انتخابات 2022سياسةمحليات لبنانية

انتخابات لبنان:منازلة كبرى ب”سلاح العمائم”(ريما فرح)

سعد الحريري فائزا بلا معركة ولا تكاليف ولا.."وجع راس"

ريما فرح- خاص الحوار نيوز

تحشيد ربما غير مسبوق منذ انتخابات العام ٢٠٠٥ البرلمانية في لبنان، شد عصب طائفي، رش عملة خضراء (دولار أميركي) أو ما يوازيها في سوق الصرف اللبناني، استنفار لسفراء خليجيين ولرجال دين أصحاب التأثير المباشر وغير المباشر على أتباعهم طوائفياً ومذهبياً، استحضار تاريخ دموي وشعارات ماضوية، حراك مدني غير مسبوق في مفهومه رغم تشتته لوائحياً ونزوياً وإن توحدت أدبياته، شتائم تملأ مساحات فضاء تلفزيوني وعبر السوشيل ميديا تجرف الشاب والكهل على السواء، (فشر.. وسدُ) عبارات مرشحة للإرتفاع وتيرة مع تقدم الساعات نحو فتح صناديق الإقتراع يوم المنازلة الكبرى أحد الخامس عشر من أيار…

 

هذه هي أجواء الساعات الأخيرة قبل معركة الأحد “المجلجل” التي يعتبرها كل فريق من منظاره مصيرية حيال “سيادة” لبنان، وإن كان السادس عشر من أيار بمنظار من يقرأ الساحة اللبنانية يدرك لن “يشيل الزير من البير” يدرك أن التغيير مستحيل، وأن غلبة فريق على آخر لا تعني إلغاءه، ولا مكان في لبنان لانقلابات جذرية في النظام رغم الإجماع الوحيد على مساوئه…

 

صورة انتخابات الدورة الحالية صورة غير مسبوقة حيث تتسابق الحاجة والعوز لدى الناخبين مع القناعات، مع أرجحية للأولى على الثانية، في ظل أوضاع إقتصادية وإجتماعية مذرية لم يشهدها تاريخ لبنان منذ ما بعد المجاعة عام ١٩١٥ ، وحيث الإستنجاد بأصحاب العمائم على أشده للحث على الإقتراع عبر خطب وعظات تصخب بها الجوامع والكنائس على امتداد المساحة الكاملة غير المنقوصة للبنان… في ترجمة واضحة لواقعة حشر يغرق بها الكل وفق مسارات لأكثر من غاية، لدى جميع الطوائف لكسب الأصوات التي تحقق الفوز… وحدها الطائفة الشيعية تسخّر عمائمها فقط لرفع نسبة الإقتراع لدى ناخبي الطائفة لإضافة نسبة مشاركة أبناء الطائفة إضفاءً لشرعيةِ شعبية تكلل الفوز الساحق الذي ترتاح إليه بالنسبة للمقاعد الشيعية، فيما حلفاء الثنائي الشيعي من مسيحيين وسنة (التيار الوطني الحر، وأركان اللقاء التشاوري المتمثل بالمرشحين السنة من حلفاء المقاومة) يستنجدون من ناحيتهم بالعمائم الشيعية لرفع حواصلهم وأصوات مرشحيهم التفضيلية في غالبية الدوائر الإنتخابية…

 

في مقابل العمائم الشيعية والذي تجلى أبرز مواقفها بوصف أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله المعركة الانتخابية بحرب تموز ثانية، وباعتبار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن الإستحقاق الإنتخابي “عبادة كبرى وفريضة دينية” موصفاً الإقتراع لصالح حزب الله وحركة أمل وحلفائهما  بأنه أكبر “فرائض الله”، يبرز موقف عمائم المسيحيين أو بالأصح أصحاب القبعات السود وطرابيشها سواء من بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للموارنة بشارة الراعي الذي يقف بوجه التيار الوطني الحر مواربة من خلال الدعوة للمشاركة الكثيفة تحت عنوان ممارسة الحق الديمقراطي والدستوري، مشدداً على وجوب المشاركة لرفع الإحتلال الإيراني للبنان مع كل العناوين المرتبطة بسلاح حزب الله.. وكذلك ميتربوليت بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة الذي اعتبر بدوره أن الانتخابات فرصة للخروج من قعر الجحيم…

 

