أسرارعائلة كرامي..(ناجي أمهز)
بقلم ناجي امهز
تربطني علاقة قديمة بعائلة ال كرامي، فقد التقيت دولة الرئيس عمر كرامي رحمه الله، عام ١٩٩٥ من خلال الأستاذ الكبير المرحوم يعقوب خليفة.
واستمرت هذه العلاقة الطبيعية بهذا العائلة الكبيرة، التي تحول اسمها إلى مجد أضافته إلى تاريخ طرابلس الكرامة.
وجميع العارفين ببواطن الأمور لبنانيا اقليميا ودوليا، وخاصة الساسة الكبار، أنه لم يكن بالإمكان تجاوز الرئيس الشهيد رشيد كرامي باي مفصل سياسي في لبنان.
وهناك مقولة كان يرددها نخبة صناع القرار ومنهم الرؤساء فؤاد شهاب كميل شمعون وحتى الشيخ بيار الجميل، ان ابتعاد رشيد كرامي عن الحكومة هو من أجل الاستراحة، بمعنى اوضح أنه لم يكن بالإمكان طرح أي اسم لرئاسة الحكومة الا اذا قال الرئيس الشهيد رشيد كرامي اعفوني هذه الفترة.
حتى الرئيس فؤاد شهاب رحمه الله كان يقول ان قوة عهدي بحكومة رشيد كرامي، ويذكر ان الشهيد كلف مرتين في عهد الرئيس فؤاد شهاب، وجميعنا نعلم ان “لبنان سويسرا الشرق بني بعهد الرئيس فؤاد شهاب ودولة الرئيس رشيد كرامي.
لا يتسع المكان للكلام عن الشهيد رشيد كرامي، لكن لا يختلف اثنان على أن اغتيال الشهيد رشيد كرامي هو مؤامرة دولية، لأنهم كانوا يعلمون أنه لا يمكن التدخل، او فرض رؤساء حكومات وشروط سياسية، طالما الرئيس رشيد كرامي حي يرزق…
وفي لقاء مع الرئيس عمر كرامي رحمه الله قبل عام 2000، وبحضور الوزير فيصل كرامي، سالته عن اعتكافه وتعففه عن رئاسة الحكومة اللبنانية، فقال لي حرفيا نحن لم نكن يوما طلاب سلطة او زعامة، وفي كل مرة كان بيتنا هو الحل بطلب من “الاوادم” ودفعنا غاليا ثمن مواقفنا لان مواقفنا هي لبنانية عروبية، واليوم صوت الجيوب اقوى من صوت منطق العقول.
ويبدو ان هذه الكلمات ما زالت تحفر بصميم الوزير فيصل كرامي، لذلك هو يشعر بنوع من التعفف حتى بالكلام عن توليه رئاسة الحكومة.
وانا لست هنا لأتكلم عن تاريخ ال كرامي، فبيتهم اكبر عمرا من استقلال لبنان، 1920 و 1925 و 1943 و 1945، بل هم صناع الاستقلال، ولكن لاوصف واقع، وان الاوان ان يوضع له حد، انا كمواطن لبناني لا اجد الحليب لطفلتي، اضافة الى انقطاع الكهرباء والماء والبنزين والمازوت والدواء، وارتفاع سعر الدولار حتى اضحى المعاش بضعة سنتات، وفقدان جنى اعمار الناس، ماذا يفيدني ماذا يقول الزعيم فلان او علان، هل الزعيم يخشى انقطاع الحليب عن اطفاله او انه يقف بالطابور ساعات ليعبئ بضعة ليترات من البنزين، او انه يخشى ان المت به وعكة صحية ان لا يجد مستشفى تعالجه او لا يجد الدواء.
كما على الشعب ان يستيقظ من صوت الجيوب كما قال الرئيس المرحوم عمر كرامي، ماذا فعل اصحاب المليارات وماذا قدموا للوطن، حتى الذي صرفوه بالمفرق اخذوا اضعافه مضاعفة، اليوم لا يوجد قرش واحد من الضرائب حتى اموال الناس تبخرت ويستعيدون جزء منها بالقطارة، ليس خوفا من الله بل خوفا من ثورة الشعب.
حتى اضحينا بوطن تستطيع ان تحصل فيه على لبن العصفور بينما تعجز عن ايجاد مجمع حليب لطفل رضيع.
هل الشعب يفهم ماذا اقول، هل يفهم عندما الطفل يبكي ليلا ولا يوجد مجمع حليب؟
الوزير فيصل كرامي صديق الشباب، وانا اكتب هذا المقال لأقول له، لا تتوقف تقدم، لا دينكم ولا تاريخكم ولا الوطنية التي تسري بعروقكم ولا دمائكم التي بذلت في سبيل سيادة لبنان ودفاعا عن كرامة شعبه تسمح لك بان لا تتحرك.
وانا اعلم انك مؤدب ومثقف لدرجة عالية وانك ابن بيت، وهذا بيتكم، جميعنا نتذكر كيف استقال والدك الرئيس عمر كرامي من اجل دمعة، وبالمقابل نعرف من هم الاخرين، فقد بكي لبنان كله بسبب انفجار المرفأ ولم يستقل احد، اصلا لم يعتذر احد.
تقدم ولا تتراجع، حقيقة ان كل اموالكم لا تعادل واحد بالمائة مما يملكه الساسة الجدد، لكن بيتكم طول عمره يقسم الرغيف بينه وبين اهل طرابلس، ومواقفكم الوطنية لكل لبنان وطوائفه.
اعرف انك لا تجيد فن الكذب والخداع والتملق، ولا ان تركب الفضائيات او تبيع وتشتري بالأوهام، وبآلام الشعب المعتر، لكن لهذا الشعب عليك حق، لقد جرب الجميع، وشاهدنا اين اصبح لبنان.
ان الاوان لان يعود ابناء البيوت الكرام، وفي مقدمتهم ال كرامي.
وانا اذكرك بسر ابيك عندما قال ان صوت الجيوب اقوى من صوت المنطق والعقول، لكن اليوم الشعب اللبناني برمته لم يعد اصلا يملك محفظة او جيبا.
ماذا تنتظر؟