كورونا: احفظ نفسك ..تحفظ غيرك !
فجأة، ومن غير مقدمات، اكتسحت جرثومة كورونا العالم من أقصاه إلى ادناه بشكل مريع: اخترقت حدود الدول، واقتحمت البيوت التي كانت تبدو محصنة، وكشفت المستور في دول الصمت والذهب.
لم تعبأ بطبيعة الانظمة القائمة، ملكية وجمهورية، بدوية بالكوفية والعقال المذهب، ام جمهورية تعيش الفقر لان “السياسة” استولدتها واستولدت لها حدوداً و”سيادة” ترعاها الدول التي “استولدتها” لاسباب تتصل بمصالحها.
كشفت جرثومة الوباء (المستجد؟) هشاشة الحدود بين الدول ومعها هشاشة الانسان، بجسده على الاقل، وروحه بالاستطراد: سقط الرجال والنساء، رؤساء واميرات، شبانا وشابات.. فمن ميزات الامراض، لا سيما السارية منها، انها تُسقط الفروق الطبقية والالقاب المفخمة والمذهبة، وتذكر الناس في كل البلاد “أن الانسان قد خلق من طين” وأن كل من وُلد، في اسرة مالكة او لأهل من الفلاحين والاجراء، مصيره الموت “ولو كنتم في بروج مشَّيدة”.
لا حدود ولا سدود امام الوباء الذي قد يصدم الانسان الذي يجد نفسه فجأة واحداً من الناس، مثله مثل غيره، لا ينفعه رزق ولا مال، ونسب سامٍ او ثروة طائلة، وانه من الهشاشة بحيث قد تقتله بعوضة او ذبابة تنقل جرثومة الوباء.
كذلك فإنها كشفت أن الناس سواسية كأسنان المشط: الصيني والايطالي، الاميركي والبدوي، الياباني والمصري، الافريقي والسعودي، القطري والمحتل الاسرائيلي في فلسطين، فلقد “خًلق الانسان من علق…”
إن انتشار هذا الوباء امتحان لإنسانية الدول، لا سيما الكبرى، بقاداتهم وحكوماتهم، والنموذج الأسمى في هذا المجال هو رئيس أكبر دولة في العالم: الصين، واسمه شي جين بينغ الذي ذهب إلى حيث ظهر الوباء، اول مرة، وقد ارتدى القناع الواقي ليؤكد انه “انسان” كأي انسان آخر معرض للوباء، ولكنه “مسؤول” تفرض عليه مسؤولية قيادة للمليار صيني أن يظهر حرصه على مواطنيه، وان يقدم النموذج للقدرة على مواجهة هذا الداء، وبالتالي: على الانتصار عليه!
*عن موقع السفير