د.أحمد عياش* – الحوار نيوز
تابعت تمدد حركة طالبان ،ولفت انتباهي الى حد الغرابة، هدوء المقاتلين وتعمدهم التقاط صور لهم وهم يتصرفون بحكمة.
في مدينة مزار شريف ذات الاغلبية الشيعية (الهزارة) قام المقاتلون بزيّهم الافغاني النظيف والمرتب بإنزال رايات عاشوراء عن الأعمدة ولفّها بأدب واخفائها باحترام.
لا قتال في مزار شريف، تسلمتها الحركة سلميا. كيف وثق السكان بالطالبانيين الذين ارتكبوا سابقا مجازر في المقاطعة لتكفيرهم الشيعة ولاعتبارهم اهل بدعة ؟
يبدو أن هناك اتفاقا غير معلن مع طهران بعدم القتال.
الافضل الا يراق دم الابرياء.
جلس قادة طالبان في القصر الرئاسي الافغاني في كابول واحدهم تحدث بالإنكليزية برقيّ وبدبلوماسية عن الخيارات المحتملة و المستقبلية للبلاد، عن حكومة “تشاركية، لأن لا احد بإمكانه حكم الدولة لوحده…!!!
كلام رجال دولة!
المتكلم كان معتقلا لتسع سنوات في غوانتنامو حسب قول مراسل “الجزيرة”.
حركة طالبان التي تمددت بهدوء واحتلت الاقاليم والمدن بلطف، والتي هرب من مواجهتها جميع القادة وضباط الجيش، تقدّم نفسها كحركة مؤهلة لاستلام الحكم…
وتنجح!
لم يكسروا القصر ولم ينتقموا…
لم يسرق احد كرسيا كغنيمة حرب.
سبحان الله!
هرب الجميع الا طائرة اميركية كانت تحلق فوق القصر الرئاسي ،وجنود اميركيون آمنون في المنطقة الحمراء وفق توصيف احد قادة الحركة في صالون القصر الرئاسي.
سنة 1996 اقتحمت طالبان مقر الامم المتحدة و القت القبض على الرئيس السابق نجيب الله وشنقته وتركت جثته معلقة على احد اعمدة الكهرباء وسط العاصمة!
ليست طالبان نفسها!
ما دخلوا كابول الا باتفاق مع واشنطن.
إما الاميركي “تطلبن” او طالبان تأمركت…!
كل طرف منهما يهادن الآخر لاستخدامه …
طالما الامور بإمكانها ان تسلك منحى سلميا فما مبرر احتلال وحرب وتحرير؟.
احد الموظفين من النظام المنتهية صلاحيته قال وهو يسلّم القصر انه تلقى اتصالا من الرئيس الهارب الى اوزبكستان بأن القطريين زودوه برقم هاتف مسؤول الامن المركزي في طالبان للتنسيق معه حقنا للدماء، وخوفا على تراث العاصمة وهذا ما فعله.!
أي قطر هي تلك الجزيرة المتدخلة بشؤون مصر وليبيا وسوريا واليمن والسعودية وافغانستان وتركيا؟!
تمددت طالبان وانتصرت من دون مجازر تذكر ومن دون قتال!!!!
اما الاميركي “تطلبن” او طالبان تأمركت…
ومن مات في الحرب، نسيته الناس.
هذا السيناريو سينتقل ليتكرر في سوريا وفي اليمن وفي ليبيا ، ويبدو ان الاختبار الاول نجح بين المتصارعين.
عدم القتال في مزار شريف يعني ان طهران جزء من صفقة سلام كبيرة في افغانستان…
لن ترتكب طالبان اي حماقة فقد تعلمت واستفادت من دروس الماضي و لا مقدرة لها لتقاتل اي دولة.
حدّها التقاتل الداخلي فقط.
الاختبار نجح في كابول وفي مزار شريف وسينفذ في فيينا وفي إدلب وفي مأرب وفي طرابلس الغرب.
الاميركي اقتنع بفكرة الحرب بصفر قتيل.
واشنطن تطلب العواصم لبيت الطاعة عبر الاقتصاد والمال والجوع والديون والعقوبات…
العدو الأصيل باق، اما وكلاؤه فسيحالون الى التقاعد طالما بالامكان التفاهم والتفاوض مع المتمردين والمقاومين الاصيلين…
فهل هذا ما يحصل ام اننا واهمون؟
هذا هو الفرق بين المعلومات وبين التحليل.
هنيئاً لطالبان وحظا جيدا في المرة القادمة للنظام الافغاني الهارب الى طاجكستان واوزبكستان وايران.
*طبيب وكاتب وباحث لبناني
زر الذهاب إلى الأعلى