حرب لبنانسياسة

آخٍ يا سيد..لو ترانا اليوم !(واصف عواضة)

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز

 

آخ يا سيد..

آخ يا سيد لو ترانا اليوم نزحف إلى بلداتنا وقرانا زرافات ووحدانا ،من “فقش الموج” عند شاطئ الناقورة إلى كفركلا والخيام عند سفوح الجبال.

سقط منا شهداء وجرحى ياسيد، ولم نرتدع أو نهاب أو نتراجع ،لأن أرضنا غالية وقد أوصيتنا بأن نصونها بشفرات العيون ،وما كنا إلا أوفياء لعهدك ووعدك ووصيتك ..يا سيد !

آه يا سيد ،لو أنك رأيت الأعلام بالأحمر والأصفر والأخضر ترفرف من جديد في أرض البلدات الحدودية ،فيما العدو ينظر إليها مصدوما مندهشا من قيامنا من تحت الرماد كطائر الفينيق.

آه يا سيد، لو ترى جنود الجيش وضباطه فرحون بعودتنا إلى الديار ،يحمون أهلنا المقتحمين بلداتهم بآلياتهم التي كاد يأكلها الصدأ نتيجة القِلّة..القِلّة ياسيد التي حرمت الجيش من التسلح للمواجهة.

تقول “أم حسين” (يمكن إسمها “أم حسن” أو “أم علي” ..لا أعرف هي أم أي شهيد) ..تقول للضابط على الحاجز:”أريد أن أدخل بلدتي لأستعيد جثة إبني الشهيد من تحت الركام”..يرد الضابط بحرقة:”والله يا حاجة ،إبنك هو أخي،ولكن سلامتك اليوم هي الأهم” !

آه يا سيد لو تشهد معنا تلك السيدة المجللة بالسواد التي وقفت في وجه الدبابة الإسرائيلية وهي تفتح ذراعيها وتقول :أقتلوني ..فلن أعود إلى الوراء!

يعز علينا يا سيد ألا تكون بيننا هذه الأيام ، قائدا لمسيرة العودة، معتليا منبرك المعهود صارخا بصوتك الهادر :” يا أشرف الناس، ويا أكرم الناس،وأطهر الناس،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

 

والله العلي العظيم يا سيد ،افتقدنا بدرك في الليلة الظلماء. إنتظرناك في الليل والنهار في إطلالة تشحن نفوسنا بالطاقة ،تماما كما كنت تفعل في حرب تموز، فأخلفت وعدك الصادق بغير إرادتك،بل بإرادة الرحمن الذي عبدت ،فكسرت قلوبنا بغيابك،نحن محبوك القابعون خلف الشاشات ننتظر إطلالتك.

يعز علينا يا سيد أنك لم تشهد معنا شعب لبنان بكل مكوناته ومناطقه يحتضن أهلك النازحين ،ويحشرهم في قلبه قبل بيوته ،ويثبت أن ناسنا الطيبين البسطاء أكثر رقيا من بعض ساستهم وأسيادهم ،وأن أصوات النشاز التي ارتفعت لم تترك أثرا إلا في بعض الحاقدين الذين أقضت مضاجعهم الرهانات والأوهام .

يعز علينا يا سيد،ألا تشهد معنا قوافل أشرف الناس ،تعود إلى الجنوب والبقاع والضاحية، فوق بيوتهم ومتاجرهم ومؤسساتهم المدمرة والمهشّمة ،فتقول لهم كلمة طيبة ووعدا صادقا بأن أملاكهم ستعود أفضل وأجمل مما كانت .. وقد وعدتهم بعد حرب تموز وصدقت الوعد والعهد.

يعز علينا يا سيد، نحن الإعلاميين ،مثلما يعز عليك،أن نفقد قامة إعلامية عالية من أمثال زميلنا ورفيقنا محمد عفيف،وهو اشتاق إليك وأقسم أنه لا يطيب له العيش من بعدك،مثلما اشتاق إليك رفيق دربك الإخر السيد الشهيد هاشم صفي الدين.

آخ يا سيد،

 يعز علينا يا سيد،ألا تشهد معنا ارتباك العدو، ورفض مستوطنيه العودة إلى مستعمراتهم المدمرة،وتصريحات أحدهم بأنهم يخشون أن يصبحوا رهائن في أنفاق بيروت.

يوم استشهد فلذة الكبد هادي ،وقفت يا سيد بكبرياء القائد وقلت أنك لن تخجل بعد اليوم من أسر الشهداء وقد بت واحدا منهم.اليوم منحت أبناءك هذا المجد ،فاطمئن ،لأنهم لن يخجلوا بعد اليوم من أسر الشهداء.

آخ يا سيد ..بل ألف آخ  يا سيد، نسمع صداها لدى أشرف وأكرم الناس في كل العالم ،وهم تختنقهم العبرات على غيابك ،وأنت الذي رأوا فيك “حسين عصرهم” ،فلم تتخلف عن حمل هذا اللقب الشريف،فكنت “سيد الشهداء” في عصر اليزيديين الجدد..

في الخلاصة يا سيد،

لا نريد أن نتحدث عن إنتصارات أمام هذا الدمار العظيم ،لكننا نطمئنك أننا باقون ،ونعود إلى أرضنا ،نعمّرها من جديد ونرفع بنيانها ،ربما أجمل مما كانت كما كنت تعدنا،وسنظل أوفياء لفلسطين ننصرها ونسند أهلها بأيدينا وسيوفنا ،فإن لم نستطع فبألسنتنا،وإن لم نستطع فبقلوبنا.. وهذا أضعف الإيمان. 

السلام عليك يا سيد وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك ..والسلام على من اتبع الهدى!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى