سياسةمحليات لبنانية

لماذا تظهير محاولة لاغتيال الحريري ؟ومن المستفيد؟

 


محمد هاني شقير -الحوارنيوز خاص
في 14 شباط  2005، اغتيل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وسقط في جريمة الإغتيال ٢١ شخصا من المارة والمرافقين، عندما انفجر ما يعادل 1000 كيلوغرام من مادة تي إن تي في أثناء مرور موكبه بالقرب من فندق سان جورج في بيروت. 
بعد ظهر يوم الأحد 28 حزيران 2020 خرج علينا خبر جديد حول محاولة اغتيال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بثته قناة مملوكة من المملكة العربية السعودية من دون التدقيق به أو اسناده إلى مصدر رسمي، والجميع لا يزال يتذكر عملية إعداد أحد أهم شهود التضليل في قضية الحريري، وتحقير الرئيس سعد الحريري والتهديد الذي كاد ان يرتقي الى مستوى التهديد بالقتل!!
الآن، دخلت المنطقة ككل ولبنان كجزء حيوي وأساسي منها، في ظرفٍ سياسي وأمني واقتصادي جديد يطغى عليه كله جو من العنف الذي يقوده رئيس الولايات المتحدة الاميركية دونالد ترامب، والذي على ما يبدو فقد ملكة العقل بالمطلق وتقوده غرائز تنحو الى التصادم مهما كلف الأمر من خسائر سيما وأن الانتخابات الاميركية المتوقعة اواخر هذا العام تجعله منقادًا نحوها بخوفٍ وتوجس شديدين، بعد أن رفضت ايران، أقله حتى الآن، الإستجابة لطلب ترامب ومنحه تمريرة يوظفها في معركته الإنتخابية.
جاءت عملية اغتيال الشهيد رفيق الحريري في شباط 2005 لتحدث زلزالاً سياسيًا لبنانيًا كبيرًا توج بخروج قوات الردع العربية من لبنان واجراء انتخابات نيابية أفرزت انتصارًا واضحًا لقوى 14 آذار في ذلك الوقت، وجرت محاولات عديدة لنقل لبنان في ذلك الحين من مرحلة الى أخرى. واستمرت التسويات السياسية اللبنانية بين جميع مكونات لبنان الأساسية وبقي لبنان محكومًا بتوازناته المعروفة والتي لم يتمكن في خلالها أي من الأطراف من تحقيق مشروعه السياسي بشكل كامل كما هو الحال مع قوى 14 آذار آنذاك. وكرت سبحة الاغتيالات لتطال عددًا كبيرًا من السياسيين والمفكرين اللبنانيين وعاش اللبنانيون سنوات من الترقب والحذر ولكن المرحلة بقيت مطبوعة بشيء من تلاقي المصالح التي لم يسعى أيٌ من الأطراف الى كسر الآخر بقدر من حافظوا على توازنات استمرت حتى يومنا هذا.
اليوم يدخل  لبنان والمنطقة أجواء تشبه الى حدٍ ما، أجواء شباط 2005، ولكنها هذه المرة مختلفة لأنها موسومة بسياسة اميركية متعددة الأشكال والضغوطات، فالأميركي يضيق الخناق الاقتصادي على كثير من شعوب العالم وبطبيعة الحال على شعوب منطقتنا، فهو يضع يده على منابع النفط في سورية ويحرمها من حقها في مواردها الطبيعية،  ويواصل الضغط الاقتصادي على ايران ويمنع عنها المساعدات الدولية والاستفادة، حتى الآن، من قروض البنك الدولي في محاولة منه لخلخلة البنية الاقتصادية الايرانية وبالتالي تأليب الرأي العام الايراني، كما يستخدم الاميركي نفوذه في العراق حيث تمكن من فرض رئيس للوزراء مقرب له على الرغم من النفوذ الايراني الكبير في ذلك البلد.
تأتي هذه التطورات في ظل صراع شديد أميركي – روسي – صيني، عنوانه الأساس من يصرخ أولاً يخسر.
في ظل هذه الأجواء السياسية في المنطقة وفي ظل ما يعيشه لبنان من أزمة اقتصادية خانقة تستهدف شعبه، وأزمة سياسية تقوم على تحكم 8 آذار بالحكم وتعثرها في قيادة البلاد الى بر الأمان، وفي ظل تفكك قوى 14 آذار وعدم وجود تنسيق حقيقي فيما بينهم، وفي ظل تصاعد حالة الرفض الشعبية التي بدأت في 17 تشرين بانتفاضة حاول الجميع منعها من التبلور والاستمرار.
في هذه الظروف بالذات يأتي خبر محاولة اغتيال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في البقاع ليطرح أسئلة أمنية وسياسية لافتة في المضمون والشكل. وقد جاء بيان شعبة العلاقات العامة في قوى الامن الداخلي ليضع حدًا لمعظم التأويلات التي تمحورت حول هذا الخبر، ولا سيما ما ذهب إليه النائب السابق مصطفى علوش لجهة استخدام حديث فتنوي من شأنه إثارة النعرات الطائفية والمذهبية في وقتٍ يشهد لبنان واحدة من أشد أزماته السياسية المتداخلة والتي يجهد كثيرون الى مذهبتها وبالتالي تجييش الساحات بما يتناقض وروحية انتفاضة 17 تشرين، لأجل تسعير خطاب مذهبي ربما تمهيدًا للتحضير الى تسويات فوقية شهد لبنان نماذج كثيرة منها منذ اتفاق الطائف وحتى يومنا هذا.
وبالمناسبة طرح مصدر أمني سؤالاً واحدًا: هل تخطئء المسيّرة صاروخها على بعد 500 متر؟! مؤكدًا أن الأمر لا يمكن التعويل عليه ويفضل انتظار وصول التحقيقات الى خواتيمها لتنجلي معها كل الملابسات المتعلقة بهذا الموضوع.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى