رأي

إسرائيل ومقدّمات الحرب الواسعة.. او فرض هدنة بشروطها!(نسيب حطيط)

 

بقلم د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

على مشارف انتهاء السنة الاولى من الحرب اللبنانية- الإسرائيلية والتي بدأت دعماً واسناداً لغزة ،فقد تحوّلت الى جبهة رئيسية، بعدما استطاع العدو عبر المجازر والحصار من انهاك المقاومة وأهلها في غزة والضفة والتملّص من اي اتفاق لوقف إطلاق النار ويستمر في مشروعه التهجيري لغزة واعادة احتلال الضفة الغربية ، جاءت العملية الأمنية الإسرائيلية الاستثنائية  التي اصابت الآلاف من المدنيين اللبنانيين خارج مناطق الاشتباك، والتي يمكن اعتبارها أول نموذج للعمليات العسكرية_الأمنية الاستثنائية في الحروب الحديثة، لجهة وسائلها ونتائجها، سواء العدد الكبير من المصابين والبقعة الجغرافية والتوقيت الواحد والاصابات (الأيدي والوجه والعينين) والتي يبدو أنه تم فيها استثمار الحرب الإلكترونية ودمجها بالحرب الكلاسيكية(التفخيخ)عبر تنسيق من عملاء بشريين متعددي الجنسيات.

في استعراض لما قامت به اسرائيل خلال الاشهر الماضية من ضربات واغتيالات مركّزة ،طالت المسؤول العسكري المركزي للمقاومة ومخازن الصواريخ واغتيال القادة الميدانيين على مستوى المحاور والوحدات، ثم توّجت هذه العملية ،بتفجير وسائل الاتصال “البيجر” غير المسبوقة والتي كانت ضربة رباعية الاهداف والخسائر :

-     ضرب منظومة الاتصالات الآمنة بين المقاومين.

-     الخسائر البشرية على مستوى الشهداء والجرحى .

-     الضربة المعنوية على مستوى الاختراق او التفوق الامني .

-     إشاعة التوتر والخوف والقلق داخل بيئة المقاومة.

 وهذا ما يؤشر الى بدء توجيه الجهد العسكري الإسرائيلي المركّز نحو لبنان ،بالتكامل مع مهمة الموفد الأميركي “هوكشتاين” الذي ينتظر انتهاء الضربة لزيارة لبنان وفرض شروطه وتهديداته وعدم مسؤوليته عما سيجري ،اذا لم توافق المقاومة على الاستسلام للشروط الإسرائيلية ، كما صرّح سابقا!

لقد انتقلت الحرب على لبنان من مرحله الاشتباك المحدود والجغرافيا المحدودة في الجنوب الى مستوى الحرب على مجتمع بكامله وهو “المجتمع الشيعي” الحاضن للمقاومة. فعملية تفجير “البيجر” لم تطاول مواقع عسكرية او مكاتب حزبيه ، بل كانت في الشارع و السوبر ماركت والمدرسة وسوق الخضار والبيوت والمقاهي والجامعة والمدرسة وسيارة التاكسي وبالتالي تم تفجير مجتمع بكامله، وتعتبر هذه الحادثة ، الاولى في لبنان على مستوى الاصابات والنوعية والتي تؤسّس لمرحلة جديدة في الحرب، لأن العدو الاسرائيلي ،سيستعمل كل الوسائل ولن تقيّده القوانين الدولية او القواعد الأخلاقية بل يتجه لتكرار، نموذج غزة في لبنان!

لقد بادر العدو الإسرائيلي، لتغيير قواعد الاشتباك وعلى مشارف السنة الثانية من الحرب ،صارت الحرب بدون قيود ولأن العدو يتصف بالغدر والتوحش لابد من الانتقال للمواجهة بأساليب جديده تختلف عما سبق.

إن العدو يمهّد للحرب الواسعة والطويلة ،بكل وجوهها من اجتياحات جوية او برية ويقلّل من نقاط قوة المقاومة بالاغتيالات والتفجيرات الأمنية والتي يمكن ان تتزايد وليضع المقاومة بين خيارين:

-     استدراج المقاومة الى حرب مماثلة لحرب غزة قبل توقيع اتفاق وقف اطلاق النار .

-     الضغط على المقاومة للتوقيع على هدنة طويلة وبشروطه عبر تعديل 1701 وتثبيت المنطقة العازلة  لتأمين عوده مهجري شمال فلسطين واستقرار الجبهة الشمالية.

ولأن المقاومة لن تستسلم لشروطه ،فانه سيتجه نحو التصعيد ،فاذا كانت السنه الاولى هي سنة الحرب على غزة ،فإن المؤشرات توحي بأن السنة الثانية ستكون الحرب على لبنان…!

 ولمن يقول لا حرب على لبنان نسأله : هل ان ما يجري في لبنان مناورة ام لعبة ام مسرحية؟

 اننا نعيش الحرب بكل تفاصيلها وتفجير “البيجر” رفع في يوم واحد عدد الشهداء والجرحى في لبنان الى اكثر من 6000 شهيد وجريح من بيئة لا يتجاوز المقيمون منها المليون مواطن مدني، وبالتالي فقد قدّمت هذه الطائفة المقاومة نسبة وازنة من عديدها …شهداء وجرحى ،وأكثر من ذلك من عديد شبابها، وهذه اكبر نسبه يمكن ان يقدمها شعب او جماعه مقاومة في العالم!

نحن في ميدان الحرب التي ستتطور ،طالما اننا لن نستسلم وعلينا مراجعة كيفية وسائلنا بالمقاومة وتامين مقومات  الصمود بعقلانية وحكمة، دون انفعال ..

نحن لا نقاتل اسرائيل وحدها، بل نقاتل كل منظومة المشروع الامريكي من العرب والغرب.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى