إخضاع الزواج الى قانون 1951 (للأحوال الشخصية لكل طائفة) مخالفة صريحة للدستور
لا يسعنا سوى التفاؤل بالمبادرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن والتأمل بها خيرا ،ولو أننا لا نجد جدوى ولا ضرورةً للحوار الذي تود إجراءه بشأن الزواج المدني.
فالزواج حرية أصيلة من الحريات العامة التي تكفلها دساتير الأنظمة الديمقراطية. وإذا كان لبنان، حقاً وليس وهماً جمهورية ديمقراطية، فهذا يعني انه قائم على احترام الحريات العامة، وقد نصّ دستورنا على ذلك في الفقرة ج من مقدمته، مضيفاً اليها العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل.
وبالاضافة الى الحماية الدستورية فإن حرية إنشاء العائلة كما حرية المعتقد من الحريات التي تضمنها شرعة حقوق الانسان.
الاّ ان الزواج في لبنان أصبح يخضع بموجب قانون صدر في ٢ نيسان ١٩٥١ الى أنظمة الأحوال الشخصية الخاصة بكل طائفة ،بعد ان سمح لها بوضع قوانين أحوالها الشخصية ليكون ذلك أكبر مخالفة للدستور في تاريخ الجمهورية اللبنانية. ولا ننسى الإضراب الذي أقدم عليه المحامون تلك السنة لمدة ثلاثة أشهر للتعبير عن رفضهم لهذا القانون.
فلبنان جمهورية برلمانية يعود حق التشريع فيها لمجلس النواب دون سواه كممثل عن الشعب الذي من المفترض ان تترجم ارادته بقانون واحد ،وليس بمجموعة قوانين ينشأ عنها خرق كبير لمبدأ المساواة بين ابناء الوطن الواحد.
وهذا ما حصل في الواقع، فقوانين الأحوال الشخصية تميز بين المواطنين وتعتبر اختلاف الدين مانعاً من موانع الزواج ما لم يقم احد الطرفين بتغيير دينه، الأمر الذي يؤدي الى استحالة الارتباط بين من هم من طوائف مختلفة. وفي ذلك ضرب لمبدأ التعايش والاندماج والمواطنة الحقة، كما وأنه مخالف لمبدأ ضمان الحريات والمساواة في الحقوق، ومخالف للمادة ١٦من شرعة حقوق الانسان التي نصّت على ان " للرجل والمرأة ان يتزوجا وان ينشئا عائلة دون ان يقيدا بأي قيد يمت الى العرق او الجنسية أو الدين".
وإنطلاقاً مما جاء فإن التحاور بشأن الزواج المدني هو بمثابة الإمعان في خرق الدستور واعتبار ان هناك جهة تعلو سلطته.
ولكن لا سلطة، مهما علا شأنها تعلو الدستور. فكيف ندّعي اذاً احترامه ونحن نمارس الاستنسابية في التطبيق ونخرق اهم الحريات المكفولة فيه؟