كتب حلمي موسى من غزة:
عقدت في القاهرة اجتماعات بين الوسطاء المصريين والقطريين مع وفد يمثل حماس لإطلاعه على رد إسرائيل على موقف حماس من خطة باريس. وكان مقررا أن يتواجد وفد إسرائيلي في القاهرة لتسهيل المداولات بشأن التجسير على مواضع الخلافات بين الموقفين الإسرائيلي والفلسطيني بشأن صفقة التبادل وإنهاء الحرب.
وقد أبلغ الإسرائيليون مصر رفضهم إرسال وفد إلى القاهرة ،موحين للجميع بأن مثل هذه المفاوضات عقيمة في ظل رد حماس، وأن على هذه الحركة أن تقدم مقترحات أخرى في ظل استعداد إسرائيل لمواصلة المفاوضات وفق اقتراح باريس.
وسبق أن أعلنت إسرائيل أن المجلس الوزاري المصغر توصل إلى إجماع حول أن مطالب حماس سخيفة وغير واقعية، وبالتالي لن يكون هناك أي جدوى من الذهاب إلى المحادثات في مصر حتى يتم تخفيض المطالب عبر الوسطاء، بحسب تقرير لقناة الأخبار 12 مساء أمس. وألمحت إسرائيل إلى رفضها أن تتناول المفاوضات بشأن صفقة التبادل أي إشارة إلى الحرم القدسي أو إلى ظروف اعتقال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. كما تصر إسرائيل حتى الآن على عدم تجاوز تفاصيل المرحلة الأولى وضمن معايير التحرير الإنساني التي كانت قائمة في الهدنة السابقة.
من جانبه كان المراسل السياسي لموقع “والا” باراك رافيد قد أشار إلى أن المجلس الوزاري السياسي الأمني كان أقر التعليقات الإسرائيلية على رد حماس. ونقل مسؤولون إسرائيليون كبار الرسائل إلى قطر ومصر والولايات المتحدة. ورفضت إسرائيل دعوة مصرية لإرسال وفد إلى القاهرة في هذه المرحلة، وشددت على ضرورة تضييق الفجوات، لأن رد حماس لا يسمح بإجراء مفاوضات جدية. ونقل رافيد عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن إسرائيل رفضت جزءا كبيرا من مطالب حماس، لكنها أبدت استعدادها للدخول في مفاوضات على أساس الاقتراح الأصلي الذي تم وضعه في باريس قبل بضعة أسابيع.
واعتبر رافيد الرد الذي تم نقله إلى الوسطاء أنه على الرغم من الرد العلني المتشدد لرئيس الوزراء نتنياهو، فإن إسرائيل لا تغلق الباب أمام استمرار المفاوضات حول صفقة رهائن محتملة.
وكان المجلس الوزاري قد ناقش لعدة ساعات ليلة الخميس رد حماس على الاقتراح الذي طرحته في باريس قطر ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل حول موضوع الخطوط العريضة للإفراج عن المختطفين. وأشار مسؤول إسرائيلي كبير إلى أن إسرائيل أوضحت للوسطاء أنها، خلافا لمطلب حماس، لن توافق على انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من “الممر” جنوب مدينة غزة الذي يقسم قطاع غزة إلى قسمين في وقت مبكر من المرحلة الأولى من الصفقة، ولن توافق على عودة السكان إلى شمال قطاع غزة، ولكن سيكون هناك استعداد لدراسة انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من مراكز المدن في قطاع غزة.
وقالت إسرائيل للوسطاء إنها تعارض طلب حماس إضافة عبارة “بشكل دائم” إلى البند في مخطط باريس الذي ينص على إجراء مفاوضات غير مباشرة بشأن العودة إلى السلام في المرحلة الأولى من الصفقة. ويعود السبب في ذلك إلى رفض إسرائيل الالتزام بإنهاء الحرب بعد الانتهاء من تنفيذ صفقة إطلاق سراح المختطفين.
وأوضحت إسرائيل للوسطاء أنها غير مستعدة لأن تناقش، في إطار المفاوضات حول صفقة الرهائن، ما أسمته حماس في جوابها “رفع الحصار” عن غزة. وأكدت إسرائيل للوسطاء أن “مفتاح” إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذي قدمته حماس في جوابها غير معقول. كما أوضحت إسرائيل أن القائمة الطويلة من المطالب المرفقة في ملحق رد حماس، مثل الالتزامات المتعلقة بالمسجد الأقصى أو في ما يتعلق بأوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، غير مقبولة ولا علاقة لها بالصفقة الحالية.
وقد احتجت عائلات الأسرى الإسرائيليين على عدم إرسال وفد لمواصلة المفاوضات في القاهرة، ووجهوا رسالة للحكومة جاء فيها: “يبدو من آخر المنشورات أن المجلس الوزاري الحربي اختار عدم إرسال وفد للتفاوض على إطلاق سراح المختطفين في القاهرة. هذا وينضم القرار إلى سلسلة من المنشورات الاستفزازية حول التنسيق الحكومي في مهاجمة مخطط الإفراج، الأمر الذي قد ينسف المختطفين ويحكم عليهم بالإعدام كما حدث بالفعل”.
وكتبوا أن “موظفي وسائل الإعلام التي تتلقى مساعدات مالية حكومية واسعة النطاق، يطالبون بالتضحية بالمختطفين ويقودون حملة تحريض منظمة ضد المواطنين والجنود الذين اختطفوا في أكبر فشل أمني في التاريخ. من تسلسل الأحداث والتصريحات تطرح أسئلة صعبة حول مدى التزام مجلس الوزراء بالإفراج عن المختطفين، والأسوأ من ذلك أن حملة التحريض تقدم المختطفين وأفراد أسرهم كعدو يجب إزالته من الوطن ومن جدول الأعمال أو إسكاته.”
واعتبرت يديعوت أحرنوت أن قرار عدم إرسال وفد إسرائيلي إلى القاهرة هو نوع من الضغط المزدوج على كل من الوسطاء وحماس. وهي إشارة بأن إسرائيل لا ترى فائدة من المفاوضات والوساطة إن كانت هكذا ،خصوصا أن حكومة نتنياهو ترى أن رد حماس كان سخيفا ولا يشكل أرضية لإطلاق مفاوضات.
وكتبت يديعوت أن إسرائيل ستستخدم في الأيام المقبلة ممارسة ضغوط مزدوجة: من ناحية استمرار الضغط العسكري، ومن ناحية أخرى الضغط على الوسطاء لإقناع حماس بتقديم اقتراح آخر. وربما جاء الدليل على ذلك في تصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه أمر الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية بإعداد خطة “لعمل قوي” في رفح، بهدف تدمير أربع كتائب تابعة لحماس يقول إنها تعمل هناك، بينما تم إيجاد حل لإجلاء أعداد كبيرة من اللاجئين الذين يزدحمون المدينة القريبة من الحدود المصرية.
ودعونا نتذكر أن العملية في رفح تثير قلقا كبيرا في مصر، التي تشعر بالقلق من احتمال أن تحاول أعداد كبيرة من اللاجئين عبور الحدود من رفح إلى سيناء.