إلى معروف سعد في الذكرى 48 لاستشهاده (أحمد الغربي)
بقلم أحمد الغربي – الحوارنيوز
في الذكرى 48 لاستشهاد المناضل الوطني العربي معروف سعد “أبو الفقراء والعمال والكادحين والصيادين”، تعود بي الذاكرة إلى يوم وداعه في 7 آذار من العام 1975 عندما ردد المشيعون “يا معروف مع السلامة من بعدك حاتقوم القيامة”، بالمعنى السياسي والأمني والاجتماعي ..
وبالفعل كان اغتياله في ذروة صراع سياسي واجتماعي ومطلبي، الرصاصة الأولى للحرب الأهلية اللبنانية والصراع بين مشروعين سياسيين متناقضين، بين فريق وحدة لبنان وعروبته وتطوره الديمقراطي وإصلاح النظام وسود العدالة الاجتماعية، وبين فريق الهيمنة الفئوية والامتيازات الطائفية المتمسك بنظام متعفن مهترئ. فضلاً عن مسلمات أن الحرب كان لها وجه قومي وخارجي مرتبط بالصراع مع العدو، والوجود الفلسطيني، وتطورات الوضع في الشرق الاوسط .. حرب اتسعت وتوسعت وباتت داخل الفريق الواحد وداخل الطائفة والمذهب الواحد والحزب الواحد…. ولم نعد نعرف من يقاتل من !!! وحقا “قامت القيامة”.
شركة بروتيين التي خرج معروف سعد منتفضاً ضدها ثأراً للصيادين وفقراء بلاده .. أنبتت لاحقا شركات احتكارية وتجاراً وسماسرة ومرابين وفاسدين يهيمنون على الاقتصاد الوطني الذي باتت اقتصاداً ريعياً لصوصياً ناهباً لا يتورع أصحابه عن قهر الشعب ونحره، ومعهم وبهم انهار البلد .
عدونا الصهيوني عدو الأمة نعرفه .. قاومنا اجتياحاته المتلاحقة واحتلاله، وطردناه عن أرضنا ذليلا بفضل أبطال المقاومة الوطنية والإسلامية .. لكن أعداء الشعب في الداخل كثر، يتدثرون عباءات الدين والطائفية والمذهبية والوطنية والنزاهة، وهم لا يعدون إلا زمراً فاسدة ناهبة حاقدة ساقطة بكل المقاييس الوطنية والأخلاقية والدينية.
في ذكرى استشهادك يا أبا الفقراء لم يبق من الوطن إلا اسمه بعدما سقط اغتيالاً على أيدي الطبقة السياسية الفاسدة التي حكمت البلاد والعباد منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن .
يا أبا الفقراء .. مأساوي وكارثي حال شعبنا اللبناني .. أكثرهم باتوا تحت خط الفقر المدقع .. غارقون في هموم حياتية معيشية، في تأمين دواء وكسرة خبز….، وقد أفرغ الوطن من مواطنيه مع هجرة مئات آلاف اللبنانيين .. انهارت العملة الوطنية وسرقت الودائع وجنى العمر من مجرمين اسمهم “اصحاب مصارف”، لا مال، لا كهرباء، ولاغذاء ولا دواء ولا محروقات …ولا أمل بالمستقبل .. والدولة باتت أشلاءً وجثةً متعفنةً مع انهيار مؤسساتها .. جمهورية بلا رئيس، وحكومة تصريف أعمال، وخلافات دستورية وسياسية حول قرارات ومقررات تتخذها، ونكد سياسي .. والأخطر ما وصل إليه حال القضاء وتضارب رجاله حول الصلاحيات القضائية.
أما القوى العسكرية والأمنية فتعيش على الدعم المادي من بعض الدول التي تحاصر لبنان في نفس الوقت.
أما فلسطين الحبيبة التي أعطيتها نبض القلب، وسالت دماؤك على هضابها، رغم تخلي (كي لا نقول أكثر) قيادات فيها، فإن شبابها ومقاوميها وشعبها الجبار يذهلون العالم بقوة صمودهم ومقاومتهم ويقضون مضاجع العدو ويسطرون ملحمة الحياة.
يا شهيدنا الكبير .. كم نحن بحاجة إليك في زمن قلّ فيه الرجال والأوادم والمخلصين والمدافعين بحق وبقوة وإيمان وطيد عن فئات المجتمع اللبناني بكل تلويناته السياسية والطائفية وبخاصة الفقراء والكادحين والطبقات الشعبية منهم، من أجل كرامة الانسان والوطن.
الشهيد معروف سعد، دائماً في ذاكرة ووجدان شعبه اللبناني .. وفي ذاكرة وقلب وعقل الصيداويين، وفي جهاد المقاومين اللبنانيين والفلسطنيين، مهما طال الزمن ..
الف تحية لروحك يا شهيد الصيادين والعمال والكادحين والفقراء .. يا شهيد لبنان وفلسطين والعرب .. تاريخ من التاريخ ..