آن للثورة ان تستعيد نقاءها وتعيد ترتيب اولوياتها
آن للثورة أن تستعيد نقاءها وتعيد ترتيب أولوياتها
بقلم غسان بيضون
أما وقد وصلت الأوضاع المالية وأحوال المصارف ومصير الودائع إلى هذا الوضع الخطير وصارت أموال المودعين عرضة للابتزاز للنهب والسرقة والاختلاس، فأسأل ما هي الفائدة من استمرار حاكمية مصرف لبنان في موقعها، غير الاستمرار في إدارة عملية النهب المنظم لأموال المودعين النظيفة لصالح مافيات تبييض الأموال المنتشرة على ضفاف الصرافين، على حساب الليرة ولقمة عيش المساكين؟!
لفتني مؤخراً بلاغة قدامى الـ "عصبة" من نواب الحاكم وقدامى لجنة الرقابة على المصارف ممن أقسموا على القيام بوظائفهم بإخلاص ودقة واحترام القانون والشرف، ممن يحاضرون اليوم بالعفة ويستشهدون بالأصول ويطرحون أفكارهم النيرة والخصبة لمعالجة المصائب التي شاركوا في إيقاع البلاد والمودعين في شركها، فبأي شرف اقتدوا وبأية قوانين التزموا يوم كانوا "في الخدمة" صامتين؟!!
ولمن يستغرب الحديث عن إقالة الحاكم المتمتع بأوسع الصلاحيات لإدارة المصرف وتسيير اعماله وفي تحديد سياسته النقدية والتسليفية، أذكّر بنص المادة 19 من قانون النقد والتسليف التي تجيز إقالة الحاكم من وظيفته لإخلال بواجبات وظيفته أو لخطأ فادح في تسيير الاعمال. وأسأل هل تنتظرون ارتكابات أفدح وأخطر في تهديدها وتبديدها مما نرى نتائجه اليوم؟!
أين المجلس المركزي لمصرف لبنان و اللجنة الاستشارية المفترض أن "يستنيرها" الحاكم حول التدابير التي ينوي اتخاذها، ويعرف وجهة نظرها، ويطلب رأيها والنصح بشأن سياسة النقد والتسليف، وأين دراساتها حول الوضع الاقتصادي، وأين اقتراحاتها بشأن إنماء الودائع وخفض المخزون من الاوراق النقدية والتدابير اللازمة لتأمين ضمان الودائع المصرفية وسلامة الاموال الموظفة ؟!
أين رقابة مفوضية الحكومة ونتائج سهرها على تطبيق قانون النقد والتسليف ومراقبة محاسبة المصرف، وماذا ننتظر لتعيينها كي تطلب تعليق قرارات الحاكم التعسفية والتخريبية الغزيرة والخطيرة التي يبنيها على مقتضيات المصلحة العامة؟!
بناءً على هذه الوقائع والحقائق والتقصير الفادح وتمادي الـ "حاكم بأمره" في استغلال الفراغ القائم، لاستكمال تدمير ما تبقى من النظام المصرفي والاقتصاد وتبديد أموال المودعين، دون أن يرف له جفن،
وبعد سقوط اليوم اقتراح القانون المعجل لرفع الحصانة عن الوزراء، في المجلس النيابي الملتئم خارج مقره الرسمي، بحجة انتفاء صفة العجلة، بما يعنيه ذلك من سقوط الرهان على إصلاح يتحقق على أيدي نافذين في الفساد،
وبما أن "الحراك" انطلق من قضايا مطلبية معيشية واجتماعية محقة وتلون بأبعاد سياسية بعد تحوله إلى ثورة"،
أرى ان "الثورة" اليوم هي على المحك، وسوف تكون خلفياتها موضع شك واتهام ما لم تضع في رأس أولوياتها عزل "الحاكم بأمره" تمهيداً لمحاكمته وتعيين بديل عنه بالإضافة إلى نواب الحاكم ورئيس وأعضاء لحنة الرقابة على المصارف، من غير "الأصدقاء" و "الموثوقين" "والمرضي عنهم والموصى بهم، على أن تستكمل هذه التعيينات بتسمية مفوض جديد للحكومة لدى مصرف لبنان وتعيين مدير عام أصيل لوزارة الاقتصاد، تفعيلاً للرقابة على أنشطة مصرف لبنان والمصارف ولمواكبة التدقيق في حسابات مصرف لبنان توصلاً لبيان حقيقة أوضاعه وإمكانياته المالية والتحقيق في أسباب أزمة النظام المصرفي وتسرب أموال المودعين، وتمهيداً لمحاكمة المسؤولين عن هذه الجريمة الوطنية الكبرى.
وإلا تكون " الثورة " هي أيضا" موضع شبهة وتستوجب كشف خلفياتها إسقاطها هي أيضاً!