رأي

أسئلة إلى الرئيس المكلّف(الشيخ ماهر حمود)

 

استعاض الشيخ ماهر حمود عن خطبة الجمعة التي لم يُلقِها أمس بسبب عارض صحي، بكتابة نص أورد فيه مجموعة من الأسئلة والملاحظات، وجّهها إلى الرئيس المكلّف نواف سلام، وفيها:

 

السؤال الأول: هل ينتبه دولته إلى أن الثقافة العالية والخبرة خارج لبنان، هما أمران يختلفان عن الممارسة السياسية مع زعماء الطوائف و«العشائر» اللبنانية، ومع الواقع اللبناني المعقّد.

لقد خبرنا أن أيّ متخرّج من جامعته، على سبيل المثال، يكون متباهياً بما عنده من العلم، يشعر بالتعالي على الآخرين، ثم لا يلبث أن ينتبه لنفسه بأن علمه، ولو كان عالياً، يحتاج إلى التجربة والممارسة، فالعلم في الكتب شيء والخبرة والممارسة شيء آخر، لا بدّ منه حتى يكتمل العلم.

من هذا المنطلق نقول: نحن نقدّر عالياً ما يحمل دولة الرئيس من شهادات وما مارسه من الخبرة في المجال الجامعي والسياسي والدبلوماسي والقضائي الدولي، كما نقدّر ما كتبه من كتب وأبحاث عن اتفاق الطائف وما بعده، وعن التركيبة اللبنانية …، ولكننا نريده أن يقول لنا: هل النزول إلى ساحة العمل السياسي في لبنان هو نفسه ما خبره في نيويورك ولاهاي وغيرهما، أو ما كتبه في الكتب والأبحاث؟.

وهنا يُطرح السؤال التاريخي: لقد رغب الرئيس فؤاد شهاب، على سبيل المثال، أن يستغني عن الطبقة السياسية، التي سمّاها (أَكَلة الجبنة)، ولكنه اضطر إلى التعامل مع هذه الطبقة لأنه وجد أن الواقع اللبناني يفرض عليه ذلك، فهل سيخضع الرئيس المكلّف للواقع اللبناني أم يستطيع أن يستعين بالزخم الداخلي والخارجي الذي رافق تكليفه وانتخاب الرئيس عون لتجاوز العقبات الداخلية؟ الله أعلم.

السؤال الثاني: هل يعتقد فعلاً الرئيس المكلّف بأن ما سُمّي بثورة 17 تشرين هي فعلاً ثورة، أم أنها قامت بفعل فاعل، وأن ثمة تدخلاً خارجياً حرّك أناساً محددين، وسرّب شعارات معينة وأوهم اللبنانيين بأنهم على عتبة عصر جديد من الإصلاح، وأن المشكلة كانت فقط في الفساد الداخلي، ولم تكن من «المؤامرة الخارجية» التي منعت الموارد الخارجية عن لبنان، وكما قال وزير خارجية أميركا في حينها مارك بومبيو: على اللبنانيين أن يجوعوا حتى يلفظوا حزب الله من صفوفهم، وتصاريح أميركية كثيرة في هذا الاتجاه، وتسريبات متنوعة وصلت إلى مراجع سياسية ودينية وغيرها؟

السؤال الثالث: لقد أفرزت أحداث تشرين 2019 انتخابات أتت بـ«التغييريين» إلى بيروت وبعض المناطق، فهل كان لهؤلاء أن يفوزوا لولا التدخل السعودي؟. لقد شُطب تيار «المستقبل» من المعادلة ومُنع من خوض الانتخابات بقرار خارجي تماماً، واحتل مقاعده أو أكثرها هؤلاء «التغييريون»، فهل يعتبرهم ممثلين حقيقيين لناخبيهم أم أنهم ملأوا الفراغ الذي فُرض خارجياً على هذه المقاعد؟ هذا بمعزل عن رأينا في مواقف وممارسة تيار المستقبل.

السؤال الرابع: لقد سمعنا من دولته، أن أميركا وبريطانيا واليابان وأوكرانيا، فقط هي الدول التي لم تصوّت لدولته لرئاسة محكمة العدل الدولية، وهذا ينفي عنه تهمة التبعية لأميركا، كما تمّ تصويره عندما طُرح اسمه كرئيس حكومة، هل سيستطيع أن يضع حداً للتدخل الأميركي حيث لا ينبغي؟ هل يستطيع أن يوجد موقفاً وسطاً بين الحاجة إلى أميركا ومنعها من تجاوز الحدود المقبولة للتدخل؟

السؤال الخامس: لقد طرح الرئيس المكلّف نفسه كعلماني، أو كأقرب للعلمانيين من غيرهم، وهو يمثل السنّة من خلال موقعه: كيف سيوازن بين الأمريْن؟ وهل سيطرح الإشكاليات التاريخية: كالزواج المدني وحقوق المثليين؟

السؤال السادس: لقد كان موقفه كرئيس لمحكمة لاهاي الدولية مميزاً، عندما طالب إسرائيل بوقف العدوان، ولكنه عمد إلى التوازن فطالب بإطلاق «الأسرى أو الرهائن» في غزة دون قيد أو شرط، من دون الحديث عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والذين يعانون من الاعتقال الإداري التعسّفي وغير ذلك، فهل هو مقتنع تماماً بأن الأمرين متوازيان؟ ويبقى موقفه في لاهاي مميزاً، تضاف إليه تجربته المباشرة مع اليسار اللبناني والمقاومة الفلسطينية في السبعينيات، فهل يعتبر تلك المرحلة مثلاً من نزوات الشباب، أم أنها التزام أخلاقي لا يتغيّر بتغيّر الظروف؟

السؤال السابع والأخير، ولعلّه الأهم: كيف يفسّر القرار 1701؟ هل يخص جنوب الليطاني أم كل لبنان؟ وهل ثمة آلية وإمكانية تمكّنان الجيش اللبناني والقوى الأمنية من تطبيق هذا القرار ببعض بنوده التي تظهر وكأنها غير قابلة للتنفيذ، مقابل ما يمكن أن ينتج عن التطبيق الحرفي للنص من انقسامات داخلية؟.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى