رأي

أيام الخيارات الحاسمة ؟!(علي يوسف)

 

كتب علي يوسف:

 

لم أكن اعتقد ان تبلغ الوقاحة حد عقد اجتماع  في البحرين لقادة خمسة جيوش عربية  مع رئيس الأركان الصهيوني  وبدعوة وبرئاسة عسكرية اميركية ،في الوقت الذي  تقوم فيه الادارة الاميركية الصهيونية بحرب إبادة  مستمرة  للشعب الفلسطيني في غزة والضفة ومحاولة حرب ابادة للامن القومي في لبنان واليمن والعراق وسوريا ..

والملفت ان يترافق ذلك مع مظهرين مستفزين مكملين  لصورة وقاحة وعهر السياسة الاميركية الصهيونية،  تمثلا بالحديث عن  “تقدم “في مفاوضات  الملف النووي الايراني  ودعوة قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون الى الولايات المتحدة الاميركية واجتماعه بقائد القيادة المركزية الاميركية ..

قبل الحديث عن المضامين التي يمكن ان يتضمنها هذا الاجتماع السباعي في البحرين والاجتماع المكمل له في زيارة قائد الجيش اللبناني يجب التوقف عندهما في الشكل …!!!

١- هو الاجتماع العلني الاول الذي يشارك فيه قائد الجيش السعودي بوجود رئيس اركان الجيش الصهيوني     …

٢- ان هذا الإجتماع  يأتي مترافقا  مع  المبادرة الاميركية المموهة في قرار مجلس الامن لجهة وقف  اطلاق النار ..  

٣- ان دعوة قائد الجيش اللبناني الى اميركا ،وان كان على نحو منفصل، لايمكن فصل مباحثاته عما كان  يجري وجرى في اجتماع البحرين، كون لبنان منخرطا فعليا في المواجهة مع العدو الصهيوني الأميركي،  بغض النظر عن فوضى التوصيفات  والشعارات والمضامين السياسية والعسكرية التي تُعطى لهذا الانخراط، ان من جهة المقاومة ومحورها او من  جهة السلطة اللبنانية او من جهة بعض القوى السياسية التافهة  التي تلهث لاثبات  انتمائها الغربي والمسماة ” شريكة في الوطن ” .

٤- ان محاولة الإكثار من الحديث عن تقدم  في مفاوضات الملف النووي الايراني للتغطية،  هو محاولة للتغطية على المواقف التي يطلقها المرشد السيد الخامنئي ولمحاولة الإيحاء  بوجود غطاء ايراني للمشروع الاميركي الصهيوني الذي سيأتي من البحرين مكملا لمشاريع الوساطة العربية الاميركية الصهيونية  او الاميركية المنفردة المموهة بقرار دولي،  وعلى نحو اكثر خطورة  لايجاد تسوية تقوم على ركيزة” ايجاد مخرج لهزيمة المقاومة الفلسطينية”، في حين ان الهدف الفعلي لها هو  اخراج  المشروع الاميركي الصهيوني  من واقع العجز  ومحاولة انقاذه بالضغوط السياسية والتجويع والدمار والمجازر ..

٥- ان خروج رئيس الاركان الصهيوني الى خارج الكيان  للمشاركة في اجتماع البحرين رغم اشتداد المعارك على الجبهات وتوسعها والخسائر التي يتعرض لها الجيش الصهيوني، يدل بشكل قاطع   على اهمية هذا الاجتماع واهمية المشروع الذي يجري طبخه وعلى الحاجة  الملحة والماسة  لإنقاذ الجيش الصهيوني والكيان مما هو واقع فيه …

٦- مجيء  الصهيوني المسمى  في لبنان وسيطا حدوديا عاموس هوكشتاين الى الكيان الصهيوني في مهمة غير معلنة الأهداف،  وان كانت ايحاءاتها أكثر من واضحة، ويمكن سؤال بعض اللبنانيين المعروفين عنها  اذا كان قد اعطاهم الإذن ببدء الترويج …

 

ولعل كل ما اوردناه لجهة ما  حمله هذا التحرك  في الشكل يدل على اهمية ما سوف يظهر في الايام المقبلة  من ضغوطات عسكرية وسياسية وامنية،  قد تكون قاسية جدا  ومفتوحة على كل الاحتمالات …..

الواضح من كل ذلك ان الجيش الصهيوني والكيان الصهيوني لم يعودا قادرين على احتمال حرب الاستنزاف الحالية وان الكيان  بات غير قادر على تحقيق  اي انجازات  منفردا  مما  يتهدده بانهيار سياسي وعسكري،  وان المشاركة والدعم الاميركيين  بالصيغة المعتمدة باتا  يواجهان المأزق الصهيوني عينه …

والواضح ايضا ان المبادرة الاميركية عبر مجلس الأمن لم تكن هي  مشروع انهاء الحرب، بل هي  وعبر تحميل حركة حماس، اي المقاومة الفلسطينية، مسؤولية  فشل المبادرة، هي احدى  خطوات البداية لهجوم كبير لاستكمال مشروع الإبادة، ولكن هذه المرة عبر محور متكامل عربي صهيوني استوجب تكوينه عقد اجتماع البحرين  واجبار السعودية على حضوره علنا  مع رئيس الاركان في الجيش الصهيوني،  لمناقشة تشكيل قوة مشتركة عربية صهيونية غربية  تقوم بفرض انهاء المقاومة الفلسطينية في غزة،  واقامة سلطة حماية فيها تحت شعار ان حماس حركة متطرفة تؤدي مواقفها الى دمار الشعب الفلسطيني  وتمنع تحقيق مشروع  ما يسمى “بالدولة الفلسطينية ”  الموعود،  منذ  الاغتصاب الصهيوني للارض الفلسطينية كبداية لمشروع السيطرة على الاقليم وثرواته باسم الغرب  ومصالحه …

ويبدو ان الادارة الاميركية  ستعمل لتحقيق هذه الخطوة عبر ضغوطات كبيرة على لبنان  لتحويل انخراط لبنان في المواجهة مع العدو الفلسطيني الى قضية انسانية وحدودية،  وبحيث يتم معالجة الجانب الانساني بتدخل القوة المشتركة لوقف الحرب والوعود المعروفة، ويتم معالجة الجانب الحدودي باتفاق تدريجي  من الوعود بانسحابات  صهيونية من كامل المناطق  التي لاتزال محتلة في لبنان ، وعزل لبنان عن القضية الفلسطينية، وهو امر للاسف يتناغم مع شعارات  المساندة  لغزة والدفاع عن لبنان وتحريره ،التي تطرحها المقاومة  كل يوم والتي تغاير دورها الفعلي  الذي تمارسه في تحمل مسؤولياتها في الامن القومي والاقليمي .. كما ان مشروع عزل لبنان يلقى تأييدا من جهات لبنانية عدة  ،إما مرتبطة بالغرب وتريد التقارب مع الشرطي الغربي منذ زمن،  وإما من  جهات  لبنانية اخرى ورغم “عواطفها القومية”، الا انها اكتسبت مصالح سلطة قائمة على العلاقة مع الغرب وتريد المحافظة عليها وتعزيزها وبجهالة كاملة لمعنى الامن القومي  ولمستقبل لبنان  ولمستقبل مصالحهم  خارج وضوح في الامن القومي ..

 ولا يمكن وضع  دعوة قائد الجيش العماد عون الى اميركا  وارسال هوكشتاين الى الكيان الصهيوني في الوقت الحالي  المترافق مع اجتماع البحرين الا في هذا الإطار …..

كما   تأمل  او تعتقد الادارة الاميركية ان وقف الحرب في غزة  سيخرج العراق واليمن من المواجهة  بغض النظر عن كيفية وقف هذه الحرب واثمانها ….

ويجري كل ذلك مترافقا مع حملة اعلامية حول مفاوضات اميركية ايرانية لإظهار وكأن ايران تغطي مثل هذا التحرك، وستحصل على ثمنه  باعادة العمل بالاتفاق  النووي، بما يتيح تفسيخ وحدة الموقف في ساحات المقاومة واعادة الاعتبار لثقافة المصالح الغربية …..

اعتقد اننا امام مرحلة الخيارات  التاريخية الحاسمة بين قدرة الادارة الاميركية الغربية الصهيونية على  فرض الاذعان  لانشاء محور عربي غربي صهيوني ينقذ المشروع الصهيوني الغربي في المنطقة ويفسخ وحدة الموقف في الساحات ويعيد الامساك بالمنطقة ويعزز مواقعه في الصراع الدولي،  وبين فشل هذا المشروع وتطور الحرب المفتوحة  والميدان الى ما هو اعمق من السقوف والشعارات السياسية المطروحة  لاستكمال  مشروع صناعة هزيمة  الكيان الصهيوني وانهياره وزواله  واقامة نظام اقليمي جديد  …..

واسمحوا لي ان اؤكد ان اي تسوية مرحلية ستكون لمصلحة نجاح المشروع الاميركي الصهيوني، لأن ميزان القوى السياسي لا يزال في مصلحة هذا المحور، ولأن  تعديل ميزان القوى لن يتم الا في الميدان ….

  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى