بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز
مع بدء الازمة المصرفية في لبنان وتوقف الدولة اللبنانية عن دفع سندات الدين لمستحقيها ،ومع عدم أقرار قانون الكابيتال كونترول والذي كان يفترض اقراره في اليوم الثاني للتوقف عن الدفع ،أصبحت الاستنسابية التي تمارسها أدارة المصارف هي العنوان المعمول به في جميع المصارف ، كما خضعت بعض هذه المصارف لسلطة الطبقة السياسية في عملية التحويل للخارج أو سحب جزء من الودائع بشكل نقدي ، فكان الضحية في غياب القانون وفي الاستنسابية ،المودع الذي لا يملك تغطية سياسية أو قضائية .
اليوم بعد سياسة الاستنسابية التي مارستها المصارف وما تزال تمارسها لغاية اليوم ، ومع كل ما تحققه المصارف من فوائد ومنافع من عمليات التحويل أو دفع الودائع لبعض المحاسيب بشكل نقدي ، ومع كل العمولات التي تتقاضاها المصارف والتي اصبحت فوق المتوقع والمعقول وبعضها يخالف تعاميم مصرف لبنان ،ولا سيما التعميم 158 الذي يمنع المصارف من تقاضي عمولات أو أي كلفة من المودعين على الحسابات المصنفة ،مستفيدة من التعميم المذكور، وهذا ما لم تلتزم به المصارف ،بل هي تقاضت وما تزال تتقاضى العمولات على السحوبات النقدية بموجب هذا التعميم ،
بعد كل هذا استطاعت المصارف ان تحافظ على توظيفاتها لدى مصرف لبنان وبقيمة شبه ثابتة بالرغم من ان المصرف يقوم بسحب جزء منها لتسديد جزء من الودائع لمستحقيها ، أما سبب ثباتها وعدم إنخفاضها فهو لأن المصارف تتقاضى فوائد وعوائد على هذه التوظيفات فيما هي لا تدفع للمودعين هذه العوائد والفوائد ، وهي بكل بساطة تتقاضى العوائد وتوزعها على المودعين كتسديد لأصول ودائعهم .
بعد أعلان المصارف الاضراب المفتوح في الفترة الاخيرة عادت وتراجعت عنه ، بعد اعلان مصرف لبنان بأنه يمكن لشركات الصيرفة “فئة ألف” أن تقوم بعمليات صيرفة لمصلحة الافراد والشركات ، هذا القرار صدم المصارف لانها كانت في الواقع تستفيد من كل عمليات صيرفة بنسبة تتراوح ما بين أربعة بالمئة الى خمسة بالمئة من قيمة العمليات ، وما أعلنه مصرف لبنان كان سيفقدها الكثير من العمولات تتراوح ما بين مليون ونصف الى ثلاثة ملايين دولار شهريا ، أي ما بين مئة وخمسين مليار وثلاثماية مليار ليرة لبنانية .
لم تترك المصارف أي باب لتستفيد منه لم تلجأ اليه للاستفادة، وكانت الموجودات الخارجية عنوانا كبيرا لجأت المصارف اليه للاستفادة منه على حساب المودعين، حيث عمدت الى توزيع هذه الموجودات شمالا ويمينا ، وكله بثمن تم قبضه سلفا فانخفضت الموجودات الخارجية للقطاع المصرفي منذ بداية الازمة باكثر من 24 مليار دولار .
ان اصرار المودعين على تحميل القطاع المصرفي المسؤولية عما وصلنا أليه ،وبالتالي تحميلها بأموالها الخاصة لجزء من الفجوة المحققة والتي تجاوزت 75 مليار دولار ، هذا الاصرار وعدم قدرة السلطة التشريعية والتنفيذية على النفاذ من هذا الامر ومسامحة الجهاز المصرفي بالارتكابات التي قام بها وتسبب بضياع الودائع ، كل ذلك يجعل اليأس يدخل الى قلوب القطاع المصرفي ليضع خطة بديلة تمنع تحميله لهذه الخسارة ، فما هي هذه الخطة وكيف سيتم تطبيقها ؟
ان استمرار تقاعس السلطات الثلاث عن حل ازمة القطاع المصرفي ، وأيجاد حل للودائع يدفع المصارف باتجاه واحد، وهو أتجاه الافلاس بعد استنفاذ كل موجوداتها، سواء بشكل مقصود أو غير مقصود ، فهل ستسعى بعض المصارف اليوم الى تحقيق الصولد الاكبر عبر أفلاس نفسها وهي بمعظمها وبالحد الادنى تتمتع بالحماية السياسية ؟
نعم هذا ممكن من خلال شراء بعض الودائع بسعر محسوم بنسبة كبيرة وتحميل كامل الخسائر للمصرف .
وهل تسعى الى استملاك العقارات مقابل الديون المشكوك بتحصيلها وبيعها بأثمان بخسة ،وبالمقابل تحميل المصرف لخسائر هذه العمليات ، وبالتالي تكون قد باعت حقوق ملكيتها بضعفي القيمة الدفترية بالحد الادنى وبالحد الاقصى وتكون قد راكمت الخسائر وبالتالي تجنبت تحميلها لحصتها من الخسائر ؟