منوعات

كورونا ..الوجه الايجابي!

 

محمد صادق الحسيني
كورونا لم تأتنا لتقتل وتبيد …
إنَّما جاءت  لتُحّيي بداخلنا الأشياء التي إن لم تَمُت فقد تكون تحجّرت أو دخلت في سُباتٍ أبديّ عند البعض ومؤقت عند الآخرين ….
نعم ، جاءت لتحيي ضمير اﻷمة ،
جاءت لتوقظنا من غفلتنا ،
جاءت لترينا صغر حجمنا  ﻷننَّا عجزنا أن نُواجِه  ونرى جرثومة استطاعت أن تهدِّد  الكون بأكمله رغم صغر حجمها الَذي يكاد لا يُرى بالعين المُجرّدة ،
جاءت لتقول لنا إن هناك ربّاً غفلنا عن ذكره ،وهو القادر على استبدالنا في عشية وضحاها ، جرثومة بحجم ذرة  أوقفت العالم بأسره ولم تُقعدَهُ  ، شلَّت أركان دول وأمم ، اهتزَّت لها منصات العالم ، وتحرَّكت باسمها منظَّمات وجمعيَّات  ….
سمعت صرير أقلام الكتاب والفلاسفة …
كُنَّا  نظنّها مجرد فايروس ابتُليَ  به أقوام لم يعرفوا اﻹيمان والتحصين والتوكل على الله، ولمَّ يتذوَّقوا لذّةَ  القُرب من الله ،وكيف نحظى بالتنافُس  على مرضاته والثقه بحُبّه لنا عندما يُخضعنا لاختباراتِه لِكي نعود إليه وكي نعرف حكمة عِقابه لمن ابتعدَ عنهُ   كي يُذكّره بلِقائه.اقوام جعلوا سلطة الحكم والمال هي الأُولى وَالأَوْلَى في بلادهم ، فسلَّط الله عليهم جنداً من جنوده ،  الذي لا يعلمها إلاَّ هو ، أوقفت على إثرها مدارسهم و معابدهم ومصانعهم …
أما نحن ماذا حلّ بنا ؟
لقد أوقفت الكورونا أقدس مقدَّساتنا عن بكرة أبيها ، أوقفت أطهر بقاع اﻷرض حتّى عن أداءالفروض ليسَ إلاَّ ، والله إنّهُ لمُصابٌ جلَل ، تَهتزُّ لَهُ القلوب وتقّشعرُّ له اﻷبدان ،
هل أدركنا حجمَ مصابنا ؟
لو كانت  الكورونا فقط أنها أوقفت الطواف لساعات لكفى بنا من ألم ، مع كل هذا لم تدمع أعيننا ولم تهتز مشاعرنا ، أمسينا ونحن نتبادل اﻷخبار عن إغلاق الحرمين وكأننا نتحدث عن إغلاق "مول" تجاري ﻷمر طارئ ساعات وسيتم فتحه…
الكورونا كما اتَّضح ليست وباء للبشرية ، والله لنحن الوباء على هذه اﻷرض إن لم نستغفر ونتوب إلى الله ، والله سيستبدلنا وسيأتي بأقوام يستغفرون ويتوبون إليه.
كورونا إن لم توقظنا قد يكون ذاكَ آخِر اختِباراتنا إن لم نَنهَض  من ظُلم وظلمة ابتعادنا عن الله، ونوقظ أنفسنا من غفلتنا ولَهونا عن ديننا وآخِرتنا،وَإِلاَّ  فَوالله سنستيقظ  على ويل شديد ، نستيقظ وقد سُلب منَّا كلَّ مابقيَ من ديننا وقيَمَنا .
هي مجرد فايروس أخافَنا وقضَّ مضاجعنا ، فكيف بربّ الأرباب وملِك الملوك وسيّد الأسيادْ ربّ الحساب ؟
ألا يستحق أن نخافه ونتضرع إليه وتضجُّ مضاجعنا من كثرةِ ذُنوبنا  ليرحم ضعفنا .
كورونا إذا  ذهب ولم  يُوقِظ ضمائرنا ،فلنَكُن على يقين   أنَّنا  نحن الوباء  على هذه اﻷرض .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى