أنور الخليل يكشف حقيقة الأوضاع الإقتصادية والمالية بالأرقام ويرسم خارطة الطريق الإنقاذية
الحوارنيوز – خاص
تنشر "الحوارنيوز" النص الكامل لورقة عضو كتلة التنمية والتحرير النيابية النائب أنور الخليل والتي أعدها لتكون كلمته في الجلسة النيابية العامة التي خُصصت لمناقشة وإقرار الموازنة العامة للعام 2020 بتاريخ 27 الشهر الجاري وقد أقرت في الجلسة نفسها.
وكعادته تناول النائب الخليل بجرأة الأوضاع الاقتصادية والمالية وعرض للوقائع، محللا أبعادها وداعيا لسلوك طريق الحلول "ضمن خطة كاملة متكاملة لا تقتصر على إجراءات ظرفية ورقمية. وقد وصلنا الى مرحلة أصبح فيها من الضروري إجراء العملية الجراحية الحيوية التي طالما تم تأجيلها، بعيداً عن أي هم تجميلي.
ورأى النائب الخليل "أن العملية الجراحية المرتقبة ستغير، ولو لفترة محددة وجه لبنان الإقتصادي المصان في الدستور: " النظام الإقتصادي الحر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة "، كما ثبتته الفقرة ( و) من مقدمة الدستور".
وشدد الخليل على الدور الحاسم للقضاء بعد أن ينال استقلاليته الكاملة، داعيا لمحاسبة كل من تسبب بالأزمة منذ العام 1992 ولتارخه.
هي خارطة طريق يضعها الخليل أمام الحكومة الجديدة مقترحا خطوات تنفيذية في ملفات أساسية كملف الكهرباء كمؤشر للجدية في تناول الملفات الأكثر تأثيرا على حياة اللبنانيين.
الكلمة – الوثيقة للنائب الخليل كاملة:
"عندما نحاول أن نقرأ ماذا جرى ويجري في لبنان على المستويات السياسية والإقتصادية والمالية والمصرفية، يحاول بعضنا أن يغفل مسؤولياتنا الذاتية، ويرد الأسباب إلى الظروف الخارجية بشكل مطلق.
لا شك أن للظروف العالمية والإقليمية تأثير في المجال الاقتصادي والمالي، لكن ما صنتعته أيدينا لا يقل أهمية وخطورة عن الأسباب الخارجية، لا بل تكاد تكون الأسباب المرتبطة بآدائنا العام، هي الأسباب الحاسمة التي أوصلت البلاد الى ما بلغته من إنهيارات على مختلف الصعد.
فمنذ العام 2011 أخذت المؤشرات منحى إنحدارياً متسارعاً تقاطع مع تلازم سياسي خطير تمثل بفراغ رئاسي لسنتين ونصف وبهدر الأشهر الطويلة في تشكيل الحكومات كما ازداد فراغ الحوكمة على جميع المستويات الإدارية الرسمية.
لذلك، دولة الرئيس، أعتقد أنه من الضرورة بمكان أن لا يصدر أي عفو عام كما صدر في عام 1991وعفى عن كل ما حدث، ولكن في هذا المشهد المؤلم لما توصلنا اليه من فساد وإفساد في أكثر إدارات الدولة ومؤسساتها، يجب علينا أخلاقيا وقانونيا أن يُحاسب كل مسؤول كان له دوراً فيما حدث منذ العام 1992 حتى أوصلنا المواطنين إلى أن يشحدوا ودائعهم ويتوسلوا الحصول على أموالهم التي جنوها بكد اليمين وعرق الجبين.
مليارات الدولارات قد نُهبت واختفت من بعض الوزارات والمؤسسات العامة، ولذلك يجب أن نكشف كل مرتكب كي يكون في ذلك عبرة لمن يعتبر، وليؤكد مجلس النواب دوره الدستوري الرقابي وعلى مستوى المسؤولية للأمانة التي أوكلها اليه الشعب بإنتخابه لنا. وهنا تبرز الضرورة القصوى لقيام سلطة قضائية مستقلة كل الإستقلال لتكشف كل مرتكب وتدين كل من تثبت إدانته بحكم القانون.
أما عن الموازنة فالواضح أنّها موازنة رقمية، لا تشفي غليلا" مثلها مثل موازنات السنوات السابقة، باستثناء بعض الإصلاحات الطفيفة، تغيب عنها رؤيا إقتصادية ومالية ونقدية، وإجتماعية، مما يستتبع وضع خطط لتنفيذ هذه الرؤيا وهذه الخطط ترسم تفاصيل الموازنة المطلوبة لتنفيذها.
ومن إشكالات هذه الموازنة أيضاً عدم توفر مبادئ الشمول والشيوع والتسوية والوحدة المكرّس دستورياً بنص المادة 83 من الدستور، قانونياً بنص المادة الثالثة والمادة الحادية والخمسين من قانون المحاسبة العمومية.
كذلك أعادت لجنة وزارة المالية تقدير واردات الموازنة العامة فتبين انها تبلغ 13.325.132.000.000 ليرة، أي بنقص على الواردات المقدرة سابقاً تبلغ قيمته 6.490.775.000.000 ليرة.
وإذا ما علمنا ان التقديرين، السابق والمعدل، يأخذان في الاعتبار مبلغ 5000 مليار ليرة، تفاهمت الحكومة مع مصرف لبنان وجمعية المصارف بتوفيره للخزينة، لتبين بأن قيمة عجز الموازنة سيرتفع الى 12.057.198.000.000 ليرة، في حال عدم الإلتزام بهذا التفاهم، وبأن مشروع موازنة العام 2020 قد فقد أبرز مقوماته وهي التوازن، لان وارداته الذاتية لا تكفي.
ومن هذا المنطلق تصر لجنة المال والموازنة على إعتبار الواردات المقدرة مؤخراً غير نهائية، وهي تأخذ بها مع التحفظ الواجب، على أساس ان تقوم الحكومة الجديدة، بعد نيلها الثقة، بإعداد مشروع تعديل للموازنة يأخذ في الإعتبار الظروف المستجدة لا سيما على الصعد المالية والإقتصادية والنقدية.
كما أن لجنة المال والموازنة لم تُسقط من حسابها إن إقرار الحسابات المالية يعتبر شرطاً دستورياً وقانونياً ونظامياً لإقرار الموازنة كما تقضي احكام المادة 87 من الدستور والمادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب. إذاً فإننا نشرّع لموازنة جديدة خارج مقتضيات الدستور وهذا عيب واضح.
إستمرار لبنان في معاناته المؤلمة من أزمات أو مزيج من أزمات عميقة وخطيرة جدّاً مزمنة أو حديثة، وضعت الإقتصاد برمته في هوة عميقة يصعب الخروج منها إلاّ بعملٍ دؤوب ومتواصل، وأهم الأزمات:
"الأزمة المالية والإقتصادية والنقدية التي تعصف بلبنان والتي زعزعت كافة القطاعات، من مصرفية وتجارية ونفطية وصناعية وصحية وسياحية وتربوية وغيرها ، ليست وليدة الأمس وهي بكل تأكيد نتيجة تراكمات عقود من سوء إدارة الدولة للقطاع العام والاقتصاد الوطني ، وميزان مدفوعات سلبي لم يعد يسعف ميزان تجاري في عجز متفاقم ، وموازنات صورية لا قيمة لأرقامها، وقطع حساب مفقود منذ عقد ونيّف ( وكلها مخالفات دستورية فاضحة)، ودين عام غير محتمل وسلسلة رتب ورواتب غير مدروسة وضرائب عشوائية، ومفاضلة غير منصفة للقطاع العام على القطاع الخاص الذي كان دائماً حيوية الحياة الإقتصادية، وتوظيف عشوائي غير قانوني ، وغيرها من الممارسات الباثولوجية التي جعلت من لبنان إحدى الدول الأكثر مديونية وفساداً في العالم .
من الضروري النظر الى الأزمة والبحث عن الحلول ضمن خطة كاملة متكاملة لا تقتصرعلى إجراءات ظرفية ورقمية. وقد وصلنا الى مرحلة أصبح فيها من الضروري إجراء العملية الجراحية الحيوية التي طالما تم تأجيلها، بعيداً عن أي هم تجميلي.