أما عمائم الدروز فمعقود دورها لدعم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الذى يعتبر معركته (الشوف وعاليه وبعبدا وراشيا والبقاع الغربي) معركة جبل ثانية مستحضراً مذابح المسيحيين والدروز وحقبة التهجير في العامين ١٩٨٢ و١٩٨٣ ، وعودا على بدء لحربي ١٨٤٠ و١٨٦٠ باعتبارها بمثابة حرب وجودية، ويخوض لأجلها واحدة من أكبر المعارك في الشوف لإنجاح نائبه الدرزي مروان حمادة في وجه المرشح وئام وهاب رئيس حزب التوحيد العربي الحليف للمقاومة، بعدما تخلى عن مقعد كاثوليكي صاباً جام حشده لإسقاط وهاب…

 

أما عمائم السنة، في الساحة حيث تختلط الحسابات، وفي ضوئها ترسم مسارات المعركة، فتشحذ العمائم الهمم بأوامر واضحة من مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، الذي حج إليه السفير السعودي وليد البخاري مصحوباً بسفراء مجلس التعاون الخليجي لشد أزره في دعوته السنة الى المشاركة الكثيفة ورفض دعوة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري بالمقاطعة، والتزام العمة بهية الحريري ونجلها أحمد بدعوة إبن الشقيق وتياره المستقبل، لدرجة دفعت بالمفتي الدريان الى اعتبار المقاطعة استسلاماً… ولم يتوقف الأمر عند خطوة الدعوة في حركة دار الإفتاء ومحيطها والتي سبقها دعوة المشاركة الجامعة التي أطلقها مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس السابق فؤاد السنيورة حين تشاركوا الصلاة مع المفتي في الجامع العمري غداة موقف زعيم المستقبل سعد الحريري بالعزوف ومغادرة لبنان… إنما أرفقها بإعلان عبر المديرية العامة للأوقاف الإسلامية يدعو فيها أئمة المساجد لتخصيص خطب صلاة الجمعة لاستنهاض

أبناء الطائفة السنية وحثهم على المشاركة في “ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم… والنزول الى صناديق الإقتراع للإنتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الإستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه وعروبته ومؤسساته الشرعية”…

 

وبالطبع فإن من يراه فريق المفتي دريان وسفراء الخليج الأصلح للبنان، هم مرشحو الحلفاء من الرئيس فؤاد السنيورة ولائحته في دائرة بيروت الثانية “بيروت تواجه”، واللوائح التي تضم مرشحين خرجوا من تيار المستقبل… الى لوائح حليف السعودية الأول في لبنان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والى حد بعيد لوائح الزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط، والأخيران جعجع وجنبلاط وعلى طريقة الإستنجاد، يستنجدان بعمائم السنة للكسب في إقليم الخروب السني، ولكسب أصوات السنة في البقاع الغربي وبيروت الثانية وعكار وطرابلس…

 

غير أن ما يبرز أن غالبية عمليات قياس الرأي العام السني، والمزاج الإنتخابي لهم، تؤشر الى أن تأثير الرئيس سعد الحريري ما زال يتمتع بقوة تفوق ضعف الجهود المجتمعة للمفتي دريان وللرئيس السنيورة والسفير البخاري وسواهم ممن يوالون موقفهم، ما يعني أن المقاطعة تفوق المشاركة لدى أبناء هذه الطائفة، إلا إذا فعلت كل حركة السفراء الخليجيين وأئمة المساجد فعلها، عندها قد يرتفع عدد المشاركين لكن ستكون وفق ما لا تشتهي سفن الدريان والسنيورة وجعجع وجنبلاط والبخاري وزملائه، لأن من سيشارك لن يتحدى بالطبع إرادة الحريري بشكل فظ لناحية إختيارهم للمرشحين، خصوصاً أولئك الذين يتبعون لجعجع، فاحتمال تشتت الأصوات وفق أكثر من لائحة يبقى احتمالاً عالياً، مع الأخذ في الحسبان الجذب المالي المغري والمستشري في معظم الدوائر الإنتخابية، بغية سد عوز، وتأمين حاجة تسببت بها أزمة إقتصادية خانقة تطال مجتمعات السنة الفقيرة خصوصاً في طرابلس وعكار وإقليم الخروب، حيث تتجلى مستلزمات العيش والبقاء بقوة تفوق القناعات… ليختتم النهار الإنتخابي على فوز للحريري بلا مشاركة وبلا تكاليف وأعباء وبل وجع للراس..

تبقى ساحة المجتمع المدني، فهي علمانية بغالبيتها كما تزعم،  أي أنها تفتقد العمائم لتبقى حافية الرأس بعدما قصّت شعرها بعضها لبعضها الأخر> قبل عملية الحلاقة التي مارستها بحق بعضها دون فضلٍ للسلطة أو المنظومة الحاكمة عليها، وفي محصلة معركتها الانتخابية حواصل قلة قليلة تحبط الأحلام…

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى