“أخي جاوزَ الظالمون المدى”.. فاطردْ سفراء العدو غدا(جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز- خاص
عّنونتُ المقال بالبيت الاول من قصيدة فلسطين، كتبها المرحوم الشاعر علي محمود طه ،ولحنّها المرحوم الموسيقار محمد عبد الوهاب ، وانشدها عام ١٩٤٨ ، فور إعلان قيام كيان اسرائيل المغتصبْ .
استأذنهم واستميح عذرهم في تصرّفي في عجز البيت الاول ، وأظّنُ نيَلَ موافقتهم ورضاهم ،طالما في الامر رسالة ومناشدة الى الاخوة في العروبة والدين والتاريخ والجغرافيا ،لانصاف فلسطين في اطفالها ونسائها وقُدسها ، فئغنْ لم يكْ الانصاف في السيف ،فليكن بأضعف الايمان ، و اضعف الايمان هو قيامهم بطرد سفراء اسرائيل من دولهم .
اطلبوا منهم مغادرة البلاد خلال ثلاثة ايام وبرّروا ذلك ” بأنَّ حضورهم على ارض البلاد ، وفي هذه الظروف ، يسيئ الى مشاعر الشعب ” . لنْ تلومكم امريكا ولا غيرها ، وسينال هذا العمل رضا الله وشعوبكم .
اسرائيل اليوم هي ليست اسرائيل الامس ، أظهرها الله لكم على حقيقتها ،كيانٌ مًنزوع الانسانية و مدججّ بالشّرِ والعدوانية ،ديدنه الجرائم والقتل ، ولا يقيم وزناً وحدّاً ،لا لشرائع السماء ولا لشرائع الارض، فكيف تأتمنوه على مستقبل اجيالكم ، والله يريكم شّرْ اعماله ونكث عهودهِ .
تواجد ممثلي كيان مغتصب ، وممثلي مجرم حرب ( نتنياهو ) في بلدانكم هو اعتبار و تقدير ومنح ثقة لهم .هو ايضاً تأييد ضمني لما يقومون به من جرائم ،او ( ان لم يكْ تأييد ) فهو صمت على حق .
اسرائيل اليوم ،وما تقوم به من استخدام محرّم لاسلحة بحق المدنيين ، تجعل اشلاءهم متناثرة ومنصهرة ومندثرة ، هي اسوأ واكثر جُرماً من داعش الارهاب .
ومثلما كانت داعش تسعى الى الخلافة الاسلامية في المنطقة ،تسعى اسرائيل الى الهيمنة في المنطقة ، باسم اسرائيل الكبرى ( من الفرات الى النيل ) .
ومثلما ولدت داعش من الرحم الامبريالي الصهيوني الرجعي ،وحظت برعايته وحمايته و دعمه ، ولدتْ اسرائيل من ذات الرحم ،وها نحن نشهد حجم الرعاية والحماية و الدعم الذي يتلقاه هذا الكيان المغتصب من الرحم الموبوء . الفرق بين داعش و اسرائيل هو أنَّ الاول وُلِدَ لعمرٍ مُحدّدْ ولمهام مرحلية ،والثاني ( اسرائيل ) وُلِدَ لكي يبقى ولمهام استراتيجية .
ان كنتم عاجزين عن ” حق الجهاد وحق الفدى “، فجاهدوا سياسياً ودبلوماسياً ، وأظهروا رفضكم لما يرتكبه الكيان من جرائم ،من خلال طرد سفراءئه المعتمدين في دولكم .
كنتم تبرّرون اقامة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان المحتل بذريعة خدمة القضية الفلسطينية ، وضرورة التواصل معه من اجل حّلْ الدولتين وضمان حقوق الشعب الفلسطيني ،فتبيّن الآن ،لكم و لنا وللعالم ، بتمادي الكيان بجرمه ، وكلّما تمادى وتوسّع وتمدّد واستمر بنكث الوعود والعهود ( اتفاقيات اوسلو) تقرّبتم منه اكثر وازداد تعاونكم معه ، وكأنكم لا تعلمون بانكم مُستَهدفون عاجلاً ام آجلا .
أمامنا و امامكم تجربة السلطة الفلسطينية في رام الله ،والتي اعترفت بإسرائيل منذ اربعين عاماً ،( ذات الفترة الزمنية التي قضاها النبي موسى “ع” ، في اقناع بني اسرائيل بنحر البقرة الصفراء ) ، والتي ( واقصد السلطة الفلسطينية) تعاونت مع اسرائيل أمنياً واصبحت حارساً لأمن اسرائيل ، ها هي الآن ماذا جَنتْ ،غير خسارة شعبيتها وتاريخها النضالي ؟ لمْ ولن تكسب لا رضا الشعب الفلسطيني ، ولا استرداد حق واحد من حقوق الشعب الفلسطيني ، ولا رضا الكيان المحتل ،والذي يطالبها بالمزيد والمزيد من التنازلات ، ولا رضا امريكا ،الداعم دون شرط وحدود لاسرائيل .
” ولا تحسبّنَ الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون إنّما يؤخرهم ليومٍ تشخصُ فيه الابصار “.. صدق الله العلي العظيم.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل