الحوارنيوز – خاص
“أبعد من رسالة” هو عنوان الكتيب الذي صدر مؤخراً وتضمن رسالة المغترب اللبناني والمثقف، المناضل، العروبي علي موسى برّو إلى رئيس مجلس إدراة المؤسسة اللبنانية للإرسال ومديرها العام بيار الضاهر في العام 1997 كتحية لروح برو وتخليدا لمواقفه الوطنية.
تقول غادة حيدر التي بادرت وتابعت تنفيذ “المشروع – التحية” بأن مسيرة الراحل علي برّو غنية جداً، فهو مثقف عميق، ومناضل آمن بلبنانيته وعروبته وكان متفانيا في سبيلهما.
وتضيف:” لقد انتقينا هذه الرسالة لما تكتسبه من راهنية تنم عن استشراف الراحل للمراحل القادمة وللمستقبل، وهو الذي كتبها في العام 1997 ووجهها إلى بيار الضاهر، في لحظة عاصفة آنذاك من تاريخ لبنان والمنطقة، لأنه كان يرغب بمخاطبة اللبنانيين من خلال منبر يرى فيه منصة وطنية تحاكي مواقف ومشاعر اللبنانيين.
والرسالة تعكس أيضاً، ثقافة وسمات لدى الراحل قلّما إجتمعت بشخص واحد، فهو الشاعر الأديب، الرؤوي الموسوعي، فما تضمنته من إستشهادات وأسماء وأعلام تجعل منها رسائل برسالة وتحوّل الأسطر الكثيفة الى ما هو أبعد من رسالة.
تنشر الحوارنيوز المقدمة التي كتبتها الزميلة غادة حيدر كتحية منها للراحل، وقد أهدت هذا العمل إلى ” روح المرحوم علي موسى برو، والى العزيزة نهى، وولديهما ديالا وعمار”
المقدمة:
هو وجهك يا علي، وضّاحٌ كشمس مدينتك الشاهدة على تاريخ مضى وعلى مستقبل يولد…
هو إيمانك الراسخ، كرسوخ معابد بعلبك. إيمانك بفجر جديد لبلاد أنهكتها حروب أولئك المتمترسين خلف مصالح بائدة وزعامات زائفة.
لقد حلمّت وحلم جيلك بوعد الوحدة والمواطنة، في لبنان وفي سائر الأقطار العربية المقسّمة عنّوة كي يسهل مصادرة ثرواتها وتحويلها إلى أكياس رمل في حروب العالم.
عندما سِرتَ حافياً بين النبي رشاده وشمسطار للتعلّم وأنت لا تملك غير لباس المدرسة يغطي جسدك النحيل، نمتْ في عروقك رياح الأرض التي لطالما كانت تأنس لخطواتك الناعمة. وحيث مشيت رميت بذار حب للوطن ولأجياله الصاعدة.
كان عمرك 21 عاما عندما أخذتك، إلى الكونغو، رسالة التعليم. لم يغرّك جاه ولا ثروة، بل تصميم على المضي قدماً برسالتك التربوية حيث ناداك الواجب.
في العام 1962 ومن لوبومباشي وأحيائها الفقيرة بدأت مسيرة عطاء من نوع آخر فقد ساهمت بتنمية تربوية وثقافية كانت ركنا أساسيا في تطور حياة شعوب مقهورة كشعبنا…
تركت لبنان بعد انخراطك المبكر في رحلة البحث عن الذات الوطنية والقومية، رحلة البحث عن وطن يليق بأهله. خافوك لسبب وحيد أنهم يخافون العلم والضوء والحرية، يخافون الإنسان متى كان إنساناً!
ختمتَ كتاب ﷲ عن عمر لا يتجاوز السنوات السبع، اغتنيت منه وبه، ورسمت لنفسك مساراً يبدأ من العلم وينتهي بالعلم.
لا وقت ولا مكان لغير العلم… من الكونغو الى بلجيكا لمتابعة تحصيلك العلمي فدرست علم النفس ونلت شهادة الدكتوراة ومن ثم تابعت دراستك في القانون والصحافة وكنت طوال ذلك الوقت مثال الطالب المؤمن بأن العلم يكون في خدمة المجتمع أو لا يكون…
غادرت لبنان ولم تغادر الميدان. فالعطاء واحد والقضية هي هي قضية الإنسان بشكل عام والإنسان العربي وكرامته بشكل خاص.
صِدقك وشفافيتك أوصلاك لقيادة اللجنة الطلابية العربية في بروكسل – بلجيكا في عامي 1975 – 1976.
لا مكان لليأس، فخيبة الأمل التي كانت تنتابك أحيانا على ما آلت إليه الأمور في لبنان أو وطنك العربي، كانت دافعاً لمزيد من الإصرار على متابعة العمل، حتى تولد “العاصفة” وها هي قد ولدت، إننا نتلمّس بشائرها على أكثر من صعيد، رغم الواقع المأساوي… فالعواصف لا تولد إلا من رحم المآسي والآلام، كما علْمتنا.
مسيرة حافلة بالعطاء وإرثٌ غنيٌ وحلم بهيٌ سنمضي بهم إلى النهاية وكلما بلغنا نهاية سنجدد الحلم بولادة جديدة.
رسالتك إلى بيارالضاهر، ليست رسالة عادية، بل تكثيف لغنى فكري – سياسي – ثقافي – موسوعي يفتقده الكثيرون من مثقفي دواوين السلاطين، وما أكثرهم في لبنان وعلى امتداد عالمنا العربي.
رسالتك بعنوان «أبعد من رسالة». كتابٌ قرأت فيه منذ 24 عاما ما يحدث الآن بالتفاصيل وبالأسماء… ما أعظم قدرتك على استشراف المستقبل من منظار العلم والعلم وحده.
عندما قرأنا مخطوطتك لبيار الضاهر، حرصنا على طباعتها ونشرها. لا ندري إن كانت وصلت للإعلامي وصانع الأحداث الإعلامية بيار الضاهر، وذلك لشدة رغبتنا في تعميم الفائدة وتقديم هذا الخطاب الذي ينم عن حسٍ وطني وقومي وعن جرأة يفتقدها الكثيرون من «المتشدقين» هذه الأيام.
تكريما لك.
وعربون تقدير لإنسان علّمنا كيف نعطي دون منّة.
كيف نحلم وكيف نعمل ونجدد الأمل بمستقبل مشرق عزيز…
كان كتاب: أبعد من رسالة.