سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف:بين الإنهيار النقدي وإشارات التجديد لرياض سلامة

 

الحوار نيوز – خاص

بين الإنهيار النقدي الذي يترجمه ارتفاع سعر الدولار وإشارات التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قبل وزير المالية ،توقفت صحف اليوم بانتظار ما سيحمله الأسبوع المقبل من تطورات غير مؤملة.

 

 

 

النهار عنونت: إجراءات التبريد تسابق التفلّت المالي والاجتماعي

 وكتبت “النهار” تقول”: على حبل رفيع مشدود فوق قعر مخيف تدور محاولات متواضعة وجزئية للجم اندفاعات الانهيار في مرحلته المتقدمة الجديدة، ان على الصعيد المالي والمصرفي وان على الصعيد الاجتماعي. ويتضح من مجريات اليومين الأخيرين ان الخوف من تداعيات التفلت الأمني والاجتماعي في ظل انهيار تاريخي في سعر الليرة وصعود ناري لا يحتمل في سعر الدولار وأسعار المحروقات، بلغ درجة متقدمة للغاية بحيث بدأت معالم تحركات وخطوات وإجراءات لن تحمل قطعا حلولا وانفراجات حقيقية وجادة تحول دون استمرار الانزلاق نحو كارثة اكبر، ولكنها قد تبرد الى حد ما الاحتقانات التي تحبل بها البلاد وتخفف وطأة النزاعات التي تحمل طابع الخطورة القصوى مثل المواجهة القضائية – المصرفية التي تتهدد بتفاقم اكبر في الازمة. وبدا واضحا من خلال الاجتماعات المالية والمصرفية ومن ثم الأمنية التي شهدتها السرايا الحكومية في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، ان ثمة اتجاهات وخطوات بدأ تنفيذ بعضها وستتضح معالمها المالية والمصرفية لتهدئة الذعر والتوتر اللذين يجتاحان البلد منذ أيام ما امكن، علما ان شكوكا كبيرة تحوط بإمكانات الحكومة ومصرف لبنان لاحلال “هدنة” طويلة نسبيا تمنع استفحال التصاعد الفاحش في أسعار الدولار والمحروقات. واذا كان مطلع الأسبوع المقبل سيشكل اختبارا جديا لنجاعة بعض ما يتوقع اتخاذه من تدابير وإجراءات مالية ومصرفية برز امس اتجاه “تهدوي” اخر على الجبهة القضائية – المصرفية ربما يؤسس لتبريد قد يعيد فتح أبواب المصارف المقفلة في الأسبوع المقبل ما لم يطرأ ما يعرقل ذلك .

 

اذ ان المدعية العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أرجأت امس الجلسة التي كانت تزمع عقدها لبت مصير ادعاءاتها على عدد من المصارف دفعة واحدة الى الثلثاء المقبل. وبرر تريثها بان رئيس جمعية المصارف سليم صفير عرض عليها تقديم المستندات المطلوبة المتعلقة برفع السرية المصرفية عن حساباته وحسابات اعضاء مجلس إدارة بنك بيروت وحسابات مفوضي المراقبة ومدققي الحسابات فيه، وذلك بعد موافقة ثلاثة مصارف على مطالبها هي “بلوم” و”الاعتماد المصرفي” و”سرادار”.

 

تزامن ذلك مع رد عنيف لجمعية مصارف لبنان على استهدافات عدد من المصارف فاعتبرت انها “تندرج في خطة التدمير الممنهج للقطاع المصرفي على يد مجموعة من المدفوعين المرتزقة الذين لا يتعدون الخمسين شخصاً. ولا يقنعنا أحد بأنهم من المودعين، فالمودع المتمتع بالحد الأدنى من الذكاء والمنطق يعرف انه بإحراق المصارف، انما يضرّ نفسه وسائر المودعين” . كما ردت على اتهام المصارف بان اضرابها هو الذي ادّى الى انخفاض سعر صرف الليرة، معتبرة ان فيه “الكثير من الخفّة والسطحية. فالمصارف في حيرة من امرها: إذا أقفلت يعتبر اقفالها انه وراء هبوط العملة الوطنية، وإذا فتحت زُعم انها تضارب على الليرة” وإذ اكدت ان ودائع زبائنها هي لدى مصرف لبنان خاطبت المودعين قائلة “ان المصارف تتفهم احباطكم، لكن اما آن الأوان لكي تفتحوا عيونكم وتدركوا ان الأموال اللازمة لتسديد ودائعكم ليست عند المصارف، فلا يفيدكم دخولها عنوة ولا تدميرها ولا تكسير محتوياتها، لأنكم بذلك تسيئون الى أنفسكم وتفاقمون الخسارة وتقللوا من فرص استعادة حقوقكم”.

 

“فقسة زر”

اما على صعيد التحسب للاضطرابات الاجتماعية غداة “الهجمات الحارقة” علِى عدد من المصارف وقطع طرق، واستدراك الوضع قبل اتساع التفلت الذي برز في مناطق عدة، فقد دعا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مجلسَ الامن المركزي الى اجتماع طارئ صباح امس في السرايا. وبدا لافتا قول ميقاتي في مستهل الاجتماع: “لفت نظري قول البعض إن اجتماعنا اليوم جاء متأخرا، فيما الحقيقة أن مدماكين أساسيين لا يزالان يشكلان سدا منيعا للدولة وهما رئاسة الحكومة والمؤسسات التي تمثلونها اليوم. نحن نبذل كل جهدنا للحفاظ على سلطة الدولة وهيبة القوانين، خصوصا في ظل الاهتراء الحاصل في كل ادارات الدولة ومؤسساتها.من أبرز ما تحقق هو الامن المضبوط”. اضاف: “أوحت الاحداث الامنية التي حصلت في اليومين الفائتين وكأن هناك “فقسة زر” في مكان ما ، ومن خلال متابعتي ما حصل من أعمال حرق أمام المصارف سألت نفسي هل فعلا هؤلاء هم من المودعين أم أن هناك ايعازا ما من مكان ما للقيام بما حصل؟”.

 

وأوضح وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي أنه طُلب من الأجهزة الأمنية “الاستمرار بالمحافظة على الأمن والنظام وعدم التساهل بتهديد السلم الأهلي”. واكد أنّ “حلّ أزمة المودعين لا يكون بأعمال الشّغب ونريد الحفاظ على أمن المواطنين والقطاع المصرفي كنظام وقطاع وعملُنا حفظ الأمن وتطبيق القوانين”. واضاف “أداء الأجهزة الامنية يدخل ضمن إطار خدمة الشعب اللبناني، ورأينا 90 تحرّكاً منذ بداية الشهر 59 منها سببها الأوضاع المعيشية”، مؤكدًا أننا “نتفهّم وجع المواطنين، إنّما نقول لهم إنّ أعمال الشغب والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة ليس الحل”.

 

في غضون ذلك بدا لافتا ما أعلنه وزير المال يوسف خليل لجهة أنّ “استبدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشغل المنصب منذ ثلاثة عقود سيكون صعباً وقد يتمّ تمديد ولايته رغم عدم التوصّل إلى توافق بشأن ذلك حتى الآن”.

وقال خليل لـ “رويترز” ردّاً على سؤال عمّا إذا كانت المناقشات بشأن خليفة محتمل قد بدأت، إنّه “لا يوجد توافق بعد” مشيراً إلى “أنّ المناخ السّياسي الحالي في لبنان يجعل من الصعب بشكل خاص إجراء تغيير كبير مثل هذا”.

 

وأضاف على هامش القمة العالمية للحكومات في دبي قبل أيام أنّ “من الوارد وجود خطة لتمديد فترات جميع موظفي الخدمة العامة من المستوى الأول وليس فقط سلامة لكن لا يوجد إجماع على ذلك بعد”.

 

المشهد السياسي

وغابت عن المشهد السياسي أي تحركات بارزة فيما يبدو ان مطلع الأسبوع المقبل سيشهد تجدد التحركات المتصلة بعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب بعدما أرجأت هيئة مكتب مجلس النواب برئاسة الرئيس نبيه بري اتخاذ القرار الى الاثنين المقبل في ظل المعارضة المسيحية الواسعة لعقد الجلسة. وتبين من المعطيات المتوافرة حول هذا الامر ان الجلسة باتت مستبعدة تماما وان ثمة بحثا عن مخرج في شأن التمديد للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لم يتبلور بعد.

 

وامس التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، السفيرة الفرنسية آن غريو، حيث تم عرض للتطورات كما بحث رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مع غريو، في اجتماع مطوّل، التطورات على الساحتين اللبنانية والاقليمية. وأطلعت غريو جعجع على أجواء اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس. كذلك زارت غريو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط واطلعته على أجواء اللقاء الخماسي في باريس.

