الحوارنيوز – خاص
ضمن فعاليات اليوم الأخير لمعرض الكتاب العربي والدولي للكتاب نظمت دار ناريمان للنشر ندوة بعنوان: “إشكاليات الحداثة في الشعر العربي” بحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلا بالمحامي سليمان علوش ومشاركة كل من الناشر الأديبة ناريمان علوش والدكتور محمد توفيق أبوعلي والدكتورة يسرى بيطار ً، وادار الندوة الأستاذة كلود صوما.
إستهلت الندوة بكلمة لصوما عرفت فيها المشاركين، مشيرة إلى أن ظاهرة الحداثة أثارت ولاتزال لأنها في طبيعتها تحمل تناقضات كثيرة وتطرح عدة إشكاليات حوله.
أما ناريمان علوش فقد عرفت الشعر على أنه الرقصة التي تدوزن خطواتها من دون حاجة إلى قدمين، فالشعر هو همسة الوصل بين عاشقين وبين نظرتين ونشوة اللاوصول ، إنه الحب الذي يحملنا خارج القصيدة فنضيع طريق العودة إليه.
من جهته، أشار الدكتور محمد أبو علي إلى أن الإشكاليات تكاد تنحصر في مجموعة هي عبارة عن المصطلح والقارئ والناقد ووسيلة الإعلام وإشكالية المبدع، لافتا إلى ضرورة عدم التفريق بين مصطلحين هما الحداثة والمعاصرة لأن الحداثة هي التعبير الذي لا يبوء مع الزمن بينما المعاصرة هي الإنتساب إلى عصر ما.
بدورها، تناولت الدكتورة يسرى بيطار موضوع النهضة وإرتباطها بالفكر والحداثة والكتابة، إذ لا حداثة في وجود العقبات الدينية والسياسية.
أما المحامي علوش فأكد أن إشكاليات الحداثة في شعرنا العربي لا تزال محل نقاش، فهي تشمل موقف الشاعر من الوجود والمجتمع، مشيرا إلى أن الشاعر لا يعتبر حديثا ما لم يتجاوز أطر الزمان والمكان والأفكار السائدة لأن الحداثة الإبداعية متغيرة بإستمرار.
وقال: بيروتُ عاصمةُ الثقافةِ والريادةِ والحرفِ والطباعةِ والنشرِ والكلمةِ والتجدُّدِ والأصالةِ والحداثةِ والتراثِ والشعرِ والنثرِ والفنِّ والإبداعِ …
أنْ نحتفيَ معَكُمْ في هذهِ النَّدوةِ الثقافيَّةِ التي تنظِّمُها دارُ ناريمان للنشرِ الموسومةُ بعنوانِ :” إشكاليَّاتُ الحداثةِ في الشِّعرِّ العربيِّ “شرفٌ ومتعةٌ في آن … شرفُ حديثِنا باسمِ صاحبِ الرِّعايةِ معالي وزير الثقافةِ القاضي محمَّد وسام المرتضى …ومتعةُ اللقاءِ بهذه القاماتِ الكبيرةِ في هذا الوطنِ.
وأضاف علوش: هذه القاماتُ التي لها في ميادينِ الشعرِ والنثرِ والكلمةِ والحرفِ والكتابِ والنشرِ والثقافةِ والفنِّ والإعلامِ صولاتٌ وجولاتٌ من الحضورِ في المنتدياتِ الأدبيَّةِ والشعريَّةِ ومعارضِ الكتبِ،حيث نبذل جهدَنا المتواصلَ ليبقى الأملُ في مواسمِ الجدبِ والقحطِ الفكريِّ والثقافيِّ والأدبيِّ … ولعلَّ دارَ ناريمان واحدةٌ من هذه الحصونِ التي تضمُّ نخبةً عريقةً من أسماءِ أسرةِ الإبداعِ في عالمِ العطاءِ والتأليفِ والكتابةِ المُستحقَّةِ لكلِّ تكريمٍ وكلِّ تحفيزٍ من أجلِ مستقبلٍ رفيعٍ وعظيمٍ في هذا الزَّمن .
إنَّ الإشكاليَّةَ المطروحةَ في هذهِ النَّدوةِ :” إشكالياتُ الحداثةِ في الشِّعرِ العربيِّ ” تدفعُنَا إلى الإستنارةِ من المُحاضِرين الذين يشكِّلُون أعمدةً في بناءِ ثقافةِ الشِّعرِ الحديثِ، وَهُم أهلُ الإختصاصِ والمعرفةِ بأحوالِ الشِّعرِ القديم والحديث، ومنهم الشاعرةُ يسرى البيطار القائلةُ :” أؤمنُ دائمًا بأنَّ لغةَ الشِّعرِ لغةُ القلبِ، لا يستهويني التكلّفُ، ولا تعجبني الصُّنعةُ ولا تركيبُ الصّوَرِ المفتعَلةِ بهدفِ الإدهاشِ . فالشعرُ من الشعورِ، وأجملُه أصدقُه. وإنَّ استخدامَ الغريبِ من الألفاظِ عمدًا ليس من البلاغةِ. أما الصورُ في قصائدي فهي تخرجُ عفوًا مع خفقِ العاطفةِ ولستُ أعملُ على أكثرِ من ذلك.
و أمَّا اللغةُ الشعريّةُ فهي خاصّةٌ بالشاعرِ حتى تكادُ أن تشكّلَ هويّتَه ” …
والشاعرُ العربيّ العميدُ د. محمَّد توفيق أبو علي الذي يؤكِّدُ أنَّه مع الشِّعرِ بمعزلٍ عن شكلِهِ وقيودِهِ حيث قال :” أنا مع الشعرِ بمعزلٍ عن شكلهِ، ومهمٌ أن يشعرَ المتلقّي بجماليةِ ما يجذبُه إلى النصِّ، ولا يستطيعُ منها فكاكاً، وهنا أغتنمها سانحةً لأقول وأنا العروضيّ: إنَّ الشعرَ خارجَ الوزن العروضيِّ أصعبُ بكثيرٍ من الشعرِ ضمنَ هذا الوزنِ. لا أستطيعُ البتةَ أن أفهمَ شاعراً أو أديباً لا يلتزم الوجعَ الإنسانيَّ، ولا يعبّرُ عنه بما يليقُ به …” .
الشعرُ هو الإنسانُ وكلَّما اقتربَ الشِّعرُ من أعماقِ الإنسانِ وجراحاتِه تجذَّرَ في واقعِ الحياةِ القديمِ منهُ والحديثِ وقدْ قيلَ :” الملاحظُ أنَّه يكادُ يكونُ لكلِّ قديمٍ حديثٌ؛ ومنه تبلورَت فكرةُ و نظريةُ الحداثةِ مفهومًا واصطلاحًا. فالحداثةُ كمفهومٍ عامٍ هي المشاركةُ والمساهمةُ في التحوُّلِ الكبيرِ الذي تشهدُه الإنسانيةُ كما عَرَّفَهَا أهل الاختصاصِ.كون مفهومُ الشعرِ وماهيتُه لا تزال محلَّ نقاشٍ بالمحاولةِ الدائمةِ في كسِر طابوهاتِ التقليدِ، والذوبانِ في كيانِ التجديدِ الذي تَمَثَّلَ في حداثةٍ شعريةٍ سائلةٍ جمعت بين الجودةِ والرداءةِ.
ورأي: إنَّ إشكالياتِ الحداثةِ في شعرنَا العربيِّ لا تزالُ محلَّ نقاشٍ ونظرياتٍ وقبولٍ ورفضٍ ونقدٍ وتقييمٍ مؤدَّاه :” أنَّ الحداثةَ كلٌّ متكاملٌ..رؤيةٌ شموليةٌ بُنيوية لقصيدةٍ تشملُ في الأساسِ موقفَ الشاعرِ، ورؤيتَه الفلسفيةَ الفكريةَ من الوجودِ والمجتمعِ ؛ ولذا فإنَّ أيَّ موقفٍ لغويٍّ شكليٍّ،لا يعني إطلاقًا أنَّ الشاعرَ أصبحَ حديثًـا،ما لم يكن له موقفٌ ورؤيا تتسمان بالحداثةِ ، وبقدرِ ما تنطبقُ الحداثةُ في الإبداعِ من حقائقِ اللغةِ، وحيويةِ الفكرِ، وتجاوزِ المبدعِ لأطرِ الزمانِ والمكانِ، والبيئاتِ، والأفكارِ السَّائدةِ والمستقرَّةِ لأن الحداثةَ الإبداعيةَ متغيرةٌ باستمرارٍ، و إلَّا ما اعتُبِرَت حداثةٌ….”
وشكرُ علوش دارَ ناريمان وناشرةَ أعمالِه الأدبية ناريمان علُّوش على إتاحةِ هذهِ الفرصة لنا في هذا المهرجانِ الفكريِّ والأدبيِّ والشعريِّ المتجدِّدِ في كلِِّ عامٍ ومع نهايةِ كلِّ موسمٍ من مواسمِ العمرِ الذي نريدُهُ حداثةً للأدبِ والشعرِ والفكرِ من رحمِ التُّراثِ الأصيلِ واللغةِ التي شرَّفَنا اللهُ تعالى بها كي نبقَى روَّادَ الحرفِ والفكرِ … ونبقَى ناشري الكتابِ … لنبقى ويبقى لبنانُ .
وكان معرض الكتاب العربي الدولي للكتاب قد إختتم نسخته الرابعة والستون اليوم وسط تهافت لم ينقطع للزوار من المناطق اللبنانية كافة لشراء الكتب وحضور الندوات التي تعكس التنوع الحضاري لبيروت، حيث سجل المعرض نجاحا طلابيا كبيرا تمثل بحضور أكثر من عشرة آلاف طالب وطالبة وأكثر من مئة مؤسسة تربوية وثقافية وكشفية من مختلف المناطق.
وشهد المعرض الذي إستمر تسعة أيام (من 3حتى 11 كانون الأول) وحمل شعار “أنا أقرأ بتوقيت بيروت” إقامة ستة وعشرون ندوة تناولت مواضيع مختلفة أبرزها “العربية 24/24″، “دستورالطائف بين التشويه والإجتزاء ثم الإنتهاك”، “مئوية فرح أنطون” وتحية وفاء لكل من رياض الريس، ميشال جحا، سماح إدريس، ملحم شاوول، وجيه فانوس وجبورالدويهي.
كما سجل المعرض حفلات تواقيع للإصدارات تجاوزت المئتين في أجنحة دورالنشر المشاركة والبالغ عددها 133 دارا لبنانية، إضافة إلى المشاركة العربية.