إقتراحات علمية لتجنب مشاكل ما بعد الطلاق
تداول اللبنانيون عبر أجهزة التواصل مقطعا لفيديو أُريد له ان يتسرّب لغايات قانونية وإجتماعية، ظاهرها إنساني وباطنها كيدي ومحاولة التأثير على الرأي العام وعلى القضاء في آن واحد. يتضمن الفيلم المصور إجراء أمنيا إنفاذا لقرار قضائي صادر عن محكمة شرعية قضى بنقل طفل من منزل الأم (محامية) الى منزل الأب (قائد جهاز أمني).
بالتأكيد ما آلم القلب هو صراخ الطفل فقط إذ يعلم الجميع ان ما عدا ذلك، ما هو الا محاولة لنيل استعطاف الناس كدعم اعلامي ضد الأب.
ما كتبناه لا يقدم ولا يؤخر في القانون وفي الشرع ،والمشهد حصل مراراً وسيحصل دائما .وبما اننا غير قادرين على تغيير قوانين دولة وشرع لله فنحن قادرين على معالجة الأسباب التي تؤدي عادة لهذه الاشتباكات التي تترك أثراً سيئا على شخصية ونمو وسلوكيات الأطفال. ولهذا فقد تقدمنا سابقا ومرارا بإقتراح للمحكمة الجعفرية الاسلامية ان تخضع كل مجموعة من العرسان وقبل عقد الزواج للقاء مع طبيب نفسي لتبادل الأفكار عن فكرة الانتقال من حياة العزوبية الى حياة الزوجية، من الفردية الى المشاركة، من الأنا الشخصانية الى أنا المثنى والجماعة .واكثر من ذلك اقترحنا ان يخضع أيضا كل الذين ينوون الطلاق الى اللقاء بالطبيب لمحاولة معالجة الخلافات بقدر الإمكان، لما فيه مصلحة الجميع والاطفال خاصة ليكون الفراق فراق سلام كما كان الزواج زواج مودة .
ان كان هناك من اسباب كثيرة للطلاق فيجب ان نعلم ان هناك ايضا اسبابا كثيرة للزواج ،وكلها اسئلة بحاجة لإجابات .وفي كل الأحوال فالاضطرابات والازمات والامراض النفسية-الاجتماعية-المهنية تقع في صلب الزواج قبل الطلاق.
الزمن يسرع من خطاه والعقل الانساني غير قادر على اللحاق بالعلوم والتطور والحاجات والمتغيرات ،والاغراءات والتحولات بمفاهيم الضرورة والطوارىء ومبادىء الاخلاص والمحبة و ارتدادات الخيانة والاوهام وكيف يجعل المال من البراءة جريمة، وكيف تحول المسلسلات التلفزيونية والاعلام ادمغة الناس الى ادمغة متحركة عبر الإيحاءات والاشارات، وكيف يستطيع اعلامي(ة) او مقدم (ة) من التأثير سلبا على اناس غير محصنين نفسيا وعلميا وتجربة وعائليا –اجتماعيا، وكيف ينجح زميل بالعمل او جارة في الحيّ بإسقاط خبثهم الجنسي -النفسي مرضيا على الآخرين من اجل مكسب رخيص يدمر عائلة ومنزلا….
ليتواضع رجال الدين قليلا وليتواضع قضاة المحاكم المدنية أكثر. فالمحاكم تتطلب وجود طبيب نفسي وليس كشاهد يهان امام القوس، بل ان يكون واحدا من الاستشاريين الفعالين في المحكمة .وليست العدالة فقط بتطبيق مواد قانونية او مبادىء شرع بل بأخذ العلم بحركة النفس الامارة بالسوء وبالأنا المطمئنة التي ما عادت في هذه المجتمعات بمطمئنة.
ليست القصة بين محامية ولواء، بين قانون وامن، بين رجل وامرأة، بين غني وفقير، الرواية تحصين الذات وقائيا قبل الزواج وتطهير الأنفس من رواسب الكراهية والانتقام قبل الطلاق…
*طبيب نفسي