 

وقد دعا “تكتل لبنان القوي” امس “المزايدين في رفض الجلسة التشريعية الى التعبير لنفس الأهداف عن رفضهم لإنعقاد مجلس الوزراء وصدور قرارات عنه بشكل عادي وغير شرعي بغياب حضور وتواقيع عدد وازن من الوزراء في ظل غياب رئيس للجمهورية ووجود حكومة ناقصة الشرعية وفاقدة الصلاحيات”. واعتبر التكتل أن “إنعقاد مجلس النواب في حال وجود سبب قاهر أو استثنائي وضروري وطارئ أو مصلحة وطنية عليا تستدعي التشريع أمر يصبح بديهياً وهذا لا ينطبق على طلب عقد الجلسة او على إختصار جدول أعمالها أو تكبيره”. كما حمّل التكتل “حكومة تصريف الأعمال المتأزمة المسؤولية عن التقاعس في القيام بواجباتها وفي ترك الناس يواجهون الأوضاع كأنها قدر محتوم، فيما تتفرّج على غليان الشارع وكأنها غير معنية، ويعقد رئيسها إجتماعات فولكلورية تحت عنوان معالجة الأوضاع المالية والنقدية بحضور حاكم مصرف لبنان المتهم الأول بالتسبب بالفوضى المالية والنقدية وعدم التزامه بقانون النقد والتسليف وهو يتفرج بدوره على إضراب المصارف”.

 

وسجلت مواقف لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، قال فيها “لا يجوز أن تُستعمل الأزمة الاقتصادية كوسيلة للضغط السياسي من البعض الذي يستغلّ وجع الناس للحصول على مكاسب سياسية”، ورأى ان “الدستور قد وُضع بطريقة حكيمة فالميثاقية هي أن تكون كل طائفة ممثلة”، مضيفًا أنّ الرئيس المنتخب بـ 65 صوتاً وبحضور 86 نائباً هو رئيس شرعي وميثاقي”. وإعتبر إنّ “حماية المسيحيين تبدأ بتعزيز انتمائهم الى الوطن وليس بإدخالهم في مشاريع تقسيمية عبر تخويفهم من شركائهم في الوطن”. أضاف “إنّنا موجودون في السياسة ولدينا كامل الشرعية والكفاءة لخوض كل الاستحقاقات”. وأردف فرنجيّة “بعكس ما يسوّق البعض، إن وجودنا كإسم مطروح للرئاسة لا يعرقل الاستحقاق الرئاسي وأيّ تسوية تحصل لمصلحة لبنان نحن معها ولكن كل تسوية تحتاج الى طرفين يتحاوران من أجل ايجاد قواسم مشتركة”.

 

 

 

الأخبار عنونت: وقاحة الحاكمين: لنجدّد لسلامة
وزير المالية يمهد لمعركة التمديد لسلامة؟

 وكتبت “الاخبار” تقول:«استبدال حاكم مصرف لبنان سيكون صعباً». هكذا، بكل بساطة، وفي ظل دولار يقترب من عتبة الـ 100 ألف ليرة، افتتح وزير المال يوسف خليل على ما يبدو معركة التمديد لرياض سلامة المحاصر بقضايا فساد وتبييض أموال، والمُلاحق أمام القضاء في عدد من البلدان الأوروبية. وأكّد خليل أن سلامة «قد تُمدّد ولايته رغم عدم التوصل إلى توافق بشأن ذلك حتى الآن (…) لأنّ المناخ السياسي الحالي في لبنان يجعل من الصعب إجراء تغيير كبير مثل هذا». وإذ يصعب أن يكون كلام وزير المالية من «بنات أفكاره»، فإن السؤال هو عن الجهة التي ستجرؤ على تبنّي التمديد لأبرز اللاعبين على حلبة التلاعب بالعملة وكاتم أسرار المنظومة ومدير جرائمها المالية عند انتهاء ولايته في أيار المقبل.

كلام خليل جاء في ذروة الانفجار السياسي والاجتماعي، ومع تخطي الدولار عتبة الـ 80 ألفاً وسطَ مؤشرات تدل على مضيه في تسجيل أرقام قياسية، فيما كانَ لافتاً أمس انكفاء الحركة الاحتجاجية التي شهِدها الشارع أول من أمس. إلا أن هذا «الانسحاب» لا يلغي بأن موجة الاضطرابات التي بدأت تعود ميدانياً ستشهد تصاعداً الأسبوع المقبل بفعل الغلاء الفاحش واستمرار انهيار الليرة وغياب الرقابة على تجار الأزمات. وهو ما استدعى أمس اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. الاجتماع استعرض العملية التي يقوم بها الجيش اللبناني في بلدة حورتعلا البقاعية، والأحداث الأمنية التي شهدها اليومان الماضيان، وسأل ميقاتي عما إذا كان هناك إيعاز من جهة ما للعودة إلى الشارع. وهو ما نفاه قادة الأجهزة وفق ما توافر لديهم من معطيات. كما عرض هؤلاء الخطط الموضوعة للتعامل مع أي تحركات في الشارع، والمشكلات التي تعاني منها الأسلاك الأمنية والعسكرية لجهة تدني الرواتب وخروج عدد كبير من الآليات عن الخدمة وعدم القدرة على إصلاحها أو شراء قطع غيار لها.

رئاسياً، زارت السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، بعدما شاركت في لقاء عين التينة بين بري وسفراء دول لقاء باريس الخماسي. وعلمت «الأخبار» أن «هذا اللقاء كانَ مقرراً قبل اجتماع بري مع الديبلوماسيين الخمسة، وبعدما طلبت غريو الإبقاء على الموعد»، وهي، وفق مصادر مطلعة، «لم تضِف جديداً على الأجواء التي نقلها زملاؤها، بل كررت الكلام نفسه عن ضرورة تفعيل الجهود لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة والقيام بالإصلاحات المطلوبة»، معتبرة أن «اللقاء يأتي في إطار التمايز الذي تحاول باريس إظهاره عن الأطراف الأخرى بشأن الملف اللبناني».

وكان لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، المرشح الضمني لحزب الله وحركة أمل، كلام لافت خلال رعايته العشاء التقليدي في زغرتا أول من أمس اعتبر فيه أن «الدستور وُضع بطريقة حكيمة. فالميثاقية هي أن تكون كل طائفة ممثلة وبالتالي فإن الرئيس المنتخب بـ 65 صوتاً وبحضور 86 نائباً هو رئيس شرعي وميثاقي». وقد يكون هذا الكلام تعبيراً عن جهد جدي لتأمين الـ «بوانتاج» الضامن لإيصال فرنجية بانتظار اللحظة المؤاتية للإفراج عن هذا الجهد.

 

 

 

الجمهورية عنونت : حرب التيئيس والتجويع متصاعدة..
فرنجية: لدينا الشرعية والكفاءة.. ميقاتي: فقسة زر

 وكتبت “الجمهورية” تقول: الواقع الداخلي هستيري يتقلّب على نصل سكين حاد، يعمل حزّاً متواصلاً في كل أجزائه ومفاصله؛ كرة النار السياسية والمالية والمعيشيّة باتت بلا فرامل كابحة لتدحرجها، ومعطلو الحياة في لبنان قدّموا اوراق اعتمادهم للشيطان، والتزموا ورشة دكّ أسس البلد، وتعليق اللبنانيين على خشبة الإهلاك، والسير بهم بخطى متسارعة على طريق كارثة لا خلاص منها.

 

هي حرب تيئيس وتجويع وإفقار مجرمة تُشنّ على لبنان، ميليشيات متفلتة بمسمّيات جديدة، أسوأ وأخطر من ميليشيات الحرب الاهلية، أثبتت براعة لا مثيل لها في تسميم البلد بالحقد والنكد ومعارك الاستئثار وتصفية الحسابات، ألقت البلد في رمال متحركة تبتلع المواطن اللبناني، الذي صار فيها معلّقاً بشعرة رفيعة بين الحياة والموت، ومحبوساً في ما تبدو انّها مرحلة انتقاليّة من واقع أسود، إلى واقع اكثر سواداً وظلماً، مجهولة معالمه وويلاته وأي مصير سيلقاه.

 

لا يجرؤون!

حياة الناس في خطر غير مسبوق، الدولار هو السيّد، والليرة في الارض، والأسعار تتصاعد الى ارتفاعات شاهقة، والساحة أُخليت لعصابات المال ، ومحميات اللصوص التي تبدأ بالصيارفة ولا تنتهي بلصوص ومافيات المصارف، لطوابير خامسة وسادسة تعيث توتيراً وبثاً للشائعات المرعبة وترويج السيناريوهات القاتلة، تُدار من غرف سوداء، لتحكم وتتحكّم بهذا المسار الجهنّمي، وليس من يردعُها، او يجرؤ على فضحها ومحاسبتها. كل ذلك لم يوقظ التناقضات النائمة، والعقول المخدّرة بسياسات خرقاء وأنانيات تمنعها من إيقاظ الحسّ بالمسؤولية والاستجابة لاستغاثات اللبنانيين، بسلوك مسار الفرج الذي يتفق الداخل والخارج على انّ مدخله الأساس انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة بصلاحيات انقاذية واصلاحية شاملة.

