حرب غزةسياسة

غزّة تٌسقط بايدن وترفع غالاوي!(أكرم بزي)

 

كتب أكرم بزي – الحوار نيوز

من التداعيات اللافتة والمهمة على الصعيد الدولي لأحداث غزة، حدثان بارزان طغيا على المشهد السياسي في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الأول: فشل الرئيس جو بايدن في جذب العرب والمسلمين في ولاية ميشيغن الأميركية، والثاني فوز ساحق للنائب البريطاني جورج غالاوي في الانتخابات الفرعية للبرلمان البريطاني عن مدينة روتشديل بنحو 40% من الأصوات.

في الانتخابات السابقة كان فوز بايدن سهلاً جداً بالمقارنة مع الولايات الأخرى، في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي في ولاية ميشيغان، إلا أن نسبة الذين احتجوا واضعين علامة “غير ملتزم” في بطاقات الاقتراع كانت ملفتة للنظر في الولاية المتأرجحة، التي تضم تجمعاً للأميركيين العرب والذي يعتبر الأكبر في البلاد، ومدى تأثيرها في الطريق نحو البيت الأبيض.

فالنتائج الأولية، أوضحت أن بايدن حصل على نحو 80 في المئة من الأصوات، مع قرابة 100 ألف صوت “غير ملتزم”، أي نحو 13.4 في المئة من الأصوات، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2020 فاز بايدن في ديربورن وهامترامك وديربورن هايتس، وهي البلدات التي يشكل فيها الأميركيون العرب ما لا يقل عن 30 في المائة من السكان في ميشيغان.

وفي حال تأرجح الناخبون الأميركيون العرب والمسلمون بمقدار 30 نقطة لصالح ترامب، كما أفاد استطلاع رأي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” مؤخرا فقد تكون خسارة بايدن للولاية عام 2024.

وفي الانتخابات الفرعية للبرلمان البريطاني عن مدينة روتشديل، فاز السياسي والإعلامي المخضرم جورج غالاوي بنسبة 40% من الأصوات، بعد ان اعتمد في دعايته الانتخابية قضية الفلسطينيين والإبادة الجماعية التي تحصل في قطاع غزة، ما أعطى زخماً غير مسبوق في مسيرة الانتخابات، وجعلت كير ستارمر زعيم الحزب العمالي البريطاني متردداً في ترشيح منافسين له بعد ان تعرض بالانتقاد لمنافس غالاوي المرشح أزهر علي عندما كرر نظرية المؤامرة المناهضة للكيان الصهيوني بشأن عملية طوفان الأقصى.

وقد أطاح غالاوي، وهو عضو برلماني سابق عن حزب العمال، بحزبه السابق في 3 انتخابات، وسيعود إلى البرلمان للمرة الرابعة خلال 37 عاما. وقال غالاوي “إن حزب العمال يدرك أنه فقد ثقة الملايين من ناخبيه الذين صوّتوا له بإخلاص جيلا بعد جيل”.

ويعتبر جورج غالاوي من أشد المناصرين للقضية الفلسطينية منذ ما يقارب الـ 30 عاماً، واعتبر نجاحه في هذا المقعد بمثابة “الاستفتاء على غزة”. وهو من الذين قادوا قوافل شريان الحياة الدولية إلى غزة التي زارها مع ناشطي التضامن، وحصل على الجنسية الفلسطينية من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء الحكومة آنذاك.

الرأي العام العالمي يتغير

وذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن “سفك الدماء بين الإسرائيليين والفلسطينيين طالما قسّم العالم، ودفع بالشعوب إلى الشوارع للاحتجاج، وبعثر المجتمع الدولي”. وأضافت أن الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر، والحرب “الإسرائيلية الانتقامية” (الإبادة الجماعية) ضد غزة المستمرة منذ أشهر، دفعا نحو مزيد من الاستقطاب في وجهات النظر، خاصة مع سيطرة المشاهد المروعة من الحرب على الأخبار وشبكات التواصل حول العالم. واعتبرت أنه “على الرغم من أن الرأي العام كان بعيدا عن التوقع أو الوضوح، إلا أنه كانت هناك تحولات مهمة من الولايات المتحدة إلى أوروبا امتدت أصداؤها عبر السياسة الوطنية”. ومنذ اندلاع حرب غزة الأخيرة، بدأت استطلاعات الرأي تظهر اختلافات كبيرة بين الأجيال الأميركية ووجهات النظر السياسية حيال الصراع.

