“أسبوع سوريا السياسي” في صدارة المشهد العربي والإقليمي (جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي* – الحوارنيوز
يمكن القول إنَّ الاسبوع الاول من شهر أيار هو اسبوع سوريا السياسي، حيث يشهدُ حدثيّن مُهميّن: الاول هو الاجتماع الوزاري في عمّان في الاول من أيار لخمس دول عربية (الاردن ،السعودية ،مصر ،العراق ،سوريا)، لمناقشة عودة سوريا لاشغال مقعدها في الجامعة العربيّة.والحدث الثاني هو زيارة الرئيس الايراني لسوريا، بتاريخ ٢٠٢٣/٥/٣، والموافق الاربعاء المقبل.
يغيب عن الحدثيّن، ولأول مرّة ، اي دور مباشر او غير مباشر لامريكا، وهذا ما يجعلنا نعوّل على مُخرجات ايجابية لإجتماع وزراء خارجية الدول المذكورة ، وكذلك عن اللقاء المرتقب بين الرئيس الايراني و الرئيس السوري في دمشق يوم الاربعاء .
نعتقد بحضور سوري في القمة العربية، متمثل بالرئيس بشار الاسد، رغم بعض النقاط او المطالب التي لم يتم حسمها بين الجانب السوري و الجانب العربي ، حتى ساعة تدوين هذا المقال . ونعتقد ايضاً أن الامير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، حريص على أنْ تكون قمة الرياض ، قمّة لمّ الشمل وقمّة الانفتاح العربي الاقليمي، او بالاحرى الانفتاح العربي الايراني ، وعلى هذا الاعتبار ،اعربنا ، في مقال سابق بعنوان “قمّة الرياض القادمة :قمّة المصالحة العربية و الشرق الاوسط الجديد والتوقعات السارة ” ، في ٢٠٢٣/٤/٤ ، في جريدة “الحوارنيوز” اللبنانية ، عن أملنا بأن توجه المملكة دعوة الى كل من ايران وتركيا لحضور القمّة كضيوف شرف ، وأوضحّنا الاسباب .
حضور سوريا القمة هي الآن حاجة مُلّحة للطرفين ؛ لسوريا و للعرب . ادرك العرب أنَّ ملفات المنطقة ( لبنان ،الهجرة ،المخدرات ، الارهاب ، ولا سيما فلسطين و اسرائيل ، وكذلك الاقتصاد ) ، لايمكن حسمها دون سوريا ، او يكون حسمها اسرع وافضل بمشاركة سوريا .
كما ان عزم المملكة العربية السعودية والعراق و ايران على جعل منطقة الشرق الاوسط منطقة أمن و استقرار و ازدهار لا يمكن ان يتحقق من دون انضمام سوريا . سرعة المسار الايجابي بين المملكة العربية السعودية و الجمهورية الاسلامية الايرانية يجعلنا نتوقع ذات السرعة او اسرع في المسار بين المملكة وسوّرية.
سوريا دولة مواجهه مع الكيان الاسرائيلي، وأيّ جهود للسلام في المنطقة لا يمكن ان تتحقّق بدون سوريا، وأول مَنْ أدرك هذه المعادلة ” لا سلام بدون سوريا ” هي أمريكا ، بعد ان فشلت في اسقاط النظام في سوريا.
وعلى امريكا الآن أنْ تتصرف تجاه سوريا وفق ما يُمليه فشلها ، ويفترض ان تبادر امريكا بسحب قواتها و مغادرة الاراضي السوريا ، والكف عن سرقة النفط السوري ، وعن دعم بعض الفصائل المسلحة و بعض الانفصاليين .
الحدث الثاني وهو زيارة الرئيس الايراني لسوريا يوم الاربعاء ،والتي تستمر ليوميّن.
حُدِّدَ موعد الزيارة بعد الاجتماع الرباعي الذي ضّمَ وزراء الدفاع ( روسيا ايران تركيا وسوريا ) ، في موسكو بتاريخ ٢٠٢٣/٤/٢٦ ، وهذا اول لقاء على مستوى وزاري بين تركيا و سوريا. يبدو ان ايران استنتجت مرونة كافية من الجانب السوري كي تمضي قدماً في ترتيب زيارة الرئيس الايراني لسوريا ،لأنّ الهدف الرئيسي من الزيارة هو العلاقة التركية -السورية. و تفاصيل عديدة تهّمُ ايران وروسيا في موضوع هذه العلاقة : سيادة سوريا و انسحاب القوات التركية ،امن تركيا ، عودة المهجرين السوريين الخ … ، ولكن اهم هذه التفصيلات هو تحقيق لقاء بين الرئيس التركي و الرئيس السوري في اجتماع قمّة منتظر في روسيا ، وقبل الانتخابات الرئاسية التركية . روسيا وايران يسعيان و بقوة الى تعزيز فرص نجاح الرئيس اردوغان في الانتخابات المقبلة ، وتسويّة الخلافات السورية التركية و مصافحة بين الرئيس التركي والسوري امام عدسات المصورين يُعزّزان فرصة فوز الرئيس التركي .
حرص روسيا وايران على فوز الرئيس التركي يدّلُ على ثقتهما بالاستدارة التركية نحو محورهما ( روسيا ،ايران ،الصين ) ، وفقدان تركيا لثقتها في امريكا، وابتعادها عن السياسة الامريكية في المنطقة .
بالتأكيد سيحاول الرئيس الايراني تبديد شكوك وتردّدْ الرئيس بشار الاسد بالالتزامات القادمة للرئيس التركي ،وبعد فوزه بالانتخابات ، سيحاول الرئيس الايراني بتمرير فكرة توحيد جهود روسيا و ايران و تركيا وسوريا تجاه طرد القوات الامريكية من شرق الفرات ،وهو هدف مباشر و مشترك لسوريا و لتركيا ، وكذلك هدف مشترك لروسيا و ايران.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل