بقلم واصف عواضة
(هذه المقالة كتبتها في 26 نيسان عام 2020 ،أي قبل سنة بالتمام والكمال،وهي كانت تحت عنوان “أبواب اليأس تصارع نوافذ الأمل”..وأنا أفتش في دفاتري العتيقة استوقفني مضمونها ،بحيث لم يتغير الحال من حيث المبدأ،بل تغير واقع الحال نحو الأسوأ،وازدادت أبواب اليأس اتساعا،وضاقت نوافذ الأمل أكثر فأكثر،وأخشى أن تكون قد سُدّت تماما.والحقيقة أنني لم أجد ما أكتبه عن واقع الحال أفضل مما كتبته قبل سنة.وآمل ألا أعيد كتابته العام المقبل في مثل هذا اليوم.وعلى قول أخواننا المصريين يبدو “ما فيش فايدة”).
********************
الحوار نيوز -26/4/2020
اتصل بي صديق صباح اليوم مستفسرا عن آفاق الأوضاع في ضوء التطورات الأخيرة.كنت قد فرغت للتو من الاطلاع على عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي وملخصها أن “استهداف رياض سلامة غير مقبول” ،في إشارة الى الموقف الأخير لرئيس الحكومة حسان دياب.
قلت للصديق:حقيقة أن علامات التشاؤم تتغلب على إشارات التفاؤل ،وأن أبواب اليأس تصارع نوافذ الأمل..
قاطعني الصديق:ولكن يبدو الرئيس دياب مصمما على المضي في طريق المحاسبة والمعاقبة واستعادة الأموال المهرّبة والمنهوبة ..
قلت:نعم هذا صحيح..وأنا واثق بأن الرئيس دياب صادق ويسعى الى معالجة جدية .واعتقد أن جلستي مجلس الوزراء الأسبوع المقبل سوف تنجم عنهما قرارات بالغة الأهمية ..ولكن!
قاطعني مرة أخرى:ولكن ماذا ..هذا أمر مهم ويدفع الى التفاؤل..
أجبت: اسمعني جيدا..الحكومة يا صديقي سوف تأخذ قرارات مهمة الأسبوع المقبل ،لكن هذه القرارات تحتاج الى آلية تنفيذية لا تبدو متوفرة وميسّرة في هذه المرحلة .وهذه الآلية تقوم على العناصر الآتية:
أولا: مجلس نيابي جاهز ومتحفز لاقرار مشاريع القوانين التي سترسلها الحكومة الى البرلمان .فالمجلس النيابي ليس واحدا في دعم الحكومة ،على الرغم من محاولات الرئيس نبيه بري “دوزنة” الأمور.والجلسة الأخيرة للمجلس كانت نموذجا حيا لما يمكن أن يواجه الحكومة .ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك.
ثانيا:سلطة قضائية مستقلة منزهة وقادرة على التحقيق والمحاسبة والمعاقبة .مثل بسيط في هذا المجال:عندما يشتكي النائب العام التمييزي ،وهو أعلى سلطة قضائية ،من أن مصرف لبنان لا يتجاوب معه في ما يطلب من بيانات وأسماء،فهذا يعني أن ثمة سدودا أمام القضاء لكي يقوم بدوره ،بعضها قانوني وبعضها الآخر بقوة واقع الحال،حتى لا نقول أكثر من ذلك في حالة القضاء.
ثالثا:سلطات أمنية محررة من وصاية الطبقة السياسية التي عينت معظم قياداتها ،بفعل واقع الحال الطائفي في البلد.
رابعا:رفع الفيتوات الطائفية والمذهبية بحيث تزول الخطوط الحمر عن محاسبة أي مسؤول .وهنا أود الإشارة الى أن موقف البطريرك الراعي اليوم سبقته مواقف مماثلة للمرجعيات الطائفية في المراحل الماضية.
خامسا:جهاز إداري سليم في مؤسسات الدولة لديه القدرة على العمل بأمانة وإخلاص بعيدا عن المرجعيات السياسية التي تولت تعيين غالبيته في هذه المؤسسات .
سادسا:إعلام حر منزه وبعيد عن الغايات يدعم خطة الحكومة(أعني الإنقاذ) بلا مواربة وبلا تحيز ،بهدف تكوين رأي عام ضاغط باتجاه تنفيذ القرارات الحكومية.
وختمت بالسؤال:هلى تعتقد يا صديقي أن هذه العناصر متوفرة في هذه المرحلة؟
سكت صديقي لبرهة ثم قال:شكرا على هذه المطالعة البائسة..
زر الذهاب إلى الأعلى