الصحفي البريطاني بيتر أوبورن في موقع “ميدل إيست آي” يقول إن الحرب الإسرائيلية الفلسطينية غيرت السياسة العالمية.  وكشف أن 800 خبير في القانون الدولي ودراسات الصراع وقعوا على بيان عام يحذرون فيه من احتمال ارتكاب القوات الإسرائيلية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.” وهذا ما حصل فعلاً.

 وأوضح أن الخبراء قدموا أدلة قوية على حجم وشراسة الهجمات  الإسرائيلية، وأضافوا أن “اللغة التي تستخدمها الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية  تبدو وكأنها تعيد إنتاج الخطاب والاستعارات المرتبطة بالإبادة الجماعية والتحريض على الإبادة الجماعية”.

وشدد كاتب المقال على أن غزة غيرت السياسة العالمية، مشيرا إلى أن الديمقراطيات الليبرالية “المزعومة” -(الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا)- هي التي شوهت سمعة النظام العالمي الليبرالي بمنحها رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو تفويضا مطلقا. وخلص الصحفي البريطاني إلى أن “شجاعة الشعب الفلسطيني ومعاناته وقدرته على التحمل قد غيرت تاريخ العالم..”.

الكاتبة الصحافية نسرين مالك كتبت في صحيفة “الغارديان” تقول إن الأسابيع القليلة الماضية كانت درسا قويا في الطبيعة الوهمية للقانون الدولي، على عكس العراق، حيث استغرق الأمر سنوات لتتراكم الجثث، وتتصاعد الأدلة وتثبت أن المشروع لم يجعل أحدا أكثر أمانا، وكان بلا رحمة ومضللا، وفي النهاية تتسرب الثقة في القيادة السياسية.

وأوضحت أن أحداث غزة تجري في الوقت الحقيقي، وفي بعض الحالات يتم بثها مباشرة، وأن عمليات القصف لا هوادة فيها ومركزة لدرجة أن عائلات بأكملها قد تم القضاء عليها. وقد نزح الآلاف، وحملوا أطفالهم. وهناك أيضا القوة الأخلاقية لأحوال الأطفال، ليس فقط وفياتهم، ولكن تيتمهم ونزوحهم وحرمانهم من الطعام والماء في غزة المحاصرة التي أصبحت الآن، وفقا لـ اليونيسيف، “أخطر مكان في العالم للأطفال”.

مرة ثانية، يبدو نفاق المجتمع الغربي والأوروبي والدولي، تجاه قضايا الشعوب واضحاً. فسياسة الكيل بمكيالين جارية على قدم وساق، وكل ما يجري في قطاع غزة تشاهده الشعوب على شاشات التلفزة العالمية “المسموح بها”، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة والمتنوعة في العالم أجمع، والواضح لغاية الآن إن الهيمنة الأميركية والصهيونية على وسائل الإعلام وعلى قيادات الصف الأول في العالم الغربي والعالم العربي باتت مفضوحة، والمضحك المبكي في ما يجري الآن من كذب ونفاق، أن الرئيس الاميركي أمر إدارته بإرسال المساعدات للجياع في قطاع غزة وإسقاطها بالطائرات فوق المناطق المحاصرة. ألم يكن من الاجدر بالرئيس الأميركي، الإيعاز بوقف اطلاق النار ووقف المذابح، وفتح المعابر لإدخال المساعدات لأهالي القطاع، أم أن القرار الأميركي – الصهيوني بالإبادة متخذ سلفاً والمطلوب إكماله حتى انقطاع النفس؟

أم أنها مسرحية سيئة الإخراج من إدارة بايدن للوصول بأي شكل من الأشكال لوقف اطلاق النار قبل بدء شهر رمضان خوفاً من تسعير نار الانتفاضة في الضفة الغربية ومناطق الـ 48، والتي ستؤثر على الرأي العالم الإسلامي والعربي، وقد تؤدي الى المزيد من التحركات والإحتجاجات قد تحرج المنظومة الصهيو-عربية-غربية في العالم، وقد تؤدي بالإطاحة في بايدن وكل من يدعم هذا الكيان الغاصب؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى