بقلم ناجي امهز
يعتقد البعض أني اجلس مع الشياطين من كثرة الاسرار التي انشرها، وكي لا اخيب البعض سأخبركم ماذا اخبرني الشيطان منذ مدة.
كنت جالسا ليلا اتلو عزيمة احضار الجني “لبناطوش”، اذا به يتأخر، واذ بي ازيد من البخور، وعيناي تدمع، لا اعلم ان كان من كثافة الدخان، او من غلاء اسعار البخور، المهم حضر “لبناطوش”، وكان يبكي بشدة، فسألته ما بك ايها العفريت؟
قال لي: قررت ان اغادر لبنان.
قلت له ولماذا تغادر لبنان، فانت لا تمرض لتفر من المستشفيات، ولا تجوع لتعجز عن شراء المواد الغذائية، ولا تحتاج للدواء ولا للكهرباء، ولبنان يشبه جهنم وعفاريت الناس “طالعة لحالها” .انه موطن مثالي لأمثالك من الشياطين والعفاريت.
بكى اكثر وقال: يعز علي ترك هذا الوطن الجميل بالنسبة لنا، لكن شيئا فرض علي الرحيل.
قلت له ما هو؟
قال: بالأمس حضّرني احد السياسيين، وعندما صرت بين يديه سألني قائلا: يا “لبناطوش” ما هو الحل للبنان وشعبه؟
قلت له: يا سيدي، ان تعيدوا ما نهبتموه، وبلحظة تحل ازمات لبنان جميعها.
نهرني وزجرني وجلدني بسوط عزيمة شيطانية من ملك الشياطين “عفركطوش”، كاد ان يقتلني بها، فتوسلت اليه واستجديته، ليعفو عني، وقال بصوت يشابه الرعد، وعيناه تقدحان شررا، “انها اخر مرة اسمع منك شيئا فيه رحمة”. قلت يا سيدي ان الشعب اللبناني “يلوي القلب”، فصرخ بي “اصمت يا لعين”، قال عني لعين…
وردد السؤال: ما هو الحل للشعب اللبناني؟
قلت له: نقتلهم.
قال : لا .. الامم المتحدة ستتهمنا بجرائم حرب.
قلت له :نحولهم طوائف متصارعة.
أيضا قال: لا.. اصلا من منهم بعد يؤمن بالأديان والطوائف ؟لقد كفّرناهم.
قلت له: نطمرهم بالنفايات فيلحق بهم المرض والموت.
قال: هل نسيت؟.. لقد طمرناهم بالنفايات، ومع ذلك مات البعوض ولم يموتوا.
قلت له :نحرقهم..
صرخ بوجهي: ويحك.. تريد ان تقتلنا برائحة جثثهم؟
قلت له :لا حل عندي لهذا الشعب.
فكر السياسي لحظة وصرخ في وجهي : لقد وجدتها!
فاستغربت كيف يجد السياسي حلا شيطانيا لم اجده انا.
قال: اسمع يا “لبناطوش”، ان دعم المواد الاساسية التي نقوم بدعمها كي لا ينتفض الشعب علينا، تكلفنا سنويا ما يقارب السبعة مليار دولار، وهذا الدعم نحن نأخذه من ودائع اللبنانيين لندعم المواد التي يستخدمونها. يعني نحن ندعمهم من كيسهم (يعني من دهنه قلّيلو) ونقبض رواتبنا ونكمل سمسراتنا ونستفيد على الطالع والنازل من أموالهم.
قلت له: جميل، وماذا تريد اكثر من ذلك؟
قال: لكن المشكلة ان اموال المودعين ستنتهي ،وبالختام سيتوقف الدعم، وحتما سياتي المودعون ويطالبوننا بالودائع، لذلك في حال حولنا السبعة مليارات التي نستخدمها للدعم، برد جزء من اموال المودعين، وبالمقابل رفعنا الدعم نكون بهذه الطريقة رضينا المودعين وبررنا رفع الدعم، والمودع الذي سيقبض جزءا من وديعته في ذات الشهر سيصرفها، بسبب الغلاء جراء رفع الدعم، ولن يكون قادرا على ان يفتح فمه، بل ستربح المصارف ما يقارب الخمسة مليارات دولار سنويا، لانها لن تكون مضطرة ان تبيع اي شيء من اصولها، او تسحب من اموالها في الخارج لتسدد للمودعين، والدولار سيعود بطريقة او بأخرى الينا، ان كان لحاجة الشراء او الصرف، وحتما العملة اللبنانية ليست مشكلة لاننا سنطبع منها الكميات التي نريدها.
قلت له: يا سيدي، لكن اكثر من نصف الشعب اللبناني لا يملك لا وديعة ولا من يرسل له دولارا او يعطيه دولارا، وهؤلاء سيموتون جراء الجوع او من عجزهم على تأمين الدواء، في حال رفع الدعم.
قال لي حرفيا :ونحن بهذه الطريقة نكون ننفذ ما نريده.
فصرخت بوجهه: اتقي الله يا سيدي!
واذا به يعاقبني ويطردني من لبنان الى الصومال.
وانا اتيت لوداعك،
فقلت انتظرني اني ذاهب معك.
زر الذهاب إلى الأعلى