محمد الجوزو*- الحوارنيوز خاص
حسناً فعل المجلس النيابي في جلسته التي انعقدت في 19 الشهر الجاري وإقراره حق إنتخاب المقيمين خارج لبنان “وفق الآلية التي طُبِّقت في انتخابات 2018”.
خطوة هامة صحح بها المجلس النيابي خطأ كبيراً كان من شأنه، لو استمر على حاله، أن يفاقم حال الإنكفاء لدى المغتربين عن قضايا وطنهم، ويعزز لغة الإنقسامات المذهبية والطائفية بأوساط الجاليات ومجتمعات الإنتشار اللبناني حول العالم.
هذه الخطوة ستسهم، بلا شك، بتشجيع المقيمين خارج لبنان على التسجيل للمشاركة بالإنتخابات المقررة في 27 آذار العام المقبل. لكنها ليست الخطوة الوحيدة التي ستعزز ثقة المغتربين بأن مشاركتهم من الخارج باتت محسومة ونهائية، بل يلزمها خطوات حاسمة وملموسة.
شعور المغتربين بالشك مرده أسباب عدة وأهمها:
1- أن تعديل قانون الإنتخاب الأخير بقي مفتوحاً على تعديلات أخرى، أو تسويات أو بطعن متوقع من قبل طرف نيابي وسياسي. هذا الشعور قد يفضي بطبيعة الحال، وهو أفضى على ما يبدو، إلى “تبريد” همّة المغتربين للتسجيل في المنصة، على قاعدة “خلينا ننطر لنشوف شو بدو يصير”.
لا يجب أن تسود مثل هذه المناخات وسط الجاليات، فكما أن الإنتخابات مطلب وواجب وحق وطني، فإن التسجيل إجراء روتيني إداري لا ضرر من القيام به، بمعزل عمّا ستؤول اليه الإجراءات القانونية.
2- من المعروف بأن أي طعن في القانون أو في التعديلات التي أدخلت اليه في الجلسة الأخيرة للمجلس النيابي سيشمل موضوع تعليق المادة التي تحصر إنتخاب المغتربين بستة مقاعد نيابية، وهو طعن قد يعرض القانون بمجمله إلى الطعن لأنه ينطوي على الكثير من المواد التي قد تكون غير منسجمة مع مندرجات الدستور.
أما توقيت الانتخابات فهي مسألة إجرائية يمكن معالجتها ضمن الأطر التنفيذية من دون المس بمبدأ إجراء الانتخابات ضمن المهل بشكل عام.
3- ومن الأسباب التي نتلمسها في المغتربات هو نوع الهجرات التي حصلت مؤخراً والتي يمكن وصفها بالهجرات الحزينة، حيث غادر من غادر إلى حيث تصل قدماه من دون الشعور بأي رابط أو إنتماء، ومن دون أسف على ما ترك وسيترك خلفه. مرد هذا الشعور ما بلغته البلاد من أوضاع إقتصادية وإجتماعية ومصرفية وثقافية من سوء، من دون الشعور بأن ثمة أملا بالتغيير أو الإصلاح أو التجديد. وشعور غالبية اللبنانيين من مقيمين ومغتربين بأن أموالهم نهبت في المصارف ومنها.
إن هذا الشعور قوي في المغتربات، وهو مبرر ومفهوم، لكننا في المقابل نجد من هم باقون على إيمانهم وعلى قدرتهم على إحداث فرق مهما كان ضئيلا، فكيف إذا كان الإغتراب قادرا على إحداث فرق كبير، في حال انتظم وحفظ حقه ومارس واجباته الدستورية في الإقتراع؟
4- نوع آخر من الأسباب التي تزيد من تردد المغتربين وهو ذو طابع إداري ومالي ولوجستي. ويتصل ب:
أولاً: بإمكانات الدولة المالية وموازنتها المخصصة للإنتخابات في الخارج. فمعظم البعثات الدبلوماسية تعاني من شح كبير في موازناتها، حتى أنه يقال أن بعض مصارفات الإنتخابات السابقة لم تسدد بعد!
ثانياً: أن البعثات الدبلوماسية أو القنصلية بحاجة لتحديد نهائي للمهل والتواريخ وتسجيل الراغبين بالمشاركة، كي تتمكن من رسم خارطة نهائية لمراكز الإقتراع والتواصل رسمياً مع الدول المضيفة التي عليها أن تعطي الموافقة على المبدأ وعلى تحديد الأماكن المخصصة للإقتراع وإتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات إدارية ووقائية.
مهما بلغت التحديات حجماً ونوعاً، فإننا مدعوون للبقاء على إيماننا بأن لبنان سيعود وينهض، وأنه علينا العمل لتحقيق أهدافنا وأحلامنا بوطن يحكمه الدستور ويسوده القانون. فمتى كان تحقيق الأحلام بالإنكفاء؟
*عضو هيئة الرئاسة – المنسق العام المركزي للإغتراب – تيار المستقبل
زر الذهاب إلى الأعلى