فادي عمار – كييف- الحوارنيوز خاص
في العشرين من آب 1991 كانت العاصمة الاوكرانية كييف تغص بعدد كبير من الاوكران وذلك في اليوم الثاني على اقصاء الرئيس السوفياتي الأخير ميخائيل غورباتشوف عن الكرملين ومحاصرته في منتجع مدينة فيوديسيا في شبه جزيرة القرم.
عددٌ من المحتشدين في ساحة ثورة اوكتوبر في وسط كييف، كان يرفع راية الحركة القومية الاوكرانية وهي حركة أسسها بانديرا في الغرب الاوكراني وساندت الإحتلال النازي في بلاد السوفيات وشنت هجمات ضد الجيش الأحمر السوفياتي خلال الحرب الوطنية العظمى.
تلك الحركة كانت تناصب العداء لموسكو، بيد أن مركزية الحكم بقيادة جوزف ستالين حالت دون تمددها خارج الغرب الاوكراني، وتلك الحركة المتطرفة تريد إعادة إحياء أمجاد حقبة كيفسكي روس التي أمتدت سلطتها الى مدينة فارونا قرب موسكو.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن تعود تلك الحركة القومية المتطرفة الى الميدان في وسط كييف في خريف عام٢٠١٣ لتتزعم المعارضة ضد حليف موسكو الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وساهمت تلك الحركة بقوة في أحداث شباط ٢٠١٤ والتي أجبرت ألرئيس الأوكراني على مغادرة كييف.
ولم يكن القطاع الأيمن وهو الجناح العسكري للحركة المتطرفة سوى مرآة لأداء مؤسسي تلك الحركة في الغرب الأوكراني.
فالقطاع الأيمن نفذ الكثير من المجازر في كييف، اوديسا وماري بول ، وكانت مجزرة اوديسا في الأول من أيار ٢٠١٤ الأكثر وحشية حيث أجهز عناصر القطاع الأيمن على العشرات في المبنى الرئيسي للنقابات في المدينة واستشهد في المجزره حوالي ١٠٠ شخص.
ليس في ذكر تلك الحركة المتطرفة وأدائها سوى لتقديم فكرة عن أحوال اوكرانيا بعد اسقاط حليف موسكو يانوكوفيتش وتبدل المزاج الشعبي الاوكراني ولا سيما في غرب ووسط البلاد الى مزاجٍ معادي لموسكو بشكلٍ غير مسبوق ومن دون مراعاة العلاقات التاريخية العميقة بين الشعبين الاوكراني والروسي وما يجمعهما من علاقات مشتركة بحكم التاريخي والجغرافيا.
اما اليوم ومع كل تلك الضوضاء الغربية التي تدفع في اتجاه إغراق اوكرانيا بحرب مع جارتها روسيا ،فإن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية إلا يحاول تعزيز روح العداء والكراهية بين شعبين سلافيين تجمعهما علاقات ثقافية واجتماعية و دينية عميقة.
أما اوكرانيا اليوم فهي إحدى ساحات الصراع بين موسكو وواشنطن مع ايلاء الأخيرة أهمية قصوى لضم كييف الى حلف شمالي الأطلسي ولم يخفِ الرئيس السابق جورج بوش خلال زيارته عام ٢٠٠٨ الى كلٍ من كييف وتبليسي رغبة واشنطن بضم الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين للناتو ومذ ذاك الحين وراحت الادارة الاميركية تخطط لتحقيق هدفها وبالتالي كانت الداعمة الاولى للثورات الملونة التي سبق واشتعلت في كييف وقبلها في تبيليسي وامتدت الى قيرغيزستان وبيلاروسيا وصولا الى كازاخستان الشهر الفائت.
لكن ما يجري اليوم لا يسي بأن موسكو ستجتاح اوكرانيا رغم كل التهويل الغربي وانما قد يكرر الكرملين تجربة جورجيا صيف العام 2008 عندما استعادت موسكو اوسيتيا الجنوبية وابخازيا من جورجيا وفي اوكرانيا استطاعت استرجاع شبه جزيرة القرم وضمنت لدانيتسك ولًغانيك اي ما يعرف بالنوبات الاستقلال عن كييف. بيد ان هم موسكو الاول هو ربط شبه جزيرة القرم بالاراضي الروسية وذلك لن يحصل ما لم تضمن نظاما مواليا ليس فقط في الدونيا وانما وصولا الى مقاطعتي الارجوياني ودميبروبتوفسك الاوكرانيتين.
فهل دقت ساعة العبور البري الروسي الى القرم؟
ظروف الجالية اللبنانية
الجالية اللبنانية في اوكرانيا تعيش حالة من الترقب والهلع في ظل الاخبار المتداولة عن هجوم روسي قريب. ويقول رئيس الجالية اللبنانية في اوكرانيا الدكتور علي شريم للحوارنيوز إن عديد أبناء الجالية في حدود اربعة الاف شخص، وهي تضم مقيمين دائمين وطلابا ورجال اعمال.
ويوضح شريم بأن السفارة اللبنانية قد “وضعت أرقام تلفونات للتواصل عند الضرورة، ولكننا ندرك العجز الحاصل عند البعثات الدبلوماسية في الخارج وعدم القدرة على تلبية الإحتياجات. أما على صعيد الجالية، فهناك متابعة مع السلطات الاوكرانية لاي طارئ كأماكن تجمع او لطريقة اخلاء.
يذكر أن وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية نصحت، في بيان، “الرعايا اللبنانيين الموجودين في أوكرانيا بالمغادرة الطوعية السريعة لحين زوال التوتر وعودة الامور الى طبيعتها”. كما نصحت “الطلاب اللبنانيين المسجلين في الجامعات الاوكرانية بأن يقوموا بالتواصل والتنسيق مسبقا مع ادارة جامعاتهم، للحفاظ على حقوقهم وضمان واجباتهم الاكاديمية، وستقوم السفارة اللبنانية في كييف أيضا بالتواصل مع الجامعات لتقديم التسهيلات الممكنة”.
كما دعت وزارة الخارجية والمغتربين “اللبنانيين الذين ينوون السفر الى أوكرانيا الى تأجيل سفرهم في هذا الوقت لحين إستتباب الاوضاع”.