كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز
ودعته بالزغاريد ،وحملت في نعشه، وحرصت ألا تسقط دمعة واحدة من مآقيها ،استجابة لرسالته الأخيرة، قبل أن تطبق عليه يد العدو وترتقيه شهيدا إلى الرفيق الأعلى.
هي أم إبراهيم النابلسي ،قائد كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية ،الذي اغتالته قوات الاحتلال بقذيفة صاروخية بعدما عجزت عن اعتقاله.
ما من أم أو أب في طول الوطن العربي وعرضه، إلا ونزف دمعا وهو يرى أم إبراهيم في وداعها إبنها الشهيد،اللهم إلا الذين أخذتهم الردة عن فلسطين وشعبها إلى مكان آخر عصي عن الوصف.
في يوم عاشوراء ،استشهد إبراهيم النابلسي على يد الاحتلال الغاشم،فتمثلت أم إبراهيم بالسيدة زينب التي أوصاها الحسين في كربلاء عشية استشهاده قائلا: “يا أُختاه، أحلفّك بالله عليك أن تحافظي على هذا الحلف، إذا قتلت فلا تشقّي علَيَّ الجيب، ولا تخمشي وجهك بأظفارك، ولا تنادي بالويل والثبور على شهادتي”…هكذا فعلت أم إبراهيم تماما كما فعلت الحوراء زينب، فاستحقت كل هذا الاهتمام الإنساني المنقطع النظير.
ولد إبراهيم علاء النابلسي -المكنى بـ”أبو فتحي”- يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2003 لأسرة فلسطينية مناضلة. فوالده أسير محرر اعتقل عدة سنوات في سجون الاحتلال ليشغل بعد ذلك منصب ضابط برتبة عقيد في جهاز الأمن الوقائي، ووالدته هدى جرار التي تنحدر من قرية عرابة جنوب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وعمه أسير محرر وكذلك أخواله.
عام 2020، شرع الاحتلال بملاحقة النابلسي وإعلان اسمه كأحد أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) المطلوبين له، حيث شنَّ عمليات مختلفة لتصفيته أو اعتقاله، لكنها كانت تبوء بالفشل، حتى استشهد صباح أمس.
لم يكن إبراهيم النابلسي الشاهد والشهيد الوحيد في هذا الأسبوع. فقد سبقه تيسير الجعبري وخالد منصور وآخرون من سرايا القدس في حركة الجهاد الإسلامي خلال العدوان الأخير على غزة.
قبل هؤلاء سقط للمقاومة الفلسطينية عشرات الشهداء القادة،وآلاف الشهداء من غير القادة،ومع كل شهيد كانت المقاومة الفلسطينية تقوى وتشتد عودا وصلابة،تماما كما هي المقاومة اللبنانية. لم تفلح إسرائيل حتى في تقليم أظافر الفلسطينيين،فالشعب الفلسطيني ولاّدة قيادات وكوادر ومقاومين ،يشهد على ذلك زمن طويل من النضال والجهاد في سبيل تحرير الأرض المغتصبة.
ولدى الشعب الفلسطيني في الوطن والمنافي خمسة ملايين أم إبراهيم ،ينتظرن أبناءهن الذين قد يعودون مستشهدين، من دون أن يذرفن دمعة واحدة.
ألف تحية لأم إبراهيم وخطابها السياسي العظيم.لنستمع إليها: