سياسةمحليات لبنانية

إدارة ترامب تحاصر عهد عون – سلام: نفذوا الأوامر !(حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز

 

ما زالت تداعيات استجابة لسلطة التنفيذية في لبنان برأسيها (رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام) حيال الأمر الأميركي بمنع دخول الطيران الإيراني المجال الجوي اللبناني والهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي، تتفاعل رسميا وشعبيا، وإن بدا أن الإتصالات التي بذلها الرئيس نبيه بري وقيادة حزب الله قد أثمرت آلية لحل هذه الأزمة عبر القنوات الديبلوماسية.

ويحاول رئيس الجمهورية بالتنسيق مع رئيس الحكومة إقناع الإدارة الأميركة بالتخفيف من حجم الضغط عليهما، في ما يتعلق بسلاح المقاومة وترك هامش لهما لمعالجة هذا الملف وفقاً لرؤية وضعها العماد عون تقضي بالفصل بين منطقتي جنوب الليطاني وشمالها.

ففي منطقة الجنوب تسلم الجيش اللبناني من المقاومة كامل الأسلحة والمنشآت، أما في الشمال فإن ذلك سيخضع لتوافق لبناني وطني يستند الى استراتجية وطنية للدفاع ستقر بموجب قانون بعد أن يتم التوافق بشأنها على طاولة حوار وطني يدعو اليها الرئيس عون.

وإلى ذلك الحين فإن إدارة ترامب ستواصل حصارها للبنان بإنتظار نتائج الاستجابات المتتالية للسلطة في لبنان، والتي بدأت بالتغطية الأميركية للجرائم المتمادية في الجنوب وفي غير مكان من لبنان، كما أظهرت مواقف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في دولة الاحتلال أمس بعد لقائه رئيس وزراء العدو، وتأكيده انه “في ما يتعلق بلبنان، فأهدافنا متماثلة ومتوازية، وتتمثل بأن تكون الدولة اللبنانية قوية وقادرة على السيطرة على حزب الله ونزع سلاحه”. 

وأضاف روبيو:” تمثل إيران الموضوع المشترك بين هذه التحديات كلها، وهي المصدر الأعظم والأوحد لانعدام الاستقرار في المنطقة. نجدها خلف كل جماعة إرهابية، وخلف كل من أعمال العنف، وخلف كل نشاط مزعزع للاستقرار، وخلف كل ما يهدد السلام والاستقرار للملايين الذين يعيشون في هذه المنطقة. وأعني آيات الله بالتحديد عندما أذكر “إيران”، وأعني النظام الذي لا يدعمه الشعب الإيراني بالمناسبة. إن الشعب الإيراني ضحية لهذا النظام”. 

“لذا عندما نتحدث عن حماس أو حزب الله أو أعمال العنف في الضفة الغربية أو انعدام الاستقرار في سوريا أو أي من هذه القضايا مثل الميليشيات في العراق، أعتقد أنه من المهم بمكان أن نشير إلى أنه ثمة موضوع مشترك يجمعها، ألا وهو إيران. وينبغي إيجاد حل لهذه المسألة وعدم السماح بأن تصبح إيران يوما دولة نووية تحصن نفسها ضد الضغوط والإجراءات. لا يمكن أن يحصل ذلك، وقد كان الرئيس واضحا بهذا الشأن أيضا”. 

وقال:اسمحوا لي أن أنهي كلامي بما بدأت فيه وإعادة التأكيد على دعمنا القوي لحلفائنا… بل لحلفائنا وشركائنا المقربين جدا هنا في إسرائيل، ودعمنا لشعب هذه البلاد العظيمة والذي نكن له حبا واحتراما بالغين.نحن ندعمكم في كل ما تواجهونه وواجهتموه وستواجهونه. هذه قصة شجاعة فائقة، قصة أمة انبثقت من الرماد عقب جريمة مروعة ضد الإنسانية، وأمة وقفت منذ لحظة إنشائها وأول يوم على ولادتها بمواجهة تهديدات من كل حدب وصوب، لتصبح أمام أعين العالم مثالا للمجتمع التعددي ولديمقراطية المشاريع الحرة. ولو كان ثمة دول إسرائيل أخرى في الشرق الأوسط ودول أخرى مماثلة لها، لبات العالم أفضل وأكثر أمانا”. 

تصريح الوزير روبيو أمس يبدو أنه لم يصل بعد الى مسامع سفراء اللجنة الخماسية في بيروت، والمضحك المبكي أنهم أكدوا بلسان السفير المصري في لبنان بأنهم ملتزمون العمل لإنسحاب العدو من الاراضي اللبنانية المحتلة واعادة الاعمار بإشراف الدولة اللبنانية!

موقف مبهم.. ولا شك أن عضو اللجنة السفيرة الأميركية ليزا جونسون ضحكت كثرا في سرها، وهي تستمع الى تصريح زميلها المصري عن انسحاب اسرئيلي وعن اعادة إعمار، فيما إدارتها وضعت بالأمس شروطا للمساعدات المقررة الى لبنان حيث نقلت محطة “العربية” عن مصدر خاص قوله “إن الجمهوريين سيضعون صيغة عمل تقوم على انتظار ما يفعله اللبنانيون، ولو نجحوا نعطيهم المساعدات المالية والعسكرية، ولكن لا شيء سيصل إلى الجيش اللبناني أو باقي المؤسسات اللبنانية بناء على وعود”.

وأضافت “العربية” يبدو أن لبنان يحاول أن يفتح صفحة جديدة مع مجيء جوزيف عون إلى الرئاسة وتشكيل نواف سلام حكومة جديدة، لكنه في الحقيقة يواجه تحديات تشبه مرحلة انتخاب أول رئيس للجمهورية بعد اندلاع الحرب في العام 1975 وتشكيل أول حكومة جديدة في حين كانت الدولة منهارة.

إحدى الصعوبات هي أن دونالد ترامب رئيس للولايات المتحدة ومقاربات واشنطن للأوضاع في لبنان تختلف كثيراً عما تعوّدت عليه بيروت من واشنطن.

عهد بايدن

وضعت الإدارة السابقة برئاسة جو بايدن أهدافاً غير طموحة للبنان، واعتبرت منذ العام 2021 أن المطلوب ليس تغيير الأوضاع في لبنان بل المحافظة على الاستقرار، والعمل بجدّ لمساعدة اللبنانيين واللاجئين على الأراضي اللبنانية للعيش في ظروف مؤاتية مثل توفير الكهرباء والدواء لهم.

بدأت إدارة بايدن الانفتاح على أفكار جديدة خلال العام 2024 عندما أدركت أن الأوضاع لن تعود لما كانت عليه بين حزب الله وإسرائيل، وأن هناك حاجة لدعم الدولة اللبنانية، والجهة الأساسية المؤهّلة لتلقي هذا الدعم هو الجيش اللبناني وإلى جانبه مؤسسة الأمن الداخلي.

قبل أن يذهب بايدن

سعى مؤيّدو عون والمدافعون عن علاقات الجيش اللبناني المتينة مع الأميركيين إلى ضمان وصول المساعدات المالية إلى المؤسسة العسكرية قبل أن يغادر بايدن الرئاسة، وعلمت “العربية” و”الحدث” أن الإدارة الأميركية خصصت 117 مليون دولار أميركي يذهب جزء منها لقوى الأمن الداخلي.

وصل ترامب إلى البيت الأبيض وأول ما فعله هو وقف المساعدات إلى كل دول العالم، باستثناء مصر وإسرائيل، وهنا يكمن جزء من الصعوبات التي بدأ اللبنانيون في مواجهتها مع الأميركيين، وفقا للعربية..

صعوبات اللبنانيين

هناك فارق كبير بين مقاربة إدارة جو بايدن السابقة لمساعدة اللبنانيين والمؤسسات اللبنانية، ومقاربة دونالد ترامب وإدارته الحالية. فالرئيس السابق كان مستعداً للاستماع إلى وعود المؤسسة العسكرية اللبنانية، وكان مستعداً لتخطي اعتراضات مؤيّدي إسرائيل الذين اتهموا الجيش اللبناني بالتغاضي عن حزب الله ونفوذه في صفوف المؤسسة العسكرية.

الرئيس الحالي وإدارته الجمهورية لن تفعل ذلك، وقال المصدر الخاص لـ”العربية” و”الحدث”، وهو على اطلاع على تفكير الإدارة الحالية، إن ترامب والجمهوريين سيضعون صيغة عمل تقوم على انتظار ما يفعله اللبنانيون، ولو نجحوا نعطيهم المساعدات المالية والعسكرية، ولكن لا شيء سيصل إلى الجيش اللبناني أو باقي المؤسسات اللبنانية بناء على وعود.

الحصار الأميركي للبنان سيستمر ولن يقف عند حدود، وإن اعادة الاعمار لن تحصل حتى ولو انسحب العدو من كامل الاراضي التي دخلها أثر العدوان الأخير، فتلك المنطقة قد يصيبها ما قد يصيب غزة من أفكار “مبدعة” للرئيس ترامب وفقا لوصف روبيو نفسه!

فهل ستخضع السلطة التنفيذية اللبنانية وما هي الأوراق التي تمتلكها؟

كيف سيكون عليه موقف أبناء القرى وموقف المقاومة بأجنحتها الوطنية والاسلامية؟

وما هو أثر الحصار على الداخل اللبناني وقدرة الحكومة على الحكم، كسلطة مركزية؟

أسئلة لا أجوبة عليها حتى الآن بإنتظار التطورات في الايام القليلة المقبلة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى