إرهاب نقابي تربوي..على من؟
د.أحمد عياش
بشرتنا هيئة التنسيق العام بيوم غضب وهددتنا نحن المواطنين بإضراب مفتوح في بلاد تئن وترزح وتتألم من تراكم المصائب عليها ،في فترة زمنية يقف فيها المواطن اللبناني مترددا وحائرا ويائسا عند حافة صخرة الروشة، بين ان ينتحر او ان يسرق او ان يقتل او ان يًجنّ فيها او ان يفجر نفسه بمن يؤمن انهم ظالموه وقاتلو اطفاله.
بعد المجازر الدموية في زمن الحرب وبعد المجازر الاقتصادية والمالية والصحية في زمن السلم ، بشّرتنا النقابات في الادارات العامة والمدارس الثانوية والجامعة اللبنانية بمجزرة ادارية وبمجزرة تربوية لتكتمل فصول المأساة ولتشتد حلقة حبل المشنقة حول عنق المواطن المسكين والتلميذ والطالب المقتولة أحلامه، كأن سيئات التعليم عن بعد لا تكفي لتشريد جيل .
مرة اخرى تخطىء النقابات في اختيار طريقها النضالي من اجل تحسين مداخيلها بقهرها المواطن المذبوح ،وبأخذ التلامذة والطلاب رهائن لا يفكون اسرهم الا اذا استجابت الدولة لمطالبهم.
ارهاب جامعي-تريوي-اداري بإمتياز ضد الناس المساكين الذين ما دخلوا ادارة في الدولة الا والرشوة او السمسار او تعقيد الامور او اتصال هاتفي بموظف ثالثهما ورابعهما وخامسهما وسادسهما.
ليخبرنا اساتذة الجامعة عن رواتبهم والمميزات الملحقة بها من طبابة ومدارس وجامعات وعطل وحقوق تقاعد وغيرها ،مع حق غريب في تسجيل ابنائهم في جامعات خاصة ،وهم المحاضرون والبحاثة مقابل عدد الساعات التي يقدمونها اسبوعيا على مدى عام دراسي لا يتعدى الثمانية او التسعة اشهر لنتضامن ولنتعاطف معهم.
من نحن؟
نحن الناس المطلوب رأسنا اينما ادرنا وجهنا للدعاء وللصلاة كي نحافظ على كرامتنا.
وكأن هذه النقابات حائزة بجدارة على ثقة الكادحين والعمال والفلاحين والطلبة وصغار الموظفين وصغار اصحاب المهن الحرة.
هذه النقابات التي ليست الا صورة طبق الاصل عن الاحزاب الحاكمة حاليا وسابقا، والتي لا تتحرك وليس لديها الجرأة ان تتحرك من دون مرجعياتها السياسية الموجودة اصلا في السلطة، تنص القوانين وتشرعها.
اكثر من عام مضى على موتنا الجماعي البطيء وعلى رديفنا الانتحاري المتحول من ظلم دولة مالية عميقة، ولم نسمع حسّا في الشارع لاتحاد عمالي عام او لنقابات تهتف ضد من اوصل البلاد الى الافلاس المالي.
كانت وما زالت الناس في الساحات ضد الدولة المالية العميقة، انما من دون مشاركة نقابة واحدة رسميا، ونكرر رسميا من تلك النقابات الموقعة من اجل يوم غضب.
حتى القضاة في بلادي ان مسّ احد بمكتسباتهم يقفلون المحاكم امام الناس ويعتكفون.
نحن الناس المأخوذون رهائن، من ينطق بإسمنا؟
لسنا ضد ان تتحسن رواتب كل الموظفين وكل الاساتذة ولسنا ضد تقليل ساعات عملهم ايضا ، انما ما علاقة الناس والتلامذة والطلاب في صراع بين نقابات ودولة؟
ما الفرق بين التصرف المليشياوي في الشارع ضد الناس الابرياء لابتزازهم وأخذ المواطنين والتلامذة والطلاب رهائن لابتزاز الدولة؟
انتم انفسكم الدولة وانتم السلطة وانتم الاحزاب الحاكمة ومنكم من صار وزراء ،وانتم صورة طبق الاصل عن الاحزاب الحاكمة لأن لا نقابات مستقلة عن الاحزاب الحاكمة في لبنان حسب علمنا .
فباي الاء ربكما تكذبان؟
تفضلوا وتوجهوا لقياداتكم مباشرة ، قياداتكم المتهمة بنهب المال العام في البلاد، وانتم تعلمون ذلك ،الا انكم تخشون الحراس في الطرق وتستخفون بحياة الناس الذين لا حول ولا قوة لهم غير الدعاء والصلاة.
ما الفرق بين المصارف التي أذلت الناس وبين نقابات تأخذها رهينة؟
انتم الحكم وانتم النقابات.
كأنكم لا ترون حولكم ولا عجب في ذلك، فقياداتكم الحقيقية ايضا لا تصدق انها منسلخة عن هموم وعن عاطفة الناس.
نحن الناس لا اب لنا ولا ام ولا اخ ولا اخت ولا حتى في البلاد دولة لنطالبها ،فعن اي دولة تتحدثون؟..
انهم طلابكم وزبائنكم .
لماذا لم تنضم اليكم ايضا نقابة موظفي المصرف المركزي وكازينو لبنان وموظفي طيران الشرق الأوسط ليعلو الهتاف اكثر؟؟
كل من يأخذ الناس والتلامذة والطلاب رهائن ضد اي يكن ليسوا بنقابيين وليسوا بمناضلين وليسوا بأكاديميين.
اذهبوا وابتزوا احزابكم الحاكمة تاريخيا التي اوصلتنا الى ما بعد المأساة رعبا وخذوا قياداتها رهينة وارحموا عزيز قوم ذلّ.
ان كان القطاع العام والجامعة اللبنانية والعمل النقابي يهمونكم فعلا فاعلنوا براءتكم من وصاية الاحزاب الحاكمة عليكم والقيادات المتهمة والمشبوهة بنهب المال العام لنمشي معكم حفاة الاقدام هاتفين بحياتكم.
حسنوا واحموا القطاع العام الذي نطالب بتعميمه واعلوا من شأن الجامعة اللبنانية التي بها نفتخر، انما لا تضلوا الطريق ودعوا الناس والتلامذة والطلاب بحال سبيلهم. يكفيهم الذل الذي هم فيه..والسلام!