للأسف فإن العملية الجراحية المرتقبة ستغير، ولو لفترة محددة وجه لبنان الإقتصادي المصان في الدستور: " النظام الإقتصادي الحر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة "، كما ثبتته الفقرة ( و) من مقدمة الدستور.
أولى الحقائق التي يقتضي تكريسها في معرض هذا التقويم هي أن أزمة السيولة او بالأحرى " شح الدولار" ليست وليدة الساعة بل أنها مستجدة منذ حين، أقلّه منذ تحول في مسار النمو عقب الحرب السورية في العام 2011. وقد إشتدت الأزمة بفعل تسجيل عجوزات سنوية متراكمة في ميزان المدفوعات (بلغ مجموعها أكثر من 15.3 مليار دولار حتى تموز 2019 ) المتأثر أصلاً بعجز الميزان التجاري والممول له وذلك، رغم الهندسات المالية السخية للمصرف المركزي ورفع الفوائد الى مستويات قياسية لجذب الودائع وسيما من الخارج.
ثاني الحقائق التي يفيد التوقف عندها هي ان معظم الدين العام داخلي وقسم كبير منه محرر بالعملة الوطنية.
وتقدر نسبة حملة السندات من أطراف اجنبية ( مصارف، مؤسسات مالية ، وصناديق استثمار) بما يوازي نسبة 10 % فقط من الدين العام الإجمالي ، مما يجعل أغلبية الدين العام ديناً لبنانياً ويسهّل التعاطي معه دون التخوف من نتائج دولية وخيمة.
نظراً لكون الجزء الأكبر من الدين العام ( حوالي 90 % منه ) هو دين متوجب لجهات لبنانية ، فيكفي من جهة دفع مستحقات الجهات الأجنبية كاملة ( كي لا يكون لبنان بحالة تعثر "دولي ") ، ومن جهة اخرى التفاوض مع الجهات اللبنانية ( خاصة منها المصارف التي هي الدائن الأكبر للدولة) أو حتى فرض الحلول عليها ( بموجب قوانين سوف تعرض بكل تأكيد على المجلس الدستوري بموجب طعون لمخالفتها المحتملة لمواد دستورية تصون الملكية الخاصة).
عملياً ، لقد اطلق مصرف لبنان عملية الــ Bale in بموجب قراره الوسيط رقم 13129 الصادر بتاريخ 4/11/2019 الذي فرض على المصارف زيادة اموالها الخاصة الأساسية ( Common Equity Tier One )عن طريق تقديمات نقدية (Contribution to capital cash) بالدولار الأميركي مما يلزم المساهمين بدعم مصارفهم بالعملة الصعبة ، وفي حال لم يكفِ ذلك فإن عملية " قصة الشعر" قد تطال المودعين مباشرة ، سواء بصورة مبطنة وضمنية أو بصورة علنية وواضحة كعملية شطب جزء من الدين عن طريق إقتطاع نسبة معينة من اصل الودائع وقيمة الأسهم والسندات .
إن عملية " قص الشعر " قد بدأت بالفعل وبشكل رسمي مع القرار الوسيط رقم 13157 الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 4/12/2019 والذي فرض دفع 50 % من الفائدة على الودائع بالعملات الأجنبية بالليرة اللبنانية .
كما أن ديون القطاع الخاص تشكو من تعثر سيؤدي حتماً إلى إنعكاسها على ميزانيات المصارف.
ولا ننسى ان ديون القطاع الخاص ( تجاه المصارف او بين التجار) هي أيضاً بخطر بسبب الإنهيار الإقتصادي ، مما يؤثر على ميزانيات المصارف وعلى العلاقات التجارية. وعليه، دون ان ننادي بتقسيط الديون لا يمكن تجاهل التجارب الماضية مع ما لها من حسنات وسيئات، كما لا يمكن إبقاء مدينين في حالة غير قابلة للتحمل، مما قد يستلزم أيضاً إعادة النظر بأحكام الإفلاس في قانون التجارة وإقرار قوانين تعليق المهل وغيرها. غير أن هذه الأوضاع، في حال أُريد إصلاحها، ستتعارض مع رزمة من المبادئ الدستورية الجوهرية ومن ضمنها:
1. التعرض للملكية الخاصة عن طريق وضع قيود على السحوبات والتحويلات و/أو إقتطاع جزء من الودائع او الأسهم او حتى عن طريق تحويلها جبرياً الى العملة الوطنية، يخالف احكام الفقرة (و ) من مقدمة الدستور لجهة كفالة الملكية الخاصة كما والمادة 15 منه التي تنص على ان " الملكية في حمى القانون فلا يجوز ينزع عن أحد ملكه إلا لأسباب المنفعة العامة في الاحوال المنصوص عليها في القانون وبعد تعويضه منه تعويضاً عادلاً".
