لبنان والعالم.. الحاضر المؤلم والمستقبل المجهول
حسن محمد بزَّي- ديربورن هايتس- ميشيغن
ان كل الأنجازات التي تحققت في الأعوام الأخيرة الماضية، والدماء الغزيرة التي سالت حتى أصبحت انهاراً تتدفق كشلالاتٍ هادرة ثائرة..، والشباب الذين ذهبوا الى ما وراء حدود الشمس ليقدموا حياتهم قرابين على مذبح الحرية ، للحفاظ على سلامة "لبنان الوطن" وحدوده، من أطماع الغزاة براً وبحراً وجواً !
وعلى الرغم من كل المحاولات الداخلية الطائفية والعنصرية بجميع ابواقها وازلامها المحلية والمرتزقة، وأجندتها التي أصبحت معروفة بوضوحٍ كامل، وبالمحاولات الخبيثة لتدمير هذا الوطن من الداخل، والطعن بالبنية الأساسية، والهيكلية لتلك المجتمعات التي صمدت، وحاولت جاهدة رغم الظروف القاسية بأن تكون قلعة محصّنة امام التحديات التى يمر بها اهل الوطن!.
أتت تلك المحاولات لتضرب عمق العمق،وهي تجويع الناس، ومحاصرة صمودهم بالنيل منهم في وقتٍ عصيب تزامناً مع قدوم هذا الزائر القاتل "وباء العصر " الذي أتى ليُكمل على ما تبقى من دفاعات يحاول من خلالها الناس من لملمة ما تبقى من صمودهم امام انهيار العملة الوطنية من جشع المسؤولين وزمرهم، الذين اخذوا البلد بطمعهم وجشعهم الى الأنهيار شبه التام بالسيطرة بطريقةٍ مافياوية على مدخرات السنين، وتعب العيل المقيمين والذين اصبح اكثريتهم يعيش تحت خط الفقر، حتى أصبحت لقمة العيش من الاشياء النادرة، والمغتربين الذي هاجروا كل تلك السنين وحاولوا اعادة ارزاقهم واموالهم لمساعدة انهاض اقتصاد البلد .. وكانوا قد وقعوا في فخ العصابات الحاكمة بدون استثناء، الذين نصبوا تلك الفخوخ في بنوك البلد بمساعدة حاكم مصرف الذل والعار، ونائبيِه، الذين تعاونوا مجتمعين بتلك المؤامرة الخبيثة، بنسخ تجربة "وول ستريت" التي اخذت اقتصاد العالم الى حالة انهيار تام، وإفلاس الشركات الكبيرة والصغيرة! وانعاش ما تبقى منها، بعد تدخل الحكومة الفيدرالية، حتى ولو كانت تلك المحاولات مشبوهة وقتها. عملية سطو مركزة من أصحاب اربطة العنق الفاخرة، والصورة المزيفة التي رسموها للمتقاعدين والميسوري الحال، بوضع مدخراتهم وجنى حياتهم ببورصة "وول ستريت" ، التي أغدقت الارباح الخيالية الوهمية، والنسب الرقمية العالية من الفوائد على شاشات الكومبيوتر، الى ان حانت الفرصة وانكشف المستور .. وضاعت احلام الناس وتعب عمرهم بخديعة العصر حتى انهار الاقتصاد العالمي، وبدأت أميركا بتشغيل مطابعها على مدار الساعة مسرعة لتفادي الالحاق بالهزيمة التي تداركتها، والتي لم تزل تعاني منها حتى وقتنا هذا، مع تزايدها باجتياح هذا الوباء الخطير، ما اضطر الولايات المتحدة لاعادة تنشيط عمل مطابعها واعادة ضخ الدولارات بين ايادي شعبها من خلال التريليونات التي وافق عليها مجلس النواب والكونغرس بين ليلة وضحاها رغم الخلافات المصيرية والعميقة، بين حاكم البيت الأبيض بعنجهيته المعروفة من جهة .. ومجلس النواب بأكثريته من الديمقراطيين الذين ينتظرون الفرصة السانحة لضرب الجمهوريين وخاصةً ان اميركا مقبلة على استحقاقات حاسمة في شهر نوڤمبر المقبل، والتي من خلاله ستحدد الوجهة القادمة للسنوات الأربع المقبلة من قيادة أميركا ! ان كان بوجهها الترامبي العنصري المعادي، ام من خلال الوجه الديمقراطي بالأسم فقط "للحزب الديمقراطي"، وكلاهما يضع القضايا العربية في اواخر اهتماماتهما! الا اذا كانت مرهونةً بتلك الصفقات المشبوهة، واخرها صفقة الأسلحة المتداولة في العالم مؤخراً مع احد صقور البيت الابيض وزير الخارجية الاميركي بومبيو مع النظام السعودي للحدّ من الخطر الأيراني حسب زعمهم.
بالعودة الى بلد الارز لبنان و وضعه الذي لا يُحسد عليه.. لا من حكامه الداخليين ، ولا من وضعه الأقليمي الذي يتخبط بالولاءات المتضاربه للغرب، الذي يفتت اشلاء المنطقة على حساب النعرات الطائفية والعرقية، التي نبشت القبور رجوعاً الى العصر الحجري، مروراً بعصور الجهل والغدر، التي تركت لنا ترسباتٍ بغيضة نتتبع خطاها حالياً من قتلٍ وتدميرٍ وتهجيرٍ والغاء هوياتٍ، ورسم حدودٍ جديدة وخارطة طريق ملتوية، مِنْ جراء تلك الأنظمة الحاكمة ذات التبعية العمياء للغرب.
ولا من الوضع العالمي الذي يمر بصراعات تهدف الى السيطرة على قيادة العالم الجديد، بتواجد امبراطوريات جديدة، يتصارع عليها التنين الصيني، والكاوبوي الاميركي، والحنين الروسي الى عهد القياصرة .. من دون القارة العجوز التي يتآكلها هذا الوباء اللعين والذي جاءها قاسياً حيث تركها الجميع تتخبط بأوجاعها بدون رحمة في العناية الفائقة! ايطاليا واسبانيا وانكلترا هي من اكبر الشهود على ما حصل في محنتهم.
نعود الى لبنان مجدداً لنذرف دمعة تعاطف مع ابنائه وناسه، الذين تلاعب بهم حُكّامه ومسؤولوه، بنفس النسخة طبق الأصل التي استعملها "حرامية وول ستريت" في فترة الانهيار المالي بسرقة اموال المودعين والمستثمرين . استعملها لصوص لبنان السياسيون، بمساعدة الاشاوس في البنوك وحكّام المصارف، مروراً بصيارفة لبنان الذي انقضوا على هذا الشعب للقضاء على ما تبقى بالتلاعب بالصرف، واخذ قيمة العملة اللبنانية الى الحضيض.
امام هذا الوضع القاسي والمُعتم والمخيف، والطريقة التي تُتبع في انهيار البلد ! حتى وصلت تلك الحالة الى لقمة الناس.. وتجاوز كل الخطوط الحمر، واصبحت الامور تُنذر بالخطر الذي يؤدي الى ما لا تُحمل عقباه .. وربما تفاديه! وقد قُرعت اجراس الخطر محلياً واقليمياً وعالمياً، واصبحت الصورة قاتمة وغير سليمة، ولم يبق امام هذا الحاله الا المعجزة الالهية لِتُنقذ البشرية من أطماع وجشع من يتوالون على السلطة .. ونخص بالذكر هذا الوطن لبنان، الذي اتينا منه والذي نحب ونريد، بأن يرحمه برحمته الواسعة ويلطف بِهِ من قياديه أولاً ومن مُبغضيه ثانياً.
لا بُدّ من من النظر مليّاً مما آلت اليه الامور داخلياً والعمل على مداراتها بسرعة خوفاً من الانهيار الذي تتسارع وتيرته بحيث تأتي ساعة لا ينفع فيها الندم وينهار المعبد على رأس الجميع!
الى كل السارقين من مسؤولين وحكّام: لقد حان وقت الاستحقاقات المصيرية.. وربما تأتي النخوة من عالم الغيب بالبدء بأعادة ولو نسبة كبيرة من المسروقات والأموال التي استولوا عليها، واعادتها الى جيوب الناس، وخزينة الدولة التي نُهبت لتكون بدلاً عن نموذج طباعة العملة بدون قيمة! واسترجاع نسبة من نقود المودعين من جنى عمرهم، والتي صودرت لحسابات المسؤولين، وعيلهم واولادهم، وأودعت في صناديق مصارف اوروبا حيث لا أمان فيها بعد الأن، والتي اصبحت هذه الغنائم تساوي قيمة الصناديق التي وضعت فيها ! او انها مجرد أرقام تساوي قيمتها الرقمية على شاشات الكومبيوتر فقط!
الى كل من حكم البلد على طول الازمنة من ايام العصور التي مررنا بها.. من أمراء،و اقطاعيين، وعائلات، وبكوات، وشيوخ، وسادة، وأساتذة، و زعماء، وسلاطين وابواب عالية والى (ما .. هكذا دواليك وربمّا.. واذا.. ولكن.. وكيفما)… عذراً من الممثل صلاح السعدني بشخصية الحاج عزام في عمارة يعقوبيان).. لقد حان الوقت لكي ترحلوا مشكورين على ما خدمتم به هذا البلد، والذي أستسلم مقهوراً لجشعكم وطمعكم وحكمكم، الذي طال كثيراً والذي اصبح مُنتهي الصلاحية. هذه حالة يجب ان تنتهي الى غير رجعه، ولا رحمة عليها، ربما تُساعد في إفساح المجال لإنقاذ ما تبقى ! والعمل من قبل الأجيال الجديدة لرسم صورة جديدة لأجيالٍ قد تكتب تاريخاً بعنوانٍ جديد لمستقبلٍ اكثر وضوحاً لأبناء هذا الوطن الذين سيولدون فيه .. ولأبنائنا المنتشرين في اصقاع الارض اذا ما أُتيحت لهم فرصة العودة في يومٍ ما الى بلد الانتماء، للعيش في ربوعه التي هُجِّرنا منها قسرًا بسبب تلك الظروف التي تسببت بها تلك المجموعات التي حكمتنا بالحديد والنار والأفكار البالية والوهمية والشعارات البالية..وأقلها بأن لا نسمح مقيمين او مغتربين لأولاد هؤلاء الرعاع بأن يتحكّموا او ان يتعاملوا مع أولادنا بنفس الطريقة التي تعاملوا بها مع آبائنا او معنا لا سمح وقدّر الله.
الى ان يأتي هذا الفرج ..سنبقى نسأل المولى بأن يُزيح هذه الغيمة، وهذه الزمر الحاكمة من فوق رؤوسنا وان يأخذهم هم وكل الظالمين الى غير رجعه، على أمل بغدٍ افضل ان بقي هُناك غدُ لنا لنرى تلك الأحلام وهي تتحقق.
والله ولي التوفيق.