أحلام الصهاينة تتبّدد على أسوار لبنان : مِنْ رايس 2006 إلى نتنياهو 2024(جواد الهنداوي)
بقلم السفير الدكتور جواد الهنداوي – الحوارنيوز
أقصدُ في العنوان المشروع الصهيوني الاول ، ( مشروع الشرق الأوسط الجديد ) ،والذي حملتهُ و أنذرتْ بشّرهِ كوندليزا رايس ،وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن .
تذّكروا ، كان ذلك في شهر تموز عام 2006 ، اثناء الحرب الاسرائيلية على لبنان . وتجدر الاشارة إلى أنَّ السيدة رايس استخدمت ، لوصف و تسمية المشروع عنوان الكتاب الذي اصدره شمعون بيرس عام 1996 ،ولم تستخدم مصطلح الشرق الأوسط الكبير ، الذي أراده الرئيس بوش عام 2002 . وقالت ،حينها ، تعقيباً على مجازر الكيان المحتل التي ارتكبها في لبنان: ” هذه هي الولادة القاسية لمشروع الشرق الأوسط الجديد ” .
خسرت إسرائيل حربها مع المقاومة في لبنان ، عام 2006 ، وخسرَ الذين راهنوا على انتصار إسرائيل ، و غيّر الصهاينة وجهة و آليات تنفيذ مشروعهم ، حيث سارَ على عجلتين : عجلة الإرهاب وتنظيماته المتنوعة ، و التي طافت العراق وسوريّة ولبنان و باقي الدول ، وعجلة الربيع العربي والديمقراطية ، والتي عبرت دمشق صوب تونس وليبيا ومصر . وكان ، وما يزال الغرض تفتيت المجتمعات وتفعيل النعرات الطائفية والقومية ، و تدمير المنظومة القيميّة الجامعة للمنطقة وللامة ، واضعاف الدولة ، والعمل وبوتيرة مسرعة إلى جعل اسرائيل هي المهيمنة على المنطقة ،و صاحبة القرار .
اليوم ، وبعد تلقي إسرائيل ، هزيمة استراتيجية لم تك تتوقعها ، قبل عام ، في 7 تشرين الثاني 2023 ، من قبل حماس والمقاومة في غزّة ، تحاول وتسعى ( واقصد إسرائيل ) لأن تستعيد قواها وثقة صهاينتها في الداخل وفي العالم ، ،ولكنها تخرج من فشل وتدخل في معترك فشلٍ آخر .
اليوم ،يقف نتنياهو على أسوار لبنان ، ليصرّح ، وعلى غرار ما قالته كوندليزا رايس عام 2006 اثناء الحرب على لبنان ، بما معناه ” من هنا سنبدأ بتغيير خارطة الشرق الأوسط ” .
صحيح لإسرائيل اهداف محدّدة في حروبها في غزّة ولبنان، وهي استعادة أسراها والقضاء على حماس واعادة المغتصبين إلى مغتصباتهم شمال فلسطين ، و ابعاد مقاتلي حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني . ولكن لإسرائيل او للصهيونية هدف استراتيجي من حربها مع المقاومة في غزّة ولبنان ،ألا وهو ” تغيير خارطة الشرق الأوسط ” ، وما يردّده نتنياهو في اجتماعاته الوزارية والحربية مع مساعديه وأركانه هو تعبير عن النوايا الصهيونية في تغيير خارطة الشرق الأوسط . التحدي الكبير الذي تواجهه الصهيونية متمثلة في امريكا واتباعها من الغربيين وإسرائيل، هو حركات المقاومة في المنطقة ،وفي مقدمتهم حزب الله و المقاومة في لبنان .
الوهم الكبير الذي تعيشه الصهيونية و أركانها ( امريكا واسرائيل ) هو الانتصار على ” مقاومة ” ! قد ينتصرون في احتلال دولة او في حرب مع دولة ، ولكن لم ولن ينتصروا في حرب على حركة مقاومة عمرها سبعة عقود او اكثر ، و تتكئ على حواضن وبيئة داخلية وخارجية و مؤمنة بحقوقها .
لنتنياهو أغراض سياسية حين يرفع شعارا لحروبه و يضيف هدفا آخر لها ، فما هي تلك الأغراض او الاهداف السياسية ؟
اول تلك الاهداف توجيه رسالة إلى الادارة الامريكية بأن قتاله في غزة و لبنان هو لتحقيق ما تصبو اليه أيضاً امريكا ، او الصهيونية ، ألا وهو ” تغيير خارطة الشرق الأوسط ” ،بالاضافة إلى الاهداف الأخرى المذكوره أعلاه . يريد نتنياهو ان يدحض ما تردّده المعارضة الاسرائيلية من ان نتنياهو يستخدم الحرب للهروب من ملاحقات قانونية واخرى بتهم فساد في الادارة او إخفاقات في السياسة والامن ،بعد هزيمة السابع من تشرين الثاني عام 2023 .
ترويج نتنياهو وعصابته لفكرة و خطة ” تغيير خارطة الشرق الأوسط ” ،هي في الحقيقة تمهيد لقبول فكرة حرب بريّة واسعة ،اقليمية او ابعد ، حيث ،لايمكن تغيير خرائط منطقة ، كالشرق الأوسط ، من دون حرب بريّة واسعة تنخرط فيها أمريكا وحلفاؤها. يريد نتنياهو جّر امريكا لحرب كبرى في المنطقة ،يستهدف فيها إيران ، والمبررات هذه المرّة ،ليس الملف النووي ،وانما الدعم الذي تقدمه إيران لكافة حركات المقاومة .
نتنياهو ، في افعاله الإجرامية و تصريحاته السياسية ومواقفه ،لا يدافع فقط عن الكيان المحتل ،وانما يدافع عن العقيدة الصهيونية العنصرية الفاشية ، ويستقوي بهذا الدفاع وبهذه المواقف ،على ادوات الصهيونية ، واقصد امريكا و الدول الغربية المساندة والداعمة .
فشلت اسرائيل في حربها على لبنان عام 2006 ، و فشلت كوندليزا رايس في مشروعها الشرق الأوسط الجديد في ذات العالم ،حينها لم تعرف المنطقة بعد لا الحوثيين و لا الحشد الشعبي ، ولا لدى المقاومة في لبنان ما لديها الآن ، ولا كان الرأي العام الدولي والعالم على معرفة واطلاع على كذب ووحشيّة إسرائيل ، فهل يا ترى ،يستطيع نتنياهو المهزوم والكذّاب ان يحقق ماعجزت عن تحقيقة امريكا والغرب ،في عز قوتهم وحروبهم ؟