الحوارنيوز – الاخبار
تحت هذا العنوان كتب علاء الحلبي في صحيفة الأخبار يقول:
تتّجه الأنظار إلى فعاليات الجولة العشرين من «مسار أستانا» الروسي للحلّ في سوريا، والتي تنطلق اليوم في العاصمة الكازاخية، وتستمرّ على مدار يومين بمشاركة أطياف عدة، بما فيها ممثلون عن المعارضة السورية والأمم المتحدة. وفي ظلّ توقعات بأن تفتح هذه الفعاليات صفحة جديدة في العلاقات بين سوريا وتركيا، يناقش معاونو وزراء خارجية «الرباعية» (دمشق وأنقرة وطهران وموسكو)، على هامش الاجتماع، مسوّدة «خريطة طريق» في هذا الشأن، كانت أسفرت عنها الوساطة الروسية ـــ الإيرانية بين البلدَين.
وعشية انطلاق اجتماع «أستانا»، تكثّفت، بحسب مصادر ميدانية تحدثت إلى «الأخبار»، التحركات العسكرية الروسية والسورية في محيط منبج وتل رفعت، شمال شرقي حلب، بعد سريان شائعات حول انسحاب روسي من محيطهما. وأوضحت المصادر أن تشكيلات من الجيش السوري وصلت تباعاً إلى ريف حلب الشمالي، بالتزامن مع تكثيف الطلعات الجوية الرقابية في الشمال السوري، وإعادة تسيير دوريات روسية ـــ تركية اعتيادية مشتركة، وفق اتفاقية «سوتشي»، في محيط عين العرب. كذلك، واصلت المسيّرات التركية نشاطها المكثّف فوق محيط منبج وتل رفعت، بعد نحو أسبوع من تصعيد تركي ملحوظ ضد «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد). وبينما تحاول تركيا الربط بين أيّ تحرك في ملف إدلب بملف منبج وتل رفعت، نفت مصادر معارضة وجود أيّ تحرك عسكري بري في الوقت الحالي في المنطقة، حيث يقتصر النشاط التركي على عمل المسيرات، واستخدام المدفعية بشكل متقطّع.
في المقابل، شهد محيط طريق حلب – اللاذقية (M4)، الذي يُعتبر فتحه أولى خطوات خريطة الطريق الروسية للتطبيع بين دمشق وأنقرة، «تحركاً عسكرياً سورياً»، وفق المصادر الميدانية. ويتوافق هذا التحرك مع الطرح الروسي الذي يهدف إلى تحقيق مصالح اقتصادية مشتركة بين سوريا وتركيا، عبر فتح طرق «الترانزيت»، كخطوة من بين خطوات عديدة تشمل كذلك حلّ مسألة اللاجئين. وقبيل انطلاق اجتماع «أستانا»، وزّعت روسيا مسوّدة «خريطة الطريق» للتطبيع بين سوريا وتركيا، والتي تتضمن وفق ما تسرّب منها خطوطاً عريضة للتعاون بين الجارتين، تاركةً التفاصيل للنقاشات الثنائية، وسط استمرار الخلاف حول الأولويات. فمن جهة، تصرّ دمشق على أن تتضمّن الخريطة جدولاً زمنياً واضحاً يفضي في محصّلته إلى خروج القوات التركية، بالاستناد إلى اتفاقات سابقة (سوتشي وملحقاتها) تعهّدت خلالها تركيا بعزل الفصائل «الإرهابية» في إدلب، وهو ما لم يحصل على أرض الواقع، حيث لا تزال تسيطر «هيئة تحرير الشام» (الفرع السابق للقاعدة في سوريا) على المحافظة، كما بفتح طريق حلب – اللاذقية وفق آلية رقابة ثلاثية (سورية – تركية – روسية) تنشأ بعد فتح مسار آمن في محيط الطريق بعمق 6 كيلومترات تتراجع الفصائل إلى ما بعدها. ومن جهة أخرى، تصرّ تركيا على تجاهل رفض الحكومة السورية وجود قواتها، والذي تعتبره «ضرورياً لمكافحة الإرهاب»، في إشارة إلى «قسد». وهي نقطة كانت دمشق ردّت عليها أكثر من مرة بأن التدخل التركي هو الذي تسبّب بخلق هذه الظواهر، بعد سنوات تمكّنت خلالها سوريا من فرض الأمن على الحدود، قبل أن تنقلب تركيا عليها وتفتح حدودها للمقاتلين من مختلف الجنسيات للدخول إلى الأراضي السورية.
شهد محيط طريق حلب – اللاذقية تحركاً عسكرياً سورياً
وقد يكون من شأن اجتماع اليوم الذي يُعقد بعد جولات عديدة من المباحثات الأمنية والعسكرية ضمن إطار «الرباعية»، آخرها اجتماع احتضنته العاصمة الروسية الشهر الماضي، خلق حالة سياسية وميدانية جديدة في الساحة السورية، سيؤدي المضي فيها إلى إغلاق أحد أعقد ملفات الحرب (الشمال السوري)، وتقديم دفعة لملف اللاجئين الذي تحاول موسكو سحبه من طاولة المفاوضات السياسية، ضمن خطة واسعة يشترك فيها لبنان والأردن، ومن المنتظر، في حال الوصول إلى اتفاق بين دمشق وأنقرة، أن تنضمّ تركيا إليها. كما من شأن الاجتماع، في حال نجاحه، تضييق الخناق على الولايات المتحدة التي يشكل رفض وجود قواتها والعمل على إخراجها أحد أعمدة الاتفاق السوري – التركي الذي تسعى كلّ من موسكو وإيران إلى تحقيقه.
على خط مواز، نفّذت «هيئة تحرير الشام» حملة اعتقالات واسعة طاولت عدداً من قيادييها الميدانيين والأمنيين، وفق ما أكّدت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار». ومن بين المقبوض عليهم، بحسب المصادر، مجموعة «انغماسية» كانت تخطّط لشنّ هجمات بمعزل عن قرار «الهيئة». وبينما عزت الأخيرة حملتها إلى أن الموقوفين «تواصلوا مع التحالف والحكومة السورية»، أوضحت المصادر أن «التواصل مع التحالف الدولي ينحصر بشخصيات محددة مقرّبة من زعيم الهيئة، أبو محمد الجولاني»، مشيرة إلى أن توقيف المجموعة «يكشف عن محاولة الجولاني منع التشويش على تركيا»، وأنه يأتي «تنفيذاً لأوامر تركية مباشرة».