إقتصادمصارف

هيكلة أم افلاس على حساب المودعين؟ ( عماد عكوش)

د. عماد عكوش- الحوار نيوز


يتم تقاذف قانون أعادة هيكلة المصارف بين  المصارف ، الحكومة اللبنانية ، ومصرف لبنان ، وكل طرف من هذه الاطراف يسعى الى الهروب من المسؤولية ما يعزز مخاوف المودعين بأن يكونوا هم الضحية في النهاية ،فيتم اقفال الملف على حسابهم وشطب الجزء الاكبر من ودائعهم .
في الاساس القانون 2/67 تاريخ 16/1/1967 أخضع المصارف التي تتوقف عن الدفع لاحكام خاصة،وقد نص القانون في مادته الثانية على ان كل مصرف يثبت توقفه عن الدفع يتم تطبيق هذا القانون عليه ،وبالتالي فإن القانون موجود وهو يعالج هذه المشكلة، لكن المؤسف لم يلجأ مصرف لبنان ولا القضاء اللبناني الى تطبيق هذا القانون .

كما ان هذا القانون نص في مادته الثانية عشرة على م امكان اعادة تفعيل البنوك في حال ثبوت قدرتها على الاستمرار أو الذهاب الى الافلاس اذا لم يثبت ذلك . كما ان القانون هذا واضح لناحية تحميل المسؤولية ما قبل بداية المشكلة بثمانية عشر شهرا لمجلس الادارة ، كبار المساهمين ، الادارة العليا ، ومفوضي المراقبة .

ثم اتى القانون رقم 110 تاريخ 7/11/1991 الخاص باصلاح الوضع المصرفي ليدخل بتفاصيل عملية الاصلاح ويوضح الاجراءات والخطوات المطلوبة، ومنها أعادة تقييم موجودات المصرف والتزماته لمعرفة حقيقة الوضع المالي القائم لهذه المصارف .

ان هذين القانونين يعتبران اكثر من كافيين لاعادة هيكلة القطاع المصرفي، واذا كان لا بد من ادخال بعض التعديلات لتأكيد مسؤولية الدولة اللبنانية والمصارف على ما وصلنا اليه لناحية المودعين ،فلا مانع من ذلك بحيث يؤخذ بعين الاعتبار النقاط التالية :
أولا” : استقلالية عمل اللجان الممكن تشكيلها بعيدا عن سلطة الحكومة ومصرف لبنان والمصارف التجارية ، حيث لا يصح ان يكون الخصم هو الحكم ، فبالنسبة للمودعين هؤلاء الاطراف الثلاثة هم خصومهم ، وهذا الامر نصت عليه المادة 12 من القانون 2/67 .
ثانيا : عدم فك الارتباط بين مصرف لبنان والمصارف التجارية اتجاه المودعين ، فأموال المودعين مسؤولية المصارف أولا لأن المودعون أودعوا أموالهم لدى هذه المصارف كأمانة، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى مسؤولية مصرف لبنان الذي هدر هذه الودائع ، ومسؤولية الدولة اللبنانية بموجب المادة 113 من قانون النقد والتسليف والتي تلزم الدولة تغطية اي عجز يحصل لدى مصرف لبنان .
ثالثا: التحقيق بما جرى في حسابات المصارف بدءا من ثمانية عشرة شهرا ما قبل التوقف عن الدفع وفق ما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 2/67 اي منذ بداية العام 2018 ، لمعرفة كيف تم تهريب الودائع ، وهل حصل تخل عن بعض موجودات المصارف بالقيمة العادلة أم جرى تهريبها عبر بيعها دفتريا باسعار زهيدة .
رابعا” : الاخذ بعين الاعتبار ما نص عليه التعميم 154 الخاص بالقرار الاساسي رقم 13262 تاريخ 27 اب 2020 ، ان كان لناحية أعادة جزء من الاموال التي تم تحويلها للخارج سواء كانت لمودعين عاديين او لمودعين معرضين كأعضاء مجالس الادارة ، مساهمين ، ادارة عليا ، او سياسيين او أمنيين نافذين ، او لناحية اعادة تكوين الرساميل والسيولة الخارجية ، او لناحية اعداد خطة العمل لاعادة تفعيل المصرف مع توثيق هذه الامكانية بالمستندات والوثائق او الاتفاق مع كبار المودعين باشراكهم في المصرف المعني .
خامسا”: ان تكون العقوبات زاجرة بالنسبة للمصارف التي لا تستطيع النهوض وأعادة التفعيل من ناحية ، او لا تقوم بأي خطوة للعمل على تنفيذ خطة العمل والالتزام بالقوانين السارية .
سادسا”: الاخذ بعين الاعتبار التعميم الاساسي رقم 44 الخاص بالقرار الاساسي رقم 6939 تاريخ 25 اذار 1998 لناحية الالتزام بكفاية الرساميل الخاصة لتكون مطابقة لما نصت عليه اتفاقيات بازل .
سابعا” : ان يتم اعداد اليبانات المالية وفق معايير المحاسبة الدولية ولا سيما المعايير 29 والذي يهدف إلى بيان كيفية إعادة عرض القوائم المالية والتقرير عن الأحداث الاقتصادية لمنشأة تعمل في ظل اقتصاد يعاني من ارتفاع مفرط في معدل التضخم ، وبالتالي تمكين مستخدمي القوائم المالية من الحصول على معلومات محاسبية تعكس الظروف الاقتصادية الحقيقية لتلك المصارف العاملة في بيئة تضخمية مفرطة ، والمعيار 31 الذي يؤكد على كيفية تسجيل الادوات المالية والاستثمارات والتوظيفات في السجلات المحاسبية وذلك بعد الاخذ بعين الاعتبار حجم المؤونات المطلوب .
باختصار ان القوانين الحالية والمعايير المحاسبية الدولية وتعاميم مصرف لبنان الصادرة هي أكثر من كافية واذا كانت بحاجة لبعض التعديلات فلا بأس من أجراء هذه التعديلات شرط ان تبقى اي تعديلات تلامس البنود التي تحدثنا عنها ولا تخرق هذه الشروط ، فهل ستتم المتابعة وفق هذا التصميم أم ستلجأ الحكومة الى اصدار قانون يعفي أصحاب المصارف والحكومات المتعاقبة من المسؤولية فيكون الضحية المودع؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى