الحوار نيوز – خاص
بعد ظهر اليوم الخميس تشهد باريس حدثا ثقافيا بارزا يرجح أن يكون بطله الكاتب والأديب اللبناني الفرنسي الشهير أمين معلوف ،كمرشح أبرز لرئاسة الأكاديمية الفرنسية،وهي المؤسّسة الثقافية واللغوية العريقة، والتي تُعنى بالحفاظ على اللغة الفرنسية وقواعدها وإرثها الأدبي منذ القرن الـ17.
ويتنافس معلوف الحاصل على جائزة “غونكور” الأدبية المرموقة مع الكاتب والأديب الفرنسي جان كريستوف روفان، لخلافة رئيسة الأكاديمية الراحلة إيلين كارير دانكوس.
ويشتهر معلوف المنحدر من أصول لبنانية، بمؤلّفاته وأعماله التاريخية المُستلهمة من الشرق، فضلا عن التركيز على مسألة تقارب الحضارات، وهو أحد أعضاء الأكاديمية الفرنسية. وتشير مصادر قريبة من أوساط الأكاديمية الفرنسية، إلى أنّ معلوف يعدّ المرشّح الأوفر حظّا لقيادتها.
وذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أنّ معلوف شخصية تحظى بالإجماع، فهو منخرط جدا في نشاطات المؤسّسة التي انضم إليها في 2011، وله أفضلية بأمور عدّة أبرزها، أنّ تولّيه منصب قيادة الأكاديمية كان ليحظى بتأييد رئيستها الراحلة إيلين كارير دانكوسالتي توفيت في آب/أغسطس الماضي.
وكتب أمين معلوف في رسالة ترشّحه التي نشرتها الصحيفة الفرنسية: “حاولت التراجع بداية، لكنني توصّلت إلى استنتاج مفاده أنّ قضيتنا العظيمة تستحقّ بعض التضحيات”.
وفي حال فوزه سيكون معلوف أول عربي يكتب بلغة موليير يرأس الأكاديمية الفرنسية منذ تأسيسها.
ومن المقرر أن يتم التصويت بعد ظهر اليوم الخميس على الاسم باعتماد إجراءات بسيطة، إذ سيتم فقط احتساب الأصوات التي سينالها أيّ من هذين الكاتبين. وقال عضو في اللجنة الإدارية في الأكاديمية الثلاثاء “عند إغلاق باب الترشيحات مساء الاثنين، كان هناك اسمان فقط”.
وأمين معلوف (74 عاماً) كاتب فرنسي من أصل لبناني، حائز على جائزة غونكور عام 1993 عن روايته “صخرة طانيوس”، وكان مرشحاً معلناً منذ فترة. وهو أحد وجوه الروايات التاريخية المستلهمة من الشرق، وركز في أعماله على مسألة تقارب الحضارات، فيما يُعد المرشح الأوفر حظا لقيادة الأكاديمية.
ويعيش معلوف في فرنسا منذ عام 1976. وعلى الرغم من أن لغته الأم هي اللغة العربية، لكنه كتب أغلب مؤلفاته باللغة الفرنسية لتتم ترجمتها لأكثر من 40 لغة. وتشمل تلك الأعمال أكثر من 10 روايات والعديد من المقالات العامة والأدبية بالإضافة إلى 4 مؤلفات أوبرالية.
وقد كرّس معلوف حياته للأدب، واعتبر نفسه ابن المشرق والمغرب، إذ لم يكن سهلاً عليه الاعتراف بهويةٍ دون أخرى. لكنه قدم الكثير للثقافة الإنسانية من خلال اللغة الفرنسية التي أثراها بالعديد من المؤلفات، ومنها ما يبحث حتى في تاريخ الثقافة الفرنسية والأكاديمية نفسها مثل كتابه “كرسيّ على السين- أربعة قرون من تاريخ فرنسا” حيث يرسم لنا صورة عن تاريخ فرنسا الثقافي، من خلال الأكاديمية الفرنسية وتاريخ أعضائها وما واجهته من أحداث وتحولات.
وسيتعين على معلوف مواجهة صديقه جان كريستوف روفان (71 عاما)، الطبيب والدبلوماسي السابق والحائز على جائزة غونكور عام 2001 عن روايته “Rouge Bresil”. وانضم روفان إلى الأكاديمية عام 2008.
وكان جان كريستوف روفان، الناشط في مجالات عدة، رفع تقريرا في مايو لمجموعة “توتال إنرجي” النفطية في شأن الوضع في موزمبيق. ويرأس منذ العام 2020 مؤسسة “سانوفي إسبوار” التابعة لمجموعة “سانوفي” للأدوية.
وتضم الأكاديمية أربعين مقعداً يشغل 28 منها رجال، وسبعة عائدة لنساء، فيما ثمة خمسة مقاعد شاغرة في انتظار الانتخابات.والسكرتير الدائم للأكاديمية الفرنسية هو العضو الذي يدير هذه المؤسسة المدافعة عن اللغة الفرنسية وتطويرها. ولم يشغل هذا المنصب سوى 32 شخصاً منذ سنة 1634.
وفي يوليو، أنهى أعضاء الأكاديمية النظر في كلمات الطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية الفرنسية التي تضم ما يقرب من ضعفَي عدد الكلمات الموجودة في النسخة الثامنة.
ومع أن قاموس الأكاديمية يلقى معارضة لغويين كثيرين يأخذون عليه طابعه المتزمت، فإنه يعد أداة قيمة لمتابعة تطور اللغة الفرنسية. ومختلف إصداراته متاحة مجانا عبر الإنترنت.
وتتمثل إحدى مهام السكرتير الدائم المقبل في ضمان الاستدامة المالية للأكاديمية التي يشير تقرير أصدره عام 2021 ديوان المحاسبة إلى أنها غير مضمونة.
ومن بين مهام السكرتير الدائم الأخرى سعيه إلى استقطاب مرشحين ذوي قيمة كبيرة. فإيلين كارير دانكوس لم تنجح دائما في محاولاتها تشجيع أو تأييد ترشيحات كتّاب أصغر سنا يحظون بشعبية، إذ لم يستجب ميشيل ويلبيك لدعواتها غير المباشرة، فيما استُبعد كتّاب من أمثال فريديريك بيغبيديه وبونوا دوتورتر.
أمين معلوف
ولد أمين معلوف في بيروت في 25 شباط /فبراير) 1949، وهو في الترتيب الثاني من أربعة أطفال. تنتمي أسرة والديه إلى قرية جبلية لبنانية تدعى عين القبو. تزوج والداه في القاهرة في العام 1945، حيث ولدت أديل الغصين والدته، من أب مسيحي ماروني من سكان القرية، والذي كان قد غادر للعمل في مصر، حيث تزوج من سيدة ولدت في تركيا.
والد أمين رشدي، من طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، وكان أحد أسلافه قساً تحول ليصبح قسًا في الكنيسة المشيخية، وفي حين أرسل الفرع البروتستانتي من الأسرة أطفالهم إلى المدارس البريطانية أو الأميركية، كانت والدة معلوف الكاثوليكية الملتزمة تصر على إرسال أطفالها إلى مدرسة سيدة الجمهور، وهي مدرسة فرنسية كاثوليكية يسوعية.
توفي والد أمين بفعل صوت انفجار قريب في بدايات الحرب الأهلية اللبنانية، وكان أمين قد درس علم الاجتماع في جامعة القديس يوسف «الفرانكوفونية» في بيروت.
ومعلوف متزوج من أندريه معلوف وله ثلاثة أولاد.
عمل معلوف بعد تخرجه، في تحرير جريدة النهار، وفي الملحق الاقتصادي للجريدة، كذلك في الأحداث السياسية الدولية، فزار من أجل ذلك ما يزيد على ستّين بلداً، وغطّى أحداثاً كبرى من بينها حرب فيتنام.
بقي في الجريدة، إلى حين اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975 حيث انتقل في العام 1976، للحياة في باريس ومازال مقيماً فيها حتى اليوم.
في فرنسا عمل في مجلة إيكونوميا الاقتصادية، واستمر في عمله الصحافي فرأس تحرير مجلة «إفريقيا الفتاة» أو “جون أفريك“، كذلك استمر في العمل مع جريدة النهار اللبنانية، وفي «النهار العربي والدولي» حتى 2010.
منح معلوف عدة شهادات أكاديمية، منها: الدكتوراة الفخرية من جامعة لوفان الكاثوليكية ببلجيكا، وشهادة من الجامعة الأميركية في بيروت، ومن جامعة روفيرا إي فيرجيلي الإسبانية، ومن جامعة إيفورا البرتغالية.
رواياته:
- ليون الأفريقي، (1984)
- سمرقند، دار الفارابي، (1986)
- حدائق النور، دار الفارابي، (1991)
- صخرة طانيوس، دار الفارابي،(1993)
- سلالم الشرق أو موانئ المشرق، دار الفارابي، (1996)
- القرن الأول بعد بياتريس، دار ورد للنشر والتوزيع، (2001)
- رحلة بالداسار، دار الفارابي، (2000)
- التائهون، دار الفارابي، (2013)
- الهويات القاتلة، دار الفارابي، (2016)
- غرق الحضارات، دار الفارابي، (2019)
- إخوتنا الغرباء، دار الفارابي، (2021)
مسرحيات شعرية
الحب عن بعد، مسرحية شعرية، دار الفارابي، (2001)
الأم أدريانا، مسرحية شعرية، دار الفارابي، (2006)
أعمال أخرى
- الحروب الصليبية كما رآها العرب، عرض تاريخي، دار الفارابي، (1983)
- الهويات القاتلة، مقالات سياسية (1998 و 2002)
- بدايات، سيرة عائلية، دار الفارابي، (2004)
- اختلال العالم، مقالات سياسية، دار الفارابي، (2009)
- مقعد على ضفاف السين؛ أربعة قرون من تاريخ فرنسا، دار الفارابي، (2017)