كتبت د. ليلى شمس الدين
إعلان البارحة سرى كالنار في الهشيم لناحية ردود الفعل، حيث كان معالي وزير التربية الدكتور عباس الحلبي قد وقّع إعلاناً ينتهي مفعوله في اليوم التالي، وتضمّن هذا الإعلان الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا-النمسا استقبال طلبات الترشيح للمنح الدراسية الشاملة المُقدّمة لشابات يتمّ اختيارهن سنوياً لدراسة الماجستير في اختصاصات العلوم والتكنولوجيا النووية، الأمان والأمن النوويين، عدم الانتشار النووي، الفيزياء والكيمياء النووية، الطب النووي، البيولوجيا الإشعاعية والسلمية النووية.
أمر استدعى توضيحًا من المكتب الإعلامي لوزارة التربية والتعليم العالي بيّن أنّ ” الوزير الحلبي تسلّم ملف المنحة يوم أمس (أي يوم سابق على نشر الإعلان البارحة) ولم يرغب بتوقيعها أو تعميمها قبل مراسلة الجهة المانحة لتمديد فترة استقبال الطلبات. وفور تسلّم الوزارة جواب الجهة المانحة بعدم إمكان تمديد المهلة بسبب إقفال النظام المعلوماتي الخاص بهذه المنح”.
المشكلة لا تكمن برأيي في تصرّف معاليه، أو في التوضيح الذي طالعنا به مكتب الوزارة الإعلامي، بل على العكس تمامًا، المشكلة برأيي تفتح أمام معاليه بابًا واسعًا للبحث والتقصّي عن مآل مثل هذه التصرّفات والتبعات.
لأجل هذا نطرح على معاليه بعض الهواجس التي طفت عبر الأثير، فطغت على ما عداها، وشكّلت بذلك الحدث الذي يبحث عن تفسيرات عسى أن تكون مطمئنة.
ألم تستغرب معاليك توقيع إعلان مُدته يوم واحد، ممّا يستوجب السؤال حول كيفية وآلية تأمين كل متطلّبات المنحة للراغبات بالتقديم في يوم واحد؟ وكلنا يعرف مسار تجهيز المستندات في لبنان وخصوصا في هذه الأيام بالذات؟
ألم يتبادر إلى ذهن معاليك، لماذا تأخير تسليم هذا الإعلان إليكم إلى ما قبل يوم واحد فقط من انتهاء المهلة المنصوص عليها في الإعلان؟
هل راود معاليك أنّ الأمر قد يكون مرتّبًا لصالح بعض المحظيات في كواليس الوزارة؟ أو للجامعات المحكوم بأمرها؟ أو لصالح الحاشية الحاكمة بأمرنا أيضاً في وزارتكم أو في أي من الإدارات أو الجهات المعنية؟
هل سألت معاليك عن التاريخ الحقيقي لاستلام هذا الإعلان في الوزارة؟ أو ربما وبعبارة أخرى متى صدّر هذا الإعلان من الجهة المُرسلة الأجنبية إلى دهاليز مغارات اداراتنا اللبنانية؟
واسمح لي أن أسأل هنا:
إضافة إلى ما سبق طرحه، هل هناك تفسير لما حصل في هذا الملف غير الإهمال أو الاستخفاف والله اعلم؟
ماذا لو علمنا، إذا ما كانت معلوماتنا صحيحة، انّه يوجد في الوزارة موظف خاص يتقاضى أجره من أموالنا نحن أبناء هذا الشعب، لمتابعة ملف المنح الجامعية وما شابه، فهل متابعة هذا الإعلان أو مثيله لمنح وسواها من اختصاصه ومهامه؟ بحسب الإجابة المفترضة يرتفع عندها منسوب الخيبات أو يضيق.
في واقع الأمر أراها أسئلة مشروعة تستوجب الإجابة والتوضيح في بلد المحسوبيات والسرقات والكارتيلات والتجاوزات والزبائنيات ووووووو …. حيث لا نستبعد شيئا، وآمل أن تجدها معاليك أسئلة مشروعة تستحق أن تطلعنا على إجابات تبدّد ربما شكوكنا وهواجسنا حول هذا الفعل ومثيله.
نتطلّع أن نصبح على تغيير إلى الأفضل، لا سيما بعد تأكيد معاليك البارحة أنّ “هناك صفحة جديدة فتحت مع تسلّم الحكومة الجديدة مهامها. وأكّد العمل بحسب معايير الشفافية والحوكمة. واعتبر الوزير ان التحدّيات تتمثل في تأمين دعم طارئ لكي نتمكن من متابعة الاهتمام بتوفير التعليم لكل المتعلمين على الأراضي اللبنانية”.
طبعا المساءلة والمحاسبة وتحميل المسؤولية للمقصرين هي المنطلق والهدف في آمن لما نترقّبه في متابعة هذا الملف كما في سواه.
كما نأمل أن تصل أصواتنا أو ارتداداتها إليكم معالي وزير التربية، أو إلى أحد مستشاريكم، او أي من المعنيين بهذا الملف مهما صمّت الآذان عن الاستماع، لعل وعسى يحدث الله امرا.
مسؤولية منتظرة، وتوضيحات وإجابات تحمل تبعات وتبعات، نأمل بأن تُشكّل بادرة جديدة ترسم مسارها بالاتجاه الصحيح في ترميم ما تهدّم من معادلة بناء الثقة بين الشعب وهذه الحكومة.