 

أسرى مواقفهم

حتى الآن، وفي ظلّ هذا الواقع، ليس في الأفق ما يؤشر إلى تغيير في مسار التعطيل والتجويع. وعلى ما يقول معنيون به لـ»الجمهورية»، فإنّ «مجريات الملف الرئاسي، ثابتة في مربعات الانقسام الداخلي، ولا تشي بأي خرق محتمل من شأنه ان يغيّر هذا المسار ويقرّب لحظة الإنفراج. فمكونات الداخل على اختلافها باتت أسيرة مواقفها، والمواطن والبلد يدفعان الثمن، ولم يعد خافياً انّ الشارع في ذروة غليانه واحتقانه، ولن يطول الامر حتى ينفجر إلى حدود قد لا تبقي شيئاً، وتخلق واقعاً لبنانياً جديداً يستحيل على أحد ان يجاريه او يحتويه».

وبحسب هؤلاء، فإنّ «مخرج الطوارئ من هذه الأزمة، محدّد بالتوافق على رئيس للجمهورية ولا سبيل غيره. وفشلت كل الجهود والمبادرات والمساعي الداخلية في دفع المكونات السياسية اليه. وإلى هذا الفشل انتهت ايضاً الجهود الخارجية وتمنيات الاصدقاء على القوى السياسية بالتوافق على انتخاب رئيسهم. حتى أنّ لغة الترهيب والترغيب التي وردت في الرسالة التي وجّهها الاجتماع الخماسي في باريس، ونقلها سفراء الدول إلى المسؤولين في لبنان، لا يبدو انّها ستجد مكاناً في الداخل تُصرف فيه، وتبعاً لذلك، علينا ان نتوقع الأسوأ على كل المستويات».

 

ضياع لبنان

وإذا كانت تطورات الساعات الاخيرة، وما تخلّلتها من تحركات غاضبة في اكثر من مكان، قد أحدثت «نقزة كبرى» في الداخل، بدت وكأنّها تنذر بما سيكون عليه الشارع من غليان وفلتان، إن عاجلاً أو آجلاً، فإنّه كان باعثاً لمخاوف كبيرة لم تنحصر حدودها في الداخل. وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، فإنّ اشارات خارجية، وتحديداً اوروبية، بهذا المعنى، وردت إلى مستويات رفيعة عبر قنوات ديبلوماسية، حذّرت من انفلات الوضع في لبنان، وإغراق الشعب اللبناني بويلات مأساوية. مؤكّدة «أنّ على القادة في لبنان المسارعة، ومن دون أي إبطاء إلى اتخاذ ما يتوجب عليهم من خطوات انقاذية قبل فوات الأوان، بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وضمن فترة قصيرة جداً، والّا فإنّ مسار التعطيل القائم وصراع الحسابات السياسيّة والحزبيّة سيؤديان حتماً إلى ضياع لبنان».

 

باريس قلقة جداً

والبارز في هذا السياق، ما كشفته مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، عمّا وصفته بـ»قلق فرنسي بالغ جداً من تطورات الوضع في لبنان، وخشية كبيرة من حدوث انهيار دراماتيكي عميق جداً. وضمن هذا السياق يندرج تحرّك السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، في نقل رسالة مستعجلة إلى المسؤولين في لبنان بضرورة احتواء الوضع القائم والتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية».

 

وكانت لافتة امس، زيارة السفيرة غريو إلى عين التينة ولقاؤها رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الثانية في غضون ايام قليلة، تلت زيارة سفراء «الاجتماع الخماسي». كما زارت رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وأفيد بأنّها وضعتهما في أجواء الاجتماع الخماسي في باريس.

 

وفي المعلومات، انّ ما سمعته السفيرة في عين التينة، لم يخرج عن سياق الموقف الثابت للرئيس بري، المنفتح على أي جهد او مسعى أو حوار بإرادة صادقة ونيّة صافية للتوافق على رئيس الجمهورية، باعتبار انّ هذا الانتخاب يفتح الباب امام لبنان لسلوك معبر الانفراج، والبدء بالمعالجات للأزمة التي باتت فائقة الضرورة والإلحاح، وسط ما نشهده من انهيارات يومية على المستويين المالي والإقتصادي، وتعميق للبؤس والجوع لدى اللبنانيين».

وقالت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية»، انّ «الإدارة الفرنسية تشجع أي مسعى للتوافق، بصرف النظر عن اسم اي شخصية يرسو عليها التوافق لرئاسة الجمهورية». ولفتت إلى «انّ كرة التوافق ليست لدى الرئيس بري، الذي اعرب في محطات كثيرة عن استعداد كلّي للتفاهم والتوافق على رئيس للجمهورية، وكان اول من دعا إلى هذا التوافق قبل الشغور في سدّة الرئاسة الاولى، في خطاب 31 آب 2022، في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، انما الكرة في ملعب من يعتبرون أنفسهم اصدقاء وحلفاء دول «الاجتماع الخماسي». وقد سمع سفراء الدول الخمس في بيروت قبل ايام كلاماً مسؤولًا مباشراً وصريحاً بهذا المعنى، مفاده: «نحن على أتمّ الاستعداد لللجلوس فوراً على الطاولة والتوافق على رئيس، وبالتالي العقدة ليست عندنا على الاطلاق، بل هي عند اصدقائكم وحلفائكم الذين يرفضون الحوار والتوافق، ويختلفون مع بعضهم البعض، فاذهبوا واقنعوهم ونحن مستعدون».

 

خيار ثالث

الاّ انّ مصادر واسعة الاطلاع أبلغت الى «الجمهورية» قولها، انّ الوقائع الداخلية المرتبطة بالملف الرئاسي، والحراك الذي يواكبها من الخارج، تعكس بما لا يرقى اليه الشك بأنّ تعطيل انتخاب رئيس في لبنان ليس فقط مسؤولية الداخل، بل هو ايضاً مسؤولية الخارج.

وقالت: «خلافاً لكل ما يُقال، فإنّ اجتماع باريس تجاهل سبب التعطيل الخارجي للملف الرئاسي، وحصره بالجانب اللبناني فقط، وأسباب التعطيل بوجهيها الداخلي والخارجي ما زالت قائمة، ومن الطبيعي في هذه الحالة الّا يصل الاجتماع إلى اي نتيجة ايجابية. وبالتالي أي حديث عن عقوبات او «تعاطٍ مختلف مع المعطّلين» على تعبير السفيرة الاميركية دوروثي شيا، لا يعدو اكثر من إخراج الخارج من تهمة التعطيل، وتعمّد القاء المسؤولية الكاملة عن هذا التعطيل على اللبنانيين وحدهم».

 

ولفتت المصادر عينها، إلى انّ المداولات التي سادت في الاجتماع لم تعكس التقاء المجتمعين على موقف واحد، حيث انّ المداولات لم تتناول ما سُمّيت بالمعايير او المواصفات التي ينبغي ان تتوفر بالرئيس الجديد للبنان، بل انّ محاولات جدّية حصلت في داخله للدخول في نقاش حول الاسماء، وإقناع سائر المجتمعين بتسمية الاجتماع لخيار ثالث لرئاسة الجمهورية، متجاوزاً بذلك الخيارين المطروحين في لبنان، أي الوزير سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون. وقد قوبل هذا الطرح برفض تبنّي الاجتماع الخماسي هذا الخيار، على اعتبار انّه سيؤدي إلى إرباكات كبيرة في لبنان وربما الى توترات، وعبّر الجانب المصري بوضوح عن هذا التخوّف».

 

مربّع الحلّ

وعن مكمن التعطيل الخارجي، اكتفت المصادر عينها بالقول: «الحل المنتظر للأزمة الرئاسية في لبنان عالق في المربّع الاميركي – الفرنسي – السعودي – الايراني، ولننتظر ما سيشهده هذا المربّع من تطورات في الآتي من الأيام، إن بين فرنسا وايران اللذين تمرّ العلاقة بينها في ذروة توترها، جراء ما تعتبره فرنسا شراكة ايران في الحرب الروسية على اوكرانيا، وما خلّفته من تداعيات خطيرة على دول اوروبا، او على المثلث الاميركي – السعودي – الايراني، ولبنان موجود في مكان ما في هذا المثلث».

 

واشارت إلى «انّ ثمة حديثاً في اوساط ديبلوماسية عن لقاءات او مفاوضات محتملة في الفترة المقبلة على خط هذا المثلث، فإن صحّ هذا الاحتمال، فقد ينتج منه، اما تباين واستمرار في الدوران في حلقة التصعيد، واما تسوية وتبريد وليونة متبادلة في نقاط الخلاف والاشتباك بين تلك الدول. والملف اللبناني سيتحرّك حتماً على إيقاع الاحتمالين، أكان على وقع التصعيد، وهذا معناه مزيداً من التأزّم، أو على وقع التبريد وهذا معناه تسهيل التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية».

 

السعودية وايران ولبنان

الّا انّ خبراء في العلاقات بين ايران والسعودية، يؤكّدون لـ»الجمهورية»: «انّ العلاقة السعودية – الايرانية لم تخرج بعد من كونها في غاية التوتر، فبينها حقل واسع من نقاط الخلاف، من لبنان الى سوريا وصولاً الى اليمن. في الشق اللبناني ايران تقول عبر مستوياتها كافة، انّها لا تتدخّل في ملف الرئاسة في لبنان، باعتباره شأناً داخلياً يعني اللبنانيين وحدهم، وهذا الكلام يماشيه فريق لبناني، ولا يُقنع فريقاً آخر. وفي المقابل لا يمكن الرهان على ليونة في الموقف السعودي، قبل ان تلمس الرياض ليونة محسوسة من ايران وحزب الله، وخصوصاً في الملف اليمني، وثمة محاولات جدّية تجري في هذه الفترة، لخلق وقائع اكثر برودة وليونة على الجبهة اليمنية».

 

فرنجية

على صعيد رئاسي متصل، برزت امس مواقف لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، اطلقها خلال العشاء التقليدي لمناسبة «خميس المرفع» في قصر الرئيس الراحل سليمان فرنجية، حيث قال: «لا يجوز أن تُستعمل الأزمة الاقتصادية كوسيلة للضغط السياسي من قِبل البعض الذي يستغلّ وجع الناس للحصول على مكاسب سياسية».

ودعا الجميع «الى تحمّل مسؤولياتهم الوطنية باقتراح حلول واتخاذ قرارات تنقذ البلد». ورأى انّ «الدستور قد وُضع بطريقة حكيمة. فالميثاقية هي أن تكون كل طائفة ممثلة»، مضيفًا أنّ «الرئيس المنتخب بـ 65 صوتاً وبحضور 86 نائباً هو رئيس شرعي وميثاقي».

 

واعتبر فرنجيّة انّ «حماية المسيحيين تبدأ بتعزيز انتمائهم الى الوطن وليس بإدخالهم في مشاريع تقسيمية عبر تخويفهم من شركائهم في الوطن». أضاف: «إنّنا موجودون في السياسة ولدينا كامل الشرعية والكفاءة لخوض كافة الاستحقاقات». وأردف: «بعكس ما يسوّق البعض، إنّ وجودنا كإسم مطروح للرئاسة لا يعرقل الاستحقاق الرئاسي، وأيّ تسوية تحصل لمصلحة لبنان نحن معها، ولكن كل تسوية تحتاج الى طرفين يتحاوران من أجل ايجاد قواسم مشتركة».

 

الجلسة التشريعية

على صعيد اشتباكي آخر، بقيت الجلسة التشريعية التي قد يُتفق عليها في اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الاثنين المقبل، نقطة سجال على الخط النيابي، بين قائل بعدم جواز عقد جلسات تشريع في غياب رئيس الجمهورية، وبين قائل بجواز التشريع، والمجلس ليس مقيّداً بأي موانع تحول دون قيامه بدوره التشريعي الّا في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ أجواء رئيس المجلس تؤكّد انّه لا يمكن له القبول بنسف الدور التشريعي للمجلس، ومن هنا قد يبادر إلى الدعوة الى جلسة تشريع، يجيزها الدستور. متجاوزاً بذلك ما يصدر من تفسيرات سياسية للدستور، لا تمت الى الدستور بصلة، وخصوصاً انّ اصحاب هذه التفسيرات هم انفسهم شاركوا في جلسات تشريعية سابقة عُقدت في ظلّ الفراغ في رئاسة الجمهورية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، انّ معارضي التشريع في غياب رئيس الجمهورية، شاركوا في جلسة تشريعية عقدها المجلس في 5 تشرين الثاني 2014، أي بعد اشهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، والتي أقرّت آنذاك قانون التمديد للمجلس النيابي ومجموعة من القوانين الاخرى، وكذلك هم انفسهم ايضاً شاركوا في جلسة تشريعية ثانية عُقدت في 12 تشرين الثاني 2015 وأقرّت مجموعة قوانين ومن ضمنها القانون المتعلق بتبييض الاموال. وفي الخلاصة فإنّ اقوالهم الرافضة للتشريع اليوم، تنسفها افعالهم ومشاركتهم في جلسات التشريع السابقة.

 

النصاب

الّا انّ العقدة الأساس التي قد تواجهها الجلسة التشريعية في حال تمّت الدعوة اليها هي عقدة إتمام نصاب انعقادها، أي الاكثرية المطلقة من عدد النواب (65 نائباً على الاقل). ولكن مصادر مجلسية اكّدت لـ»الجمهورية»: انّ نصاب جلسة التشريع لن يكون مشكلة، حيث انّها قد تشهد حضوراً نيابياً يزيد على الاكثرية المطلقة.

 

التكتل يقاطع

وبرز امس، اعلان «تكتل لبنان القوي» بعد اجتماع عقده امس، مقاطعته لجلسة التشريع، وقال في بيان: «رصد التكتل حملة مقصودة لتشويه موقفه من موضوع عقد جلسة تشريعية في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، وعليه يؤكّد بوضوح انّه لن يشارك في الجلسة التي قد تتمّ الدعوة اليها، إذ انّ انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الدستوري الوحيد لعمل طبيعي من الحكومة ولتشريع عادي من مجلس النواب. ويدعو كل المزايدين في رفض الجلسة التشريعية الى التعبير لنفس الأهداف عن رفضهم لانعقاد مجلس الوزراء وصدور قرارات عنه بشكل عادي وغير شرعي بغياب حضور وتواقيع عدد وازن من الوزراء في ظل غياب رئيس الجمهورية ووجود حكومة ناقصة الشرعية وفاقدة للصلاحيات. ويعتبر التكتل انّ انعقاد مجلس النواب في حال وجود سبب قاهر او استثنائي وضروري وطارئ او مصلحة وطنية عليا، تستدعي التشريع، أمر يصبح بديهياً، وهذا لا ينطبق على طلب عقد الجلسة او اختصار جدول اعمالها او تكبيره».

 

ميقاتي: فقسة زر

إلى ذلك، وغداة التطورات والحراكات التي شهدها الشارع قبل يومين، انعقد مجلسَ الامن المركزي في اجتماع طارئ في السرايا الحكومية برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي قال في مستهله: «لفت نظري قول البعض إنّ اجتماعنا اليوم جاء متأخّراً، فيما الحقيقة أنّ مدماكين أساسيين لا يزالان يشكّلان سداً منيعاً للدولة وهما رئاسة الحكومة والمؤسسات التي تمثلونها اليوم (الاجهزة الامنية والعسكرية)، نحن نبذل كل جهدنا للحفاظ على سلطة الدولة وهيبة القوانين، خصوصاً في ظل الاهتراء الحاصل في كل ادارات الدولة ومؤسساتها. من أبرز ما تحقق هو الأمن المضبوط».

 

اضاف: «أوحت الأحداث الأمنية التي حصلت في اليومين الفائتين وكأنّ هناك «فقسة زر» في مكان ما ، ومن خلال متابعتي ما حصل من أعمال حرق أمام المصارف، سألت نفسي هل فعلاً هؤلاء هم من المودعين أم أنّ هناك ايعازاً ما من مكان ما للقيام بما حصل؟».

 

من جهته قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي: «إنّ التفلّت الأمني ليس بمصلحة احد ولا يخدم لبنان واللبنانيين»، مشدّداً على أنّه «يجب فصل الأمن عن السياسة والوضع الأمني يعني كل اللبنانيين». وكشف بعد الاجتماع أنّه تمّ الطلب من الأجهزة الأمنية الاستمرار بالمحافظة على الأمن والنظام، وعدم التساهل بتهديد السلم الأهلي». واكّد أنّ حلّ أزمة المودعين لا يكون بأعمال الشّغب، لافتًا الى أنّنا «نريد الحفاظ على أمن المواطنين والقطاع المصرفي كنظام وقطاع، وعملنا حفظ الأمن وتطبيق القوانين».

 

واضاف: «أداء الأجهزة الامنية يدخل ضمن إطار خدمة الشعب اللبناني، ورأينا 90 تحرّكاً منذ بداية الشهر، 59 منها سببها الأوضاع المعيشية»، مؤكّدًا أننا «نتفهّم وجع المواطنين، إنّما نقول لهم إنّ أعمال الشغب والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة ليس الحل». واوضح مولوي أنّ «الأمن يتعامل مع النتيجة، والحلّ ليس لدى القوى الأمنية، إنّما يبدأ بالسياسة وينتقل للاقتصاد»

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى