سياسةمحليات لبنانية

مؤتمر الاعلام المسيحي الثالث:كلمات لرياشي ومطر وفرام وجلستان وتوصيات

  رعى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي قبل ظهر اليوم افتتاح مؤتمر الاعلام المسيحي الثالث الذي عقد في مركز "لقاء" في الربوة ونظمته "تيلي لوميير" بعنوان "اعلام من أجل عالمنا"،وألقى كلمة رأى فيها "أن المصالحة تتعرض لعطوب عدة بسبب بعض الاعلام"، معبرا "عن افتخاره لأنه كان في يوم من الأيام جزءا من قيام هذه العمارة المسيحية والوطنية الأساسية والكبيرة لأنها تؤمن التوازن الوطني مع شريكي وأخي المسلم في الوطن والعالم، وتؤمن النموذج الحي لتجربة فريدة من نوعها في العالم يجب أن تعمم".
وحضر المؤتمر رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، المطران كيرللس بسترس ممثلا بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، المطران جورج ازادوريان ممثلا بطريرك الارمن الكاثوليك كريكور بدروس العشرين، الاب اثناسيوس شهوان ممثلا بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، نائب رئيس مجلس ادارة "تيلي لوميار" النائب نعمت افرام وشخصيات رسمية وفكرية وروحية واعلامية.
قدم للمؤتمر الدكتور سهيل مطر الذي سأل: "هل هذا العالم هو عالمنا ام هو مصنوع ومفروض علينا والاعلام ليس بريئا من دم هذا الصديق؟"
  هل سقط مبدأ الحرية والقيم تحت سيطرة المال والسلطة والاعلان، وهل يمكن التوفيق بين حرية الاعلام ومتطلباته المادية وهل اصبح الاعلان اقوى من الاعلام؟ هل صحيح ان الفرق كبير بين الاعلام المسيحي واعلام المسيحيين؟ 

وشدد النائب افرام في كلمته على ان "مشوار "تيلي لوميير" و"نور سات" كان مختلفا منذ بداية مشوارهما، فسارا ولمدة عشرين سنة في منحى مختلف عن وسائل الاعلام الاخرى التي كان هدفها الاول والأخير تجميع الإعلانات، عملا على اظهار الحق لانه يحرر من كل شيء وتحديدا من المادة".
وتوقف عند "قوة الاعلام وسلطته التي فاقت سرعة الفكرة والكلمة"، واعتبر ان "المواجهة تكون بزيادة هكذا نوع من الاعلام لان الكلمة التي كانت في البدء زرعت المسؤولية في قلب كل مؤمن".  
مطر
ثم ألقى المطران مطر كلمة قال فيها: "من منطق الأمور أن يطرح في مؤتمر الإعلام المسيحي الذي يجمعنا اليوم موضوع الإعلام في خدمة العالم، وبخاصة بعد أن صار هذا العالم قريتنا الكبرى أو بيتنا الواحد الذي لن يكون لنا على هذا الكوكب الأزرق بيت سواه".
أضاف: "للدخول مباشرة في صلب هذا الموضوع الخطير، نطرح أمامكم أيها المسؤولون وأيها الأصدقاء الإعلاميون إشكالية بعض الإعلام اللبناني في مسلكيته الأخيرة وتحديدا على مدى الأسبوع الذي انصرم على المشادات في سياق تأليف الحكومة الجديدة. فنتصور معا كيف يكون الإعلام سلبيا إذا كان هدفه النيل من لبنان ومن وحدته ومن رسالته التاريخية كأنموذج للعيش المشترك بين أطيافه الكريمة كلها، وفي مصيره كشريك أساس في صنع حضارة المنطقة ومستقبلها، لأنه في هذه الحال يكون إعلاما هداما، ومعيقا كل خروج مشرف للوطن من المحن التي عانى منها على مدى خمسين سنة من الآن. كما نتصور كيف يكون الإعلام بناء، إذا أراد أهله وصانعوه أن يكونوا إيجابيين تجاه بلادهم، وإذا أدركوا أن رسالتهم الجوهرية تجاه الوطن هي في البحث عن الحلول الناجعة لإعادة السلام إليه واستعادة اللحمة كاملة بين أبنائه. 
وتابع: "إذا نظرنا إلى المنطقة المحيطة بنا على مدى الشرق الأوسط برمته، لوجدنا في هذه الأيام أخطارا جمة تحدق بمجمل شعوبها، وحروبا باردة أو حارة تستعر في غير بلد مقلبة الناس بعضهم على بعض حتى ولو كانوا ينتمون إلى قومية واحدة أو إلى دين واحد أو إلى بلاد واحدة. ونرى السلاح يأتي المنطقة من كل حدب وصوب والمسلحين المنظمين وغير المنظمين يدخلون إليها ولكل منهم دوافعه ودافعوه. أما الكبار في الدنيا والذين يحملون المسؤوليات العالمية كل بحجم طاقاته وقدراته، فإنهم بدلا من أن يسعوا لإطفاء النار وإنقاذ الشعوب المبتلاة بها من مصير محتم وهو الإفقار والعودة القهقرى إلى العصور الغابرة التي عرفتها الإنسانية قبل مسيرتها نحو التقدم والبناء، يحاولون إزكاء النار وتوسيع مجالاتها ليستفيدوا من الحروب القائمة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، موفرين بفضلها مكاسب مادية تفيدهم للأزمنة القادمة فيضمنوا فيها تفوقهم ولو على حساب الآخرين. فمن ينقذ العالم من هذا الدرك الأخلاقي الرهيب؟ المنقذون هم فعلا صانعو السلام الذين تكلم عنهم الإنجيل ومنحهم الطوبى للمبادرات التي يقومون بها حقنا للدماء ومنعا للمتاجرة بالضعفاء على وجه الأرض. ومن بين هؤلاء الذين يمثلون خميرة الدنيا يبرز أهل الإعلام وأهل الصفاء على أنواعهم. إنها رسالة يحملها جميع الذين يؤمنون بأن القتل خطيئة وبأن الحياة ملك لرب الحياة وحده. لذلك فإننا نرفض هذا الاستغلال لأهل المنطقة وهذا الاصطفاف الغريب مع المتحاربين كل إلى جهة، دون البحث في عقد مؤتمرات دولية للسلام فيما المطلوب إنقاذ المنطقة والبحث عن حلول ناجعة ومبادرات سلام تعمل قبل كل شيء على حقن الدماء".

وختم مطر: "من يحمل لواء السلام في الأرض ومن يعرف بصدق وموضوعية عن حقائق التاريخ ومن يحمل مسؤولية الإنقاذ العالمي من خطر الولوج في المتاهات الدموية الكبرى؟ إن أهل الإعلام وأهل العلم جميعا لمسؤولون معا عن مصير الأرض لو كانوا يعلمون. هؤلاء هم أهل الخير والبناء وهم الحراس الحقيقيون لمدينة البشر التي لن تعرف الخلاص إلا إذا تحولت إلى مدينة الله. 

الرياشي
وفي الختام القى الرياشي كلمة قال فيها: " ننطلق من مفاهيم في بعض الاحيان خطيرة وخاطئة، وابرزها هي مفاهيم الاعلام. الاعلام ليس ان نعلم بل ان نعلم ماذا نعلم وكيف نعلم. الاعلام ليس ان نستعجل في نشر الخبر وتوزيعه من دون التحقق منه، الاعلام ليس الإساءة الى الآخر والإساءة المجانية الى الآخر، انما الاعلام هو الدفاع عن حق الآخر في الاختلاف وحقه في المعرفة وحقه في الوصول الى المعلومات والمعرفة، وحقه في ان يكون محترما بيننا ومنا ومعنا ولأجلنا، هذا هو جوهر الاعلام ولهذه المسلمات والقيم تكون رسالة الاعلام. للاعلام اليوم دور اكثر واكبر من ايصال المعلومة، المعلومة تنتشر بين الناس في كل لحظة وفي كل ثانية، تنتشر بقوة وتنتشر من دون توقف، ولكن في بعض الاحيان ومعظم الاحيان للاسف ومع تقدم هذه التكنولوجيا العظيمة تنتشر من دون التحقق من صحتها او عدم صحتها وتنتشر ايضا بأسلوب قد لا يليق بالاعلاميين او بعض الاعلاميين لانني اكره التعميم. هذا الاعلام يقف على حد السيف بين الحق والباطل، اقول لكم بين الحق وبين الباطل، ولا احد منا يلومن الباطل اذا انتصر لان الحق في هذه المعركة يكون في حال الصمت، لا ينتصر الباطل الا ويكون الحق على الحق لينتصر الباطل".

