ربما بعض “المال الحرام” الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع ،لكن الأخطر من ذلك سيكون التحريض الطائفي والمذهبي والسياسي عملة رائجة لدى بعض القوى لشحن الناس بطاقة رخيصة تسهم في تفكيك ما تبقى من عرى التماسك في البلد الذي يتقاسم أبناؤه الفقر والجوع والمعاناة.
في الخلاصة ،وأمام هذا الواقع،وإذا جرت الانتخابات في أيار المقبل،فلن يتغير الكثير في البلد ،بل ربما لن يتغير شيء،حتى لو حملت هذه الانتخابات نخبة جديدة من الطراز النظيف،لأن المشكلة الحقيقية ليست في نوعية المنتخَبين،بل هي في طبيعة النظام السياسي الطائفي الذي يستهلك أشرف الأقمشة السياسية،وقد سبق له أن فعل.
يبقى أن خوض الانتخابات في ظل “سيف القصاص” يحمل الكثير من العبر ،فهل من يعتبر؟
زر الذهاب إلى الأعلى