كتب حسن محمد بزّي – ديربورن هايتس-ميتشيغن
الوجه الجميل الذي رسمته اميركا عن الحرية والعدالة والانفتاح، والذي اعطته وصدّرته للعالم أجمع لفترة طويلة، جعلت منها الحلم الأكبر لكثيرٍ من البشر الذين نبذتهم اوطانهم بحكم العبثية والتسلط! ومن حاملي الامل ببناء غدٍ افضل ! لتجعل طريق هجرة هذه الشعوب الى ارض الفرص والاحلام المنفذ الوحيد نحو الحرية.
لقد فتحت اميركا ابوابها للمهاجرين واحتضنتهم واعطتهم ابسط الحقوق الانسانية كالحرية، والفرص التي لم يحصل عليها اي من المهاجرين في أوطانهم الاصلية. والحلم في بناء مستقبل افضل في هذه البلاد التي تغنّى بها العالم كلّه على مدى عقود طويلة. هذه الحقبة التي مرّت على اميركا ومواطنيها ومهاجريها كانت مهمة رغم كل التناقضات الداخلية التي يعيشها المجتمع الاميركي.
الوجه الجميل الذي رسمته اميركا في حقبات سابقة اصبح يتلاشى! وكان اول الغيث الضربة الموجعة التي تلقتها أميركا في عقر دارها، في الحادي عشر من ايلول، عام ٢٠٠١ في نيويورك، والتي كانت اول الطريق لإبراز (الوجه الآخر) لها – حيث ان ما قبل هذا التاريخ ، ليس كبعده.
لست هنا بصدد سرد تاريخ اميركا وتلك المرحلة بالذات. ولكن ان تعيش في هذه البلاد لفترةٍ طويلة وتصبح جزءا من هذا النسيج ! تعرف ان هذا الوجه بدأ بالتغير السلبي، وغير المُطمئِن على جميع الصعد، وخاصة في الفترة الأخيرة بعد اقترابنا من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في نوفمبر المقبل.
لقد اصبح العالم يعيش الويلات والضربات الموجعة والمتتالية، وما حصل من تداعيات سلبية اثر انهيار الاقتصاد العالمي، وحروب ساهمت في تأجيجها اسرائيل، ودول النفط التي حاولت من خلالها، ولم تزل تحاول دعم عروشها المهتزة بأستهلاك خيراتها (بدل حماية)، والتي أمرَ بها المخلّص الجديد "دونالد ترامب" ليسحق كل الآمال التي كانت تراها تلك الشعوب بارقة خير، فكان قدومه كارثة كبيرة على اميركا بشكلٍ خاص، وعلى العالم بشكلٍ عام، وأسوأها على منطقتنا التي اصبح يلفها الجهل والحرمان والقتل العبثي الطائفي والدمار والتشريد .. وها هيَ شواطىء ومطارات العالم تشهد على هذه المآسي.
الانقسامات الداخلية التي تعصف بالولايات المتحدة الاميركية في هذا الوقت، وقبل الانتخابات الرئاسية المهمة المقبلة، تدور في فلكٍ مُضطربٍ تحاوطه أسئلة كثيرة وخطيرة؛ عن النتائج الأنتخابية وطريقة التعامل معها من قبل الرئيس ترامب ؟ خاصةً اذا لم يحالفه الحظ!
وعن الوضع بين الولايات المنقسمة ما بين (ترامبي) وديمقراطي؟ عن وضع أميركا او بالاحرى عن وضع ومصير العالم بشكلٍ عام !
تشهد أميركا اليوم أسوأ الصراعات المخيفة والتي اصبحنا نعاني منها نحن الذين (أقسمنا وتعهدنا بالولاء) لارض الفرص والأحلام ! اليوم تغيرت النظرة والفكرة تمامًا. الوجه الوحشي الذي يفرضه ترامب بالتعاطي داخلياً وعالمياً جعل الامور تذهب نحو المجهول وذلك من جراء غطرسته وميوله الثأرية ضد الاعراق التي لا تنتمي الى معتقداته !
الطريقة الكاوبوي التي تعامل بها الرؤساء من "عائلة بوش" ورغم سيئاتهم في مرحلة حكمهم ،انما هي نقطة في بحر الغطرسة (الترامبية) في تسيير الامور محلياً وخارجياً. وهذه مرحلة خطرة جداً يعيشها العالم، ونحن بدأنا نعاني من تداعياتها كمهاجرين نعيش مرحلة حرجة في اغترابنا، ونرى ونراقب الاحداث المؤسفة التي تدور حولنا من حيث العنصرية التي يمارسها “المتعصبين البيض” والذين لم يدينهم الرئيس ترامب وهم دائماً يتواجدون بأسلحتهم وعتادهم الكامل، حيث القت السلطات الفدرالية القبض على بعضهم بعد محاولتهم التخطيط لأقتحام مقر حاكمة ولاية ميتشيغن واختطافها. كما وصلت العنصرية الى ذروتها ضد الأقليات الآتية من دول العالم الثالث حسب مفهوم هذه الفئات المتعصبة، وضد المهاجرين بمجموعات كبيرة من اميركا الوسطى عبر المكسيك والذين يلاقون اقسى وابشع عمليات القهر بفصل العوائل وابعاد الاطفال عن ذويهم ووضعهم في معتقلات خاصة، وذلك بموافقة الرئيس ترامب وإدارته.
كما وان الأمور بدأت تأخذ منحى أخر من قبل المواطنين ذوي البشرة السمراء بعد الممارسات العشوائية بحقهم وقتل العديد منهم بدمٍ بارد من قبل الشرطة الاميركية في عددٍ من الولايات، وايضاً بدون ادانة من إدارة ترامب.
الحملات الأنتخابية في اوجها قبل الثالث من نوفمبر ، ونحن امام مرحلة تاريخية مفصلية في اميركا والعالم ،خاصةً اذا ما فاز ترامب ،وهو يحاول جاهداً وضع اليد على جميع المفاصل المهمة في تفاصيل الحياة السياسية الاميركية بفرض سلطته وهيمنته المطلقة على الحزب الجمهوري، وبتحكيم سيطرته على الكونغرس، وعلى سلطات المحكمة العليا لتنفيذ قرارته، والتي سيكون من أهمها إطلاقا هو تثبيته في موقع الرئاسة اذا ما جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية بعدم فوزه!
كما العالم يترقب النتائج الانتخابية الاميركية .. اميركا هيَ أيضاً في حالة انتظار معقدة بإنتظار حاكمها القادم ،وعلى هذا الاساس ستتحدد مسيرة اميركا والعالم اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا!
الى وقت الاستحقاق المنتظر.. سنبقى ننظر الى المستقبل بأملٍ ! وبالدعاء للخلاص من الوباء الذي اصاب البشرية .