وقال: "الاعلام له مسؤولية استراتيجية في الدفاع عن الحق وليس فقط في نقل المعلومة ونقل الخبر، لم يعد الاعلام اليوم اعلاما للخبر فقط، الخبر منتشر وواسع الانتشار وكل من يملك هاتفا خليويا يستطيع ان يكون اعلاميا بهذا المعنى، ولكن الرأي ورأي الآخر وصناعة الرأي العام والدفاع عن الحرية وحرية الآخر والدفاع عن القيم هي الرسالة وهي القضية. لأجل هذه القضية ولأجل هذه الرسالة نشأ الاعلام، وعليها يكون الاعلام رسوليا او لا يكون".

وقال: "عن  المصالحة، سيدنا، حملني بعض السياسيين المسؤولية في إحدى الجلسات أنه كان يجب أن أصمت حين وقع بعض الإهتزاز لأني أحد حراس هذه المصالحة، فقلت له علمني سيدي الكبير أن الحارس الأمين لا يصمت أبدا حين يقترب الشر من بيته الذي يحرسه، ونحن حراس هذه المصالحة، وعلينا أن نقف في وجه كل من يتقدم او يحاول المس بها لان هذه المصالحة هي مصالحتنا جميعا وليست مصالحة حزبين فقط، هي مصالحة عائلات وإخوة وأخوات تقاتلوا وتناحروا في يوم من الأيام للأسف، لكن التاريخ لا يرحم ولن يرحم، بل سيلعن كل من يحاول المس بجوهر هذه المصالحة".

وختم الرياشي: "اقول كلمة ختامية في ما يتعلق بوزارة الإعلام بناء على طلب صديقي سهيل. أنا حين أتيت الى خدمة لبنان عبر وزارة الإعلام، أخذت على عاتقي إلغاء هذه الوزارة لأنها وزارة متهالكة ولا تليق بهذا العصر، نجحت في قيام ثورة تشريعية كبيرة في وزارة الإعلام، سواء بإعادة هيكلتها أو بإلغائها عبر تحويلها الى وزارة التواصل والحوار، أو بتشريع جديد لنقابة المحررين التي تضم كل الإعلاميين وتحافظ على مصالحهم في زمن لم يعد مهيأ، لا من حيث السوق الإعلامي ولا سوق الإنتاج، لحماية مصالحهم. أسست مع أكاديميين والكليات الإعلامية رابطة لأكاديميات الإعلام ولكن أي مشروع كان يرتبط بمشروع قانون، عليه أن يتواصل ويقدم الى مجلس الوزراء ليصبح نافذا، كان يقف في أدراج مجلس الوزراء. أنا نجحت منفردا بكل فخر، لكني فشلت مجتمعا مع مجلس الوزراء وهذه الحقيقة أضعها بفخر وبتواضع أمامكم، وأقول لكم إن أي وزير سيأتي بعدي وان شاء الله يكون خلال ساعات، ليس عليه أن يتعب في شيء إنما أن يقدم هذه المشاريع المؤسساتية التي لا تعني القوات اللبنانية ولا تعني ملحم الرياشي، بل تعني كل اللبنانيين وكل الإعلاميين، عليه أن يسحبها من أدراج مجلس الوزراء ويضعها على طاولة وجدول اعمال الجلسات، لتقر ويصبح الإعلام في تحديث ونفوذ وازدهار ويصبح الإعلاميون في أمان وأمن كاملين".

الجلسة الاولى
ثم عقدت الجلسة الاولى بعنوان "الاعلام في عالم اليوم" أدارها الاعلامي بسام براك وتحدث فيها الخبير في السياسات العامة والتواصل زياد الصايغ عن "من اعلام السياسة الى اعلام السياسات"، مدير الاخبار والبرامج السياسية في ال MTV غياث يزبك عن "اي اعلام من اجل الحقيقة" ومساعد المدير العام لتلفزيون لبنان واصف عواضة عن "الاعلام في مجتمع متعدد".
وقال عواضة في كلمته: لأقول إن الاعلام مسؤولية كبيرة ..وتكبر هذه المسؤولية في مجتمع متعدد شبيه بمجتمعنا في لبنان.وأول شروط المسؤولية في الاعلام ،أن يكون الإعلامي مسؤولا.واول شروط الإعلامي المسؤول أن يكون صادقا، أمينا ،ذا رسالة شريفة.
   قبل فترة كتبت مقالة بعنوان :هل السياسة عمل شريف؟
   اليوم يواجهني السؤال نفسه :هل الاعلام عمل شريف؟
   بكل أمانة أجيب:نعم ..الاعلام كالسياسة عمل شريف اذا توفر له شرفاء.وهو في الوقت نفسه عمل شرير اذا تنكبه الأشرار.وبالضرورة ،اذا كان الاعلام فعلا من أجل عالمنا ،فيفترض أن يتنكبه الشرفاء لا الأشرار.
   والاعلام كما هو مسؤولية ،فهو أيضا حرية.فلا قيمة لاعلام بلا حرية،لكن الحرية أيضا مسؤولية.فأن تكون حرا فهذا يعني أن تكون مسؤولا .فللحرية حدود وضوابط ،وإلا فهي فوضى تأكل من صحون الآخرين بلا حسيب أو رقيب ،ومن دون استئذان.لذلك فالاعلام الحر هو اعلام مسؤول ،ويوم يفقد مسؤوليته يصبح كالحصان الجامح .
   وفي مناخ الحرية غير المسؤولة ،أو الحرية من دون حدود وضوابط ،تكمن خطورة الاعلام .
   نعم أيها السادة، الاعلام سلاح خطير جدا ،لأنه عنصر أساسي في تشكيل المجتمعات ،أو بالاصح هو السلاح الأفعل الذي تستخدمه الطبقات السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية لتشكيل هذه المجتمعات واستقطابها أو استيعابها واستخدامها في أهدافها، سواء كانت هذه الأهداف معلنة أم مضمرة،شريفة أو شريرة.
   ولعل أخطر المطارح التي يستخدم فيها الاعلام لأهداف شريرة هي المجتمعات المتعددة .فهذه المجتمعات أساسا تحمل في طياتها بذور الاختلاف ،الاختلاف الديني أو العقائدي أو العرقي أو حتى الاجتماعي.طوائف ،مذاهب ،أعراق،ملل ونحل ،أغنياء وفقراء ..الى آخره.
     ومن نعم الله علينا في لبنان،أو ربما من غضبه ونقمته، أن مجتمعنا يحوي كل هذه الشرائح ،وهو ما يحملنا دائما على اختراع تعابير مللنا من تردادها ،مثل التعايش والعيش المشترك والمشاركة وغير ذلك من التعابير،التي تذكرنا دائما أننا مجتمع منقسم على نفسه،خاصة عندما يشعر المصطادون في الماء العكر أننا اقتربنا أن نكون أبناء وطن واحد تجمعنا أمور كثيرة ومتعددة.
   والأخطر من كل ذلك في هذا المجال ،أن غالبية وسائل الاعلام عندنا لا تتمتع باستقلالية تدفعها الى النطق بلسان وطني جامع ،لأنها من الأساس موزعة، بفضل القانون ونعمته ،على الطوائف والمذاهب والعقائد المختلفة.وقد شهدنا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة أسوأ أنواع الاعلام ،حيث كانت كل وسيلة تنطق بهوى أصحابها ومالكيها والمهيمنين عليها.

   في الخلاصة
   يواجهني سؤال لا بد منه :أين تكمن المشكلة ،وما هو الحل؟
    أقول بكل راحة ضمير ،إن المشكلة ليست في الاعلام والإعلاميين ،بل هي في النظام السياسي القائم الذي يدفع وسائل الاعلام والإعلاميين كي يكونوا مطية في تصرف أهل السياسة والسلطة والنفوذ.
  والمعادلة هنا بسيطة جدا.فهذا النظام السياسي الطائفي لا ينتج دولة حقيقية ،وفي غياب الدولة تختل كل الموازين والمقاييس بما فيها موازين ومقاييس الاعلام . وعبثا نفتش عن اعلام وطني جامع وقادر على الاستمرار ، في غياب نظام سياسي وطني جامع يعتمد المواطنة بديلا للمحاصصة.


الجلسة الثانية
اما الجلسة الثانية، فادارتها كاتيا ريا وتركزت على "الاعلام الكنسي في عالم اليوم"، شارك فيها الأمين العام ل"تيلي لوميار – نورسات" انطوان سعد عن "اي اعلام لكنيسة اليوم"، مديرة الاعلام في مجلس كنائس الشرق الاوسط اوغيت سلامة عن "الاعلام في خدمة العمل المسكوني" والاستاذ الجامعي ناجي قزيلي عن "الاعلام من بولس السادس الى فرنسيس".
وينتظر أن تصدر توصيات المؤتمر في وقت لاحق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى