أيار 2022 آخر إنتخابات نيابية (حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز
أربعة عشر يوماً وتبقى لولاية المجلس النيابي الحالي سنتان . من 20 أيار 2022 الى الآن لم يسجل للمجلس الحالي مبادرات متكاملة لوضع البلاد على سكة السلامة وطنيا واقتصاديا واجتماعيا. الأسباب متعددة لعل ابرزها العرقلة المتعمدة من قبل فريق سياسي، اعتبر ويعتبر أن الحياة الدستورية بكليتها يجب أن تُعلّق في ظل الشغور في كرسي الرئاسة الأولى، فضلا عن التناقضات الوطنية والطبقية في مقاربة عدد من الملفات الاقتصادية والمالية ما يجعل من البرلمان ساحة للجدال البيزنطي لا للحوار الديمقراطي.
في العام 1992 جرت أول انتخابات نيابية بعد اقرار التعديلات الدستورية بموجب قانون ،لتصبح جزءا ميثاقيا من الدستور لاسيما المقدمة وبعض الاصلاحات الكبرى التي تضع البلاد على سكة الإنتقال من بلد الطوائف الى بلد المواطنة…
المؤسف أن هذه الانتخابات والانتخابات التي تلتها كانت “غير دستورية” وفق تعبير الرئيس نبيه بري في تصريح سابق له، لأنها لم تجر وفق ما نصت عليه تعديلات وثيقة الوفاق الوطني المعروفة بإتفاق الطائف، وأقرت بموجب قانون دستوري، لاسيما لجهة مضمون المادة 22 من الدستور والمادة 24 منه، لجهة انتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي واستحداث مجلس شيوخ لحفظ حقوق الطوائف في القضايا المصيرية، كمدخل لبناء دولة المساواة والمواطنة.
لقد طغت على المراحل اللاحقة لإقرار الوثيقة الدستورية (الطائف) سمة التسويات وتبادل المنافع بين كل من تسلّم أمرة السلطة، وكان من نتيجة ذلك أن تم تجاهل الإصلاحات وإدخالها سوق الغنائم ومراعاة الخواطر، وكل ذلك على حساب بناء المؤسسات وعلى حساب المصالح الوطنية الكبرى، ما أجهض “الطائف” فعليا.
بعض المحاولات الاصلاحية كانت قد برزت سابقا وآخرها اقتراح قانون انتخابي خارج القيد الطائفي قدمته كتلة التنمية والتحرير برئاسة بري، وتضمن ما يمكن توصيفه بمجموع الاصلاحات الدستورية ذات الصلة، لكن “المخاوف الوجودية” و”التمسك بالامتيازات” واستعادة بعض ما سلبه الطائف منها، جعلت الأحزاب المسيحية ترفض اقتراح القانون وتعتبره تهديدا وجوديا للمسيحيين، فيما هو قد يكون تهديدا لمجمل الأحزاب الطائفية، وليس للطوائف بذاتها بعد انشاء مجلس الشيوخ كمجلس مؤلف مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
أما وأن إشتداد الانقسامات العامودية بين المكونات اللبنانية بلغ مرحلة متقدمة، وأدرك من كان ينجز التسويات المؤقتة لغايات بعضها نبيل تحت عنوان “مقتضيات الوفاق الوطني” وجلها على قاعدة تبادل الخدمات والمصالح الفئوية…
وبعد أن تبين أن الحل لم يعد ممكنا في لبنان خارج إطار تطبيق الدستور وبناء دولة القانون والمواطنة وتنفيذ اصلاحات الطائف وفي المقدمة منها: الغاء الطائفية واقرار قانون السلطة القضائية المستقلة واجراء الانتخابات النيابية خارج القد الطائفي بموازاة اقرار قانون انشاء مجلس للشيوخ، فإن أي انتخابات قادمة لا تنسجم مع مندرجات الدستور فهي باطلة دستوريا ولا تستقيم وطنيا وتعتبر تماديا في الجريمة المرتكبة بحق الوطن من قبل كافة المكونات البرلمانية.
إن الظروف الإقليمية لا تبدو أنها مفتوحة على تسويات قريبة، وكما المنطقة، فإن الانقسام اللبناني قد يمتد الى العام 2026 فنجد أنفسنا أمام استحالة التوافق على قانون انتخاب دستوري، وأن التنازل عن تطبيق الدستور لمصلحة “المقتضيات الفئوية” بمثابة المسمار الأخير في نعش جمهورية متهالكة، فإن غالب الظن أن انتخابات ايار 2022 قد تكون آخر انتخابات نيباية في لبنان، والحل اللبناني التقليدي يكمن في التوافق على التمديد، كما سيحصل غدا على صعيد المجالس البلدية والاخنيارية!.