حين تُشيطن المقاومة وتُكافأ الخيانة: أمةٌ تُذبح وتصفّق للجزار(وائل أبو الحسن)

وائل فايز ابو الحسن* – الحوارنيوز
العالم لم يعد يعترف بالحقوق، ولا يقيم وزنًا لما يُعرف بالقانون الدولي أو للمعاهدات والمواثيق. فهذه المفاهيم لم تُنشأ لحماية الشعوب، بل فُرضت لتكون أدوات لإخضاع الدول ونهب ثرواتها تحت ستار الشرعية. هي مفاهيم محكومة بازدواجية المعايير، تُستخدم متى شاء الأقوياء، وتُنسف متى تعارضت مع مصالحهم.
في هذا العالم، لا يُفهم سوى منطق القوة. من لا يمتلك عناصر الردع، يُسحق تحت أقدام المحتلين والمستكبرين، مهما علت شعاراته أو صدقت مبادئه.
وفي كل ذكرى للقضية الفلسطينية، يتجدد العار. فالعرب، وما يُسمى بالعالم الإسلامي، تحوّلوا في غالبيتهم إلى أدوات رخيصة: جبناء، متواطئون، عملاء، بل ومجرمون بحق أنفسهم وحق شعوبهم. وقلتُها مرارًا: المشكلة لم تبدأ في السابع من تشرين، بل بدأت منذ عقود، مع التآمر على القضية الفلسطينية وبيعها في أسواق التبعية، ثم تجلّت لاحقًا حين قررت الأنظمة الحاكمة شيطنة قوى المقاومة، وتسويق البروبغندا الصهيونية الأمريكية، وتشويه حركات التحرر والممانعة الحقيقية، لا تلك التي رفعت الشعارات فقط للمتاجرة والتسلّق. وهذه جريمة تاريخية موصوفة، يجب أن يُحاكم عليها القانون والتاريخ.
استمروا في ذبح بعضكم البعض، وانغمسوا في صراعاتكم الطائفية والمذهبية و المناطقية، بينما يواصل العدو ، ومن خلفه الأمريكي والأوروبي، نهب أراضيكم وسرقة خيراتكم، مقابل فتات سلطة وحماية هشّة، تُمنح بقدر الحاجة، وتُسحب عند انتهاء الدور.
سيأتي اليوم الذي يسود فيه الحق على الباطل، وتُجتثّ فيه هذه الأنظمة من جذورها، وتُرمى في مزابل التاريخ.
نعم اختلفنا مع بعض حركات المقاومة في النهج وفي خيارات سياسية معيّنة، خاصة في لبنان، وخصوصًا في ما يتعلّق ببعض الملفات الحساسة، لكن شيطنة الفكر المقاوم بحد ذاته ليست مجرد خطأ، بل خطيئة تاريخية. لأن هذه المنطقة، بطبيعتها وتركيبتها، لن تخرج من دوّامة الحروب والصراعات، إلا حين تولد من رحم الألم مقاومات جديدة، تثور أوّلًا على أنظمة القمع والتخلّف، ثم تتّجه لمواجهة العدو الحقيقي، وتبدأ معركة استعادة الحقوق على قواعد إنسانية صلبة، وأهداف وطنية جامعة.
بئس أمة تخلّت عن قضيتها، وتنكّرت لفكر المقاومة، وارتضت الذل بدلًا من الكرامة.
* محام مغترب مقيم في المكسيك