2. بما ان " قصة الشعر " هي أولاً وأخيراً ضريبة تطال المودع فإن أي إجراء مماثل يفترض إعتماده بموجب قانون، عملاً بأحكام المادتين 81 و82 من الدستور اللتين تنصّان على انه لا يجوز إحداث ضريبة ما وجبايتها و/ او تعديلها او الغائها في الجمهورية اللبنانية الا بموجب قانون شامل تطبق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية دون إستثناء.
3. كما أنه وفي حال إعادة هيكلة الدين الخارجي عن طريق التمويل أو اعادة الجدولة او استبدال السندات المستحقة بأخرى، كما جاء عرضه وتفصيله آنفاً، فيقتضي عندها مراعاة المادة 88 من الدستور لجهة أنه " لا يجوز عقد قرض عمومي ولا تعهد يترتب عليه إنفاق من مال الخزانة الا بموجب قانون ".
4. يبقى السؤال مطروحاً: هل ان الأمور قد وصلت الى حد اللا عودة؟
5. بموضوعيه، فإننا لا نسلم بهكذا استنتاج ولو بات اكثرمن محتمل ومحدق، إذ أنه لم يزل من الممكن الإنتفاضة على الواقع الراهن والمبادرة الفورية الى الإنكباب على تحضير ورشة عمل إصلاحية شاملة بدءاً من تغيير نظام الحَوكمة (Governance) والإدارة للشأن العام كما ولأصول التعامل مع المال العام، كون الأزمة هي أولاً وأخيراً أزمة نظام . لذا، وبدلاً من الإلتجاء الى جهات خارجية أكانت دائنة أو مشرفة ومنها صندوق النقد الدولي، يمكن للبنانيين تحمل المسؤوليات واستباق الأمور( رغم ضيق الهامش) عن طريق تفويض فريق عمل مشترك وزاري/مدني مؤلف من خبراء مشهود لهم بالكفاءة والمناقبية والتفاني لوضع تصور إقتصادي/مالي متكامل مع آليات عملية". مرجع: الآفاق القانونية والمالية لأزمة الدين السيادي اللبناني.
أربعة أمور تبقى الأنجع للخروج من الأزمة العميقة التي تتخبط فيها البلاد وهي:
1- معالجة جذرية لموضوع الكهرباء وبشكلٍ فوري وذلك عن طريق تلزيم الأمر لشركة عالمية مثل Siemens أو General Electric أو سواهما عن طريق BOT أو ما شابه.
2- تأليف لجنة مستقلة قوامها قضاة من ذوي الكفاءات المصرفية والمحاسبية أو التدقيق يكون هدفها الوحيد تحديد المشتبه فيهم بالفساد وتحديد المبالغ الناتجة منها ووجهة إستعمالها وجغرافيا وجودها. القانون 44 المعني بمكافحة تبييض الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب يعطي هيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان حصرية رفع السرية المصرفية وملاحقة المشتبه فيهم وتحديد مصير الأموال المتأتية عن أعمال فساد كما يساعد هذا القانون بإسترداد تلك الأموال.
3- وضع القوانين والتشريعات اللازمة والقيام بالخطوات الإصلاحية والجذرية لهيكلة الدين العام والإصلاح المصرفي وإعلاء موضوع الحوكمة على جميع صُعد الدولة والقطاع الخاص.
4- وضع شبكة أمان إجتماعي توجه إلى معالجة الأزمات الإقتصادية والإجتماعية للطبقات الصغيرة وتشمل الأمور الغذائية والصحية والتعليمية.
من هنا يتبين بكل وضوح أن أزمة الكهرباء تشكل أساس مشكلات الدين العام تأثراً، وقد أصبحت كقصة إبريق الزيت.. والتي أرهقت مالية الدولة نظراً لما يشكله عجز شراء المحروقات اللازمة لإنتاج الكهرباء وتشغيل البواخر، الذي يتم تحميله للموازنة العامة بصيغة سلف خزينة مخالفة للقانون، ليشكل حوالي 35 مليار أي ثلث عجز الموازنة، وبات يشكل مجموعها المتراكم مضافاً إليه الفوائد، نسبة تقارب 50% من الدين العام- أي حوالي 50 مليار دولار أعلى من الدين العام،
وفيما كنا نرتقب التخلص من هذا العجز عن طريق مسلسل الخطط الواعدة بمعالجة أزمة الكهرباء، فإذا بها تتحول إلى كارثة بسبب سوء إدارة القطاع والامتناع عن تطبيق القوانين والاستئثار بالسلطة، وأدت إلى استمرار عجز الكهرباء بالمساهمة في استنزاف المالية العامة وتفاقم مديونية الدولة، بالرغم من التسهيلات التي توفرت للفريق المقيم في وزارة الطاقة والمياه منذ عشر سنوات، عمل خلالها على تحويلها إلى إمارة يتوارثها المستشارون، بالرغم من الدعم والموافقات والتسهيلات التي توفرت ولم تشترط سوى الالتزام بتطبيق الأصول المقررة في القوانين والأنظمة.
أما وقد فاجأنا وزير الطاقة الجديد بإعادة البلاد إلى الصفر لا بل تحت الصفر في معالجة أزمة الكهرباء باستبعاده حلول المعامل التي تحتاج لسنوات تمهيداً للحلول المستعجلة، وذلك خلال أول إطلالة إعلامية له فقد فاحت منها روائح البواخر المخفية في ثنايا دمج الحل الدائم بالمؤقت!
لذا فإننا نجدد المطالبة بما يلي:
أولاً – على مستوى تطبيق القوانين والأنظمة:
1. تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان واحترام استقلاليتها،
2. إنهاء أسطورة تعديل القانون 462/2002، وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء.
3. ملء الشواغر في الوظائف القيادية في مؤسسة كهرباء لبنان كما في وزارة الطاقة نفسها.
4. استكمال إجراءات إنشاء الأجهزة المختصة لإدارة منشآت النفط ضمن إطار وهيكلية المديرية العامة للنفط، واستصدار المراسيم اللازمة لتطبيق المرسوم الاشتراعي رقم 79/ 1977
ثانياً – على مستوى الممارسات المخالفة للقانون:
1. وضع حد لبدعة إطلاق المناقصات من منصات لا كيان قانونياً ولا نظام مالي لها ولا صلاحيات لها في إجراء المناقصات العمومية، مثل مكتب الوزير ومنشآت النفط و"جمعية المركز اللبناني لحفظ الطاقة.
2. تعزيز دور إدارة المناقصات وأجهزتها الفنية والإدارية واحترام استقلاليتها وملاحظاتها على دفاتر الشروط، والتعجيل بإقرار مشروع القانون المتعلق بتطوير نظام المناقصات.
3. وقف تدخل مجلس الوزراء في إقرار دفاتر شروط المناقصات والتدخل في شؤونها التنفيذية.
إن ما ذكرناه أعلاه يشكل الأزمة الأكبر والأكثر نضوجاً لإستئصالها والتي ستعطي أسرع ردة فعل إيجابية في الأسواق المالية لبنانياً ودولياً خصوصاً لدى الدول المانحة.
غير أن هناك أزمات أخرى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
أزمة المحاصصة وتقاسم السلطة بين المجموعات السياسية والطائفية وتنافسها على موارد الدولة التي إشتقّ عنها أزمة الفساد الإداري، وأزمة الفساد الإقتصادي والسياسي المستشري في عروق الإدارات والمؤسسات والممارسات على كافة المستويات، والتي لم تلق معالجة فعلية جذرية ومحاسبة حقيقية، وهذا لن يحصل إلاّ عندما يكون لدينا قضاء" مستقلا" نزيها". أريد أن أذكّر بأنّ لبنان قد صنّف على لائحة الفساد بمرتبة 127 من أصل 178.
أزمة الأسعار التي ارتفعت لأكثر من 40 % حسب جمعية المستهلك التي حلّت ثقيلة على أكتاف المستهلكين الغاضبين إلى حدود الإنفجار.. فلنحذر جميعنا..
أزمة فقدان الثقة في الدولة وفي الطبقة الحاكمة وسوء إدارتها لمقدرات البلاد.
إذاً من الواضح أننا نمر ومنذ فترة في وضع دقيق جدّاً لا نحسد عليه، لكن، مع تشكيل حكومة جديدة، نأمل وبسرعة أن تنصب كحكومة طوارئ إنقاذية لإخراج لبنان من الهوة التي اوقع فيها منعاً لمزيد من الإنهيارات وخلق أزمات جديدة.
وأخيراً، أنتهز فرصة مناقشة الموازنة لأنتقل إلى موضوع مرتبط بآثار الموازنة والتخبّط المسيئ في معالجة مالية الدولة، ألا وهو الألق، وأحياناً الهلع، الذي أصاب ولا يزال يصيب اكثرية المواطنين والمتعلق بعدم قدرتهم على الحصول على كامل ودائعهم في المصارف والإشاعات التي رافقت هذا الإجراء بأن المصارف ستُفلس جميعها أو أكثرها وبالتالي فإن جميع الودائع قد تتبخّر وتذهب أدراج الرياح.
البارحة بتاريخ 26/1/2020 وقف الخبير المالي والمحاسبي الكبير الأستاذ طلال أبو غزالة، المؤسس والرئيس "لمجموعة أبو غزالة الدولية" وهي أكبر شركات العالم العربي ومن أكبرها عالمياً، وتعمل في حقول تقديم الخدمات المهنية في مجالات مختلفة مثل المحاسبة والإستشارات الإدارية والخدمات القانونية ليقول شخصياً:
" كل الدنيا تقترض وكل حكومات الدنيا تواجه عجوزات. ومثال على ذلك أُعلنت حديثاً الموازنة الأمريكية ولكيلا نقلق ولا نخاف دون أي مبرر الدخل الحكومي السنوي في أمريكا 3،5 تريليون بينما المصروفات الحكومية 4،5 تريليون أي أن هنالك عجز في موازنة الحكومة الأمريكية ألف مليار دولار. أولاً تريليون رقم كبير، ثانياً يُشكل 25% من الموازنة يعني ما حدا قال راح تفلس الدولة الأمريكية إذا عندها 25% عجز أو ألف مليار لأن ذلك لا يسبب إفلاساً. الدول تستدين من البنك المركزي وهوبدوره يستدين من البنوك وهي حلقة اسمها Bermuda Triangle.
أما الحديث عن إفلاس البنوك فهو ناتج عن عدم معرفة بالنظام المصرفي. علينا أن نعرف كم بنك أفلس في سوريا أو أيران أو اليمن أو في الدول التي خضعت لظروف أصعب من لبنان، عملية إفلاس البنوك ليست من السهولة التي كانت سابقاً. فيما يتعلق بالبنك المركزي يجب أن لا يسمح بإفلاس البنوك وأن يعمل على إنقاذهم أو دمجهم لأن إفلاس بنك يجر بنوك أخرى معه وتبدأ عملية Chain effect من بنك إلى بنك لذا لا يجب أن يكون عندنا قلق من إفلاس بنوك، هناك تعثر مالي نعم، كل البنوك اللبنانية عندها صعوبة في تأدية الإلتزامات بالدولار وليس بالليرة اللبنانية.
هذه الأزمة أزمة نقدية ومالية يمكن أن تستمر لفترة ويمكن أن تنتهي بقرار سريع، ولكن بالتأكيد أن المصارف ليست معرضة لمشكلة إفلاس ومثال على ذلك أن ليبيا وسوريا والسودان يعانون من مشاكل مالية ونقدية ولكن ليس هنالك إفلاس. لذا يجب وضع مسألة الإفلاس على جنب وما حدا يقول في إفلاس.