رأي

إضاءة الروشة تصوّب بوصلة بيروت (أكرم بزي )

 

كتب أكرم بزي – الحوارنيوز

ما جرى بالأمس في بيروت، وفي منطقة صخرة الروشة تحديداً أعاد توجيه بوصلة بيروت بالإتجاه الصحيح والتي كانت عليه منذ ولدنا وعشنا وعشقنا بيروت.

 

“بيروت تحترق ولا ترفع الإعلام البيضاء”، بيروت خالد علوان بطل عملية “الويمبي”، بيروت الإنطلاقة الاولى لعمليات المقاومة، والقرار التاريخي للمقاومين الذين تحدوا جبروت العدو الصهيوني وطردوه من أول عاصمة عربية يدنسها الإحتلال الصهيوني، والذين هربوا مع مكبرات الصوت التي كانت تنادي: “لا تطلقوا النار علينا نحن منسحبون”، بيروت موطن الاحرار الشرفاء من كل أصقاع الأرض، بيروت جمال عبد الناصر والعروبة، وملاذ الشعراء والمثقفين والفنانين والمسرحيين والتشكيليين، بيروت التي أحبتها السيدة فيروزوأحبها زياد الرحباني حتى الرمق الأخير، ونزار قباني، ومحمود درويش، والراحلين الكبيرين الشاعرين عصام وحسن عبدالله، بيروت الشهيد كمال جنبلاط، والشهيد رفيق الحريري الذي قُتل بالادوات الأميركية-الصهيونية، لأنه رفض أن يصطدم مع المقاومة، بيروت سعد الحريري الذي اختطف اول مرة، وأبعد مرة ثانية هو وعائلته عن العمل السياسي، لأنه أراد أن يسير على نهج والده الشهيد، فأقصي هو وعائلته عن العمل السياسي حتى إشعار أخر…

 

أراد نوّاف سلام رئيس الحكومة الحالي، أن يسير على نهج الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة في العام 2005، وأراد أن يستكمل منهجه وإرثه السياسي المتملق  والمتماهي مع المطالب الأميركية، التي كانت تأتيه من سفارة عوكر، مع فريق 14 آذار انذاك، ولكن الذي يميز نوّاف عن السنيورة، أن نوّاف ذاب كلياً بمشغليه الأميركيين والخليجيين، بحيث أن شخصيته ذابت تماماً، كقاض متميز وكرئيس لمحكمة العدل الدولية، فبات متماهياً وذائباُ كذوبان الملح في الماء، ويعرف أوامرهم قبل أن تأتي إليه، فيقوم بإصدار القرارات، والتعميمات، والاوامر دون أن يأخذ بعين الإعتبار شريحة واسعة من اللبنانيين من كافة الطوائف اللبنانية.

 

فالهدف، هو أخذ لبنان، كل لبنان، وليس بيروت فقط بالإتجاه الغربي الصهيوني، لتنفيذ أجندة صهيونية أميركية، والذهاب نحو الإنضمام إلى ما يسمى “إتفاقية إبراهام للسلام”، والقضاء على كل ما يسمى “فكرة مقاومة” العدو أو القضاء عليها، بحيث لا يبقى لها أثر، والإتجاه نحو “ثقافة الحياة”، او “حب الحياة”، على طريقة “الماكدو” و”البرغر كينغ” و”ستاربكس” وغيرها من عادات وثقافات غربية اميركية، وكأن الحياة لا تعني إلا التمتع بما لذ وطاب أو ما شاكل من سهرات ليلية مارقة أو فنون منحطة وثقافات غربية عجيبة على مجتمعاتنا وثقافتنا.

 

بالأمس، احتشدت جماهير المقاومة أمام صخرة الروشة، لم يكن حزب الله ولا حركة أمل، في وارد الحشد لمثل هذه المناسبة، ولا لهذا العدد من الحشود الضخمة، خاصة وأنها كانت الفعالية الاولى لبرنامج حاشد بالفعاليات المتنوعة، إلا أن قرارات نوّاف سلام استفزت جماهير المقاومة اليسارية والإسلامية والعلمانية والعروبية والقومية وحتى الشعبوية العفوية، بل ادت خدمة مجانية لهم، من خلال حجم التأييد لهكذا فعالية رمزية معنوية، خاصة وأن صخرة الروشة أضيئت لمناسبات لا علاقة للبنان بها، “كشارلي إيبدو” والعلم الفرنسي وغيرها من شخصيات وأعلام دول أجنبية وعربية، فكيف إذا كانت المناسبة للسيدين الأمميين الشهيد السيد حسن نصرالله والهاشمي السيد هاشم صفي الدين رضوان الله عليهما، اللذين بذلا أرواحهما لأجل أقدس قضية اممية عرفها التاريخ البشري (قضية فلسطين)، وهو يعرف تماماً ماذا تعني هذه القضية التي وبالمناسبة كان أحد مناصريها مع ياسر عرفات، إلى أن تحول إلى مستشار إلى أنطوان فتال رئيس الوفد اللبناني لإبرام اتفاقية السابع عشر من أيار مع العدو الصهيوني ومع ديفيد كيمحي شخصياً. فلا غرابة الآن في ما يفعل من اتخاذه هكذا خطوات، قد يعلم كيف تبدأ ولكن لا يعلم كيف تنتهي.

 

من حيث لا يشعر ولا يدري نوّاف سلام، أعاد تصويب البوصلة الصحيحة، باستفزازه لهذه الجماهير والتي بتوجهها نحو تحدي إرادة الأميركي  والخليجي، لتوجيه رسالة واضحة المعالم، من أن بيروت ستبقى عاصمة المقاومة والتحرير، وعاصمة العروبيين والقوميين والناصريين واليساريين والمقاومين الشرفاء، وستبقى ملاذاً لكل منفي من أرضه لممارسة حقه وشعائره الطبيعية بالعيش بحرية وسلام في هذا البلد الحبيب. و”صوت الذين لا صوت لهم” شعار  الراحل الكبير ابن البقاع وبيروت ناشر صحيفة السفير طلال سلمان رحمه